أهمية دراسة علم النحو

جدول المحتويات

أهمية علم النحو في فهم كلام الله تعالى

يُعدّ علم النحو ركيزة أساسية لفهم القرآن الكريم، فهو يحفظ النص القرآني من التحريف والخطأ في المعنى. فبفضل قواعده، نستطيع تحليل الآيات وفهمها بدقة، مما يمنع اللحن أو التحريف. كما قال مكي بن أبي طالب: “بمعرفة حقائق الإعراب تُعرَف أكثر المعاني، فتظهر الفوائد، ويُفهَم الخِطاب، ويَصحُّ معرفة حقيقة المُراد”. والقرآن الكريم أنزل باللغة العربية (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا)،[١] وبالتالي، تُعتبر علوم اللغة، وعلى رأسها علم النحو، أدوات أساسية لفهمه وتفسيره الصحيح. فالنحو يُحدد صحة الكلام ويساعد على القراءة السليمة، مما يُمكّن القارئ من استيعاب مقاصد الآيات كاملةً. [٢]

يُوضح ابن عطية ارتباط النحو الوثيق بعلم التفسير، قائلاً: “لأنّه بذلك تقوم معانيه التي هي في الشّرع”. فحتى حركة واحدة في الكلمة قد تُغيّر المعنى بشكل جذري، وقد تؤدي في بعض الحالات إلى تغيير المعنى إلى نقيضه تماماً. مثال ذلك قوله تعالى:(إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ)،[٣] حيث أن نصب “العُلماءَ” ورفع “اللهُ” يُغير المعنى بشكل كارثي.

دراسة النحو وفهم أحاديث النبي ﷺ

يُساعد علم النحو على فهم الأحاديث النبوية الشريفة، كما أكد النبي ﷺ على أهمية فهمه وتعلّمه. فقد قال النبي ﷺ عند سماع خطأ في القراءة: (أَرْشِدُوا أَخَاكُم). وهذا يُظهر اهتمام الرسول ﷺ بدقة الكلام وصحته. وقد أشار العديد من الأئمة إلى ضرورة تعلم النحو، فالشعبي قال: “النّحو في العِلم، كالملحِ في الطّعام، لا يُستغنى عنه”، ووكيع قال: (أتيتُ الأعمش أسمع منه الحديث، وكنتُ ربما لحَنْتُ. فقال لي: يا أبا سفيان تركت ما هو أولى بك من الحديث. فقلت يا أبا محمد وأي شيء أولى من الحديث؟ فقال: النحو).

فالحركة الإعرابية في الأحاديث قد تُغير المعنى جذرياً. مثلاً، في الحديث النبويّ:(رُوَيدًا أيُّها النَّاسُ، عليكم السَّكينةَ؛ فإنَّ البِرَّ ليس بالإيضاعِ)[٩]، فإنّ ضمّ التاء المربوطة في كلمة “السَّكينةُ” يُفسد المعنى المقصود.

دور النحو في حماية اللغة العربية

يُحافظ علم النحو على اللغة العربية ويُحميها من الفساد والتحريف، فهو يُساعد على فهم التراث الثقافي العربيّ والحفاظ على أصالة الكلام العربيّ. فهو يُبعد اللحن ويُصون اللسان العربيّ من دخول الكلمات العجمة، ويُمكّن من تصحيح النطق العربيّ الفصيح. حتى تحريف حرف واحد في بيت شعر قد يُغير المعنى تماماً. فمثلاً، في بعض أبيات الشعر، يعتمد المعنى على الفرق بين النهي والنفي، والذي لا يُمكن فهمه بدقة إلا من خلال دراسة علم النحو.

التمييز بين المعاني من خلال علم النحو

يُحدد علم النحو العلاقات بين الكلمات في الجملة، وكذلك العلاقات بين الجمل في النص. وهذا يجعله أداةً أساسية في الدراسات اللغوية التي تبحث في المعاني المتشابهة والمتداخلة. فالمعنى الواحد للكلمة قد يختلف باختلاف حركاته الإعرابية. مثلاً، جملة (أكرم النّاس أحمد) تختلف معناها باختلاف الحركات الإعرابية: أكرمَ النّاسُ أحمدَ، أكرمَ النّاسَ أحمدُ، أكرمُ النّاسِ أحمدُ، أكرمِ النّاسَ أحمدُ.

الكشف عن دلالات اللغة العربية

يُكشف علم النحو عن دلالات الكلمات والمعاني، مُمكّناً القارئ من فهم المعنى المراد من النص، سواءً كان هذا النص من القرآن الكريم أم غيره. فاللغة العربية غنية بالمعاني والدلالات، وعلم النحو يُساعد على فهم هذه الدلالات بدقة. كما أشار السكاكي في كتابه “مفتاح العلوم” إلى أهمية “كيفيّة التّركيب”، فالتقديم والتأخير في الكلمات يُغيّر المعنى. كما أشار الجرجاني في كتابه “دلائل الإعجاز” إلى ارتباط علم النحو بعلمي الدلالة والبلاغة، مُشيراً إلى نظرية “النّظم” التي تربط صحة الكلام بمعاني النحو وأحكامه.

ما هو علم النحو؟

كلمة “نحو” مشتقة من الفعل “نحا”، بمعنى قصد الشيء. والنحو هو الطريق الصحيح للوصول إلى المعنى. وقد أشار الأزهري إلى أن اليونانيين كانوا يسمون من يُتقن اللغة “نحويّاً”. وأبو الأسود الدؤلي، عند وضع قواعد اللغة، قال: “انحوا نحوه”، أي اقصدوه، فسمي نحواً. وفي الاصطلاح، يُعرف النحو بأنه العلم الذي يبحث في تراكيب اللغة العربية من حيث صحتها وفسادها.