العلم نور وهداية
المعرفة هي الأساس الذي تقوم عليه الأمم، وهي التي ترفع شأنها بين الدول. بالعلم نرتقي ونسمو، وبالبحث والاجتهاد نصل إلى أعلى المراتب. الأمم التي جعلت العلم منهجًا لها كانت دائمًا في المقدمة. العلم ليس مجرد معلومات، بل هو ثقافة وفكر، وأمل وعمل. هو نظري وتطبيقي، فلسفات تسبقها تساؤلات، وتجارب تؤكد النظريات. العلم شرف ورفعة للإنسان في الدنيا والآخرة.
انعكاسات المعرفة على الحياة الإنسانية
للمعرفة تأثير عميق على حياة البشر، فقد أحدثت ثورة في أساليب العيش من خلال الاختراعات والتقنيات الحديثة. الأقمار الصناعية، الحواسيب، السيارات، الطائرات، والتلفزيون، كلها أمثلة على كيف سهلت المعرفة حياتنا وجعلتها أكثر مرونة. على سبيل المثال، أصبح السفر عبر الحدود ممكنًا في وقت قصير بفضل الطائرات.
كما ساهم العلم في اكتشاف مصادر مهمة للطاقة. أجرى علماء الفيزياء أبحاثًا على الذرة وتمكنوا من تطوير الطاقة النووية. كذلك، أدت المعرفة إلى تطوير إنتاج المحاصيل الزراعية، من خلال اكتشاف أنواع جديدة من النباتات تتناسب مع الظروف المختلفة، وابتكار أسمدة متطورة.
ولم يقتصر الأمر على ذلك، بل ساهم العلم في اختراع أدوية متطورة ومضادات حيوية للأمراض المعدية، بالإضافة إلى تطوير تقنيات جراحية حديثة، وابتكار أجهزة وآلات تقوم بوظائف أعضاء الجسم، مثل الكلية والقلب والرئة، وذلك بفضل دراسة علم التشريح ووظائف الأعضاء.
تأثير المعرفة في الفكر الفلسفي
غيرت المعرفة الطريقة التي ينظر بها البشر إلى أنفسهم وإلى العالم. في الماضي، كان الناس يعتقدون أن الظواهر الطبيعية هي نتيجة للأرواح، وأن الأرواح الشريرة تسبب الأمراض.
ساهم العلم في تطوير الفكر الفلسفي حول طبيعة الإنسان وموقعه في الكون. كما غير العلم وجهات النظر الفلسفية حول طبيعة الواقع، مثل النظرية النسبية التي غيرت العديد من الأفكار المتعلقة بالمكان والزمان والكتلة والحركة، وصححت النظريات العلمية الكثير من الأفكار الخاطئة.
المعرفة حياة ونماء
المعرفة هي الأساس الذي يميز الهدى من الضلال. من خلال العلم، يمكن للمرء أن يتعرف على أسباب رضا الله تعالى وثوابه العظيم في الدنيا والآخرة، والأفعال التي تنجيه من غضب الله. العلم هو الأساس لكل العبادات، فامتلاك العلم الكافي يمكن الإنسان من أداء العبادات على أكمل وجه، بحيث تكون خالصة لوجه الله تعالى.
العلم يعرف الإنسان بما يدفع به كيد الشيطان والأعداء والحاقدين، وينجيه من الفتن، ويعرف الأمة بسبيل رفعتها وعزتها، والسبيل الذي تنجو به من مكر الأعداء. للعلماء منزلة عالية عند الله كما جاء في القرآن الكريم، والعلم يعرف العبد بخالقه وأسمائه الحسنى وأحكامه وصفاته وأثر هذه الصفات في الخلق.
يدلُّ العلم صاحبه على مَحاسن الآداب، وشريف الخِصال، وآثارها، وفَضلِها، ويُجنِّبه الخِصال القبيحة، والسيِّئة؛ لما تَعلَّمه من قُبْح عاقبتها، وسُوء آثارها، وهو من أفضل القربات التي يتقرب بها الإنسان إلى ربّه -جلّ وعلا-.
قال تعالى: “يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ ۚ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ” (المجادلة: 11).
وقال صلى الله عليه وسلم: “من سلك طريقا يطلب فيه علما سلك الله به طريقا من طرق الجنة وإن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضا بما يصنع وإن العالم ليستغفر له من في السموات ومن في الأرض والحيتان في جوف الماء وإن فضل العالم على العابد كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب وإن العلماء ورثة الأنبياء وإن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما ورثوا العلم فمن أخذه أخذ بحظ وافر”. رواه الترمذي