أهمية رعاية الجار في الإسلام

مقال عن أهمية حقوق الجار في الإسلام، يتناول مكانة الجار في الشريعة الإسلامية وواجبات المسلم تجاه جيرانه، مع التركيز على النصوص القرآنية والأحاديث النبوية التي تحث على الإحسان إلى الجار.

تمهيد

الحمد لله، خالق الوجود، ومُحيي الأموات، ومُرسل الغيث، نحمده ونستعينه ونستغفره. ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا. من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له. الحمد لله الذي حضّنا على الإحسان إلى الجار، وبيّن لنا حقوقه، ونهانا عن الإساءة إليه. نشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمداً عبده ورسوله.

التأكيد على التقوى

إخوة الإسلام، أوصيكم ونفسي بتقوى الله عز وجل، فهي خير زاد، وأدعوكم إلى التمسك بأوامره واجتناب نواهيه. قال تعالى:(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا).

القسم الأول

أيها المسلمون، إن من الأمور العظيمة التي أولاها الإسلام اهتماماً بالغاً هي حقوق الجار، فقد وردت النصوص الشرعية المتعددة التي تؤكد على هذه الحقوق. فقد كان جبريل -عليه السلام- يوصي النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- بالجار حتى ظن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه سيورثه، فقد قال -عليه الصلاةُ والسلام-:(ما زالَ يُوصِينِي جِبْرِيلُ بالجارِ، حتَّى ظَنَنْتُ أنَّه سَيُوَرِّثُهُ). وهذا يدل على عظم حق الجار وأهميته في ديننا الحنيف.

لقد كان العرب في الجاهلية يفتخرون بحسن جوارهم، ويعتبرونه من مكارم الأخلاق، وعندما جاء الإسلام أقر هذه الخصلة الحميدة وحث عليها. فلا فرق في الإحسان إلى الجار بين أن يكون مسلماً أو غير مسلم، فالحقوق محفوظة للجميع.

لقد وردت أحاديث كثيرة تدل على أهمية رعاية الجار، منها ما ورد في الحديث الصحيح الذي ينفي الإيمان عمن يؤذي جاره، فقد قال -صلى الله عليه وسلم-:(واللَّهِ لا يُؤْمِنُ، واللَّهِ لا يُؤْمِنُ، واللَّهِ لا يُؤْمِنُ. قيلَ: ومَن يا رَسولَ اللَّهِ؟ قالَ: الذي لا يَأْمَنُ جارُهُ بوائقه). وهذا وعيد شديد يدل على خطورة الإساءة إلى الجار.

كما حث النبي -صلى الله عليه وسلم- على إكرام الجار، فقال:(مَن كانَ يُؤْمِنُ باللَّهِ والْيَومِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا، أوْ لِيصْمُتْ، ومَن كانَ يُؤْمِنُ باللَّهِ والْيَومِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ جارَهُ، ومَن كانَ يُؤْمِنُ باللَّهِ والْيَومِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ). وهذا يدل على أن إكرام الجار من علامات الإيمان.

وقد أمرنا الله تعالى بالإحسان إلى الجار سواء كان قريباً أو بعيداً، فقال:(وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا).

ومن حقوق الجار: حفظ سره، وعدم التجسس عليه، وإهدائه من الطعام، وزيارته عند المرض، ومواساته في الحزن، وتهنئته في الفرح، والوقوف بجانبه في السراء والضراء. وعلى المسلم أن يتغاضى عن هفوات جاره، وأن يستر عيوبه، وأن لا يتطلع إلى عوراته.

القسم الثاني

الحمد لله الذي يسّر الأمور، وأزال الكروب، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله. أما بعد:

عباد الله، الجار في الشرع هو كل من جاورك سواء كان مسلماً أو غير مسلم، قريباً أو بعيداً. وتزداد الحقوق بحسب القرب والجوار. ويشمل الجوار السكن والتجارة والسفر وغير ذلك.

تتمحور حقوق الجار حول كف الأذى عنه بشتى أنواعه، وحمايته في ماله وعرضه، والإحسان إليه بكل ما تستطيع. فالإساءة إلى الجار من أعظم الذنوب.

وصلّى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

الدعاء

اللهم اجعلنا من المحسنين إلى جيرانهم، والمتلطفين بعبادك. اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار. اللهم إنا نعوذ بك من الكفر والفقر وعذاب القبر وفتنة المحيا والممات وشر فتنة المسيح الدجال. اللهم إنك عفو كريم تحب العفو فاعف عنا. اللهم إنا نسألك من خير ما سألك به عبدك ونبيك محمد -صلى الله عليه وسلم-، ونعوذ بك من شر ما استعاذ به عبدك ونبيك محمد -صلى الله عليه وسلم-. اللهم إنا نسألك الجنة وما قرب إليها من قول أو عمل، ونعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول أو عمل.

عباد الله، إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى، وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي، يعظكم لعلكم تذكرون. وأستغفر الله العظيم لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم، سبحان رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.

المصادر

  1. سورة النساء، آية:36
  2. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:6014، صحيح.
  3. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبو شريح العدوي خويلد بن عمرو، الصفحة أو الرقم:6016، صحيح.
  4. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبو هريرة ، الصفحة أو الرقم:47، صحيح.
Total
0
Shares
المقال السابق

موعظة وجيزة حول الصلاة

المقال التالي

كلمات في فضل يوم الجمعة وآدابها

مقالات مشابهة