أهمية المحبة في الله وثمارها

نصائح وإرشادات حول أهمية المحبة والإخاء في الإسلام، وثمراتها العظيمة في الدنيا والآخرة.

تمهيد

الحمد لله رب العالمين، نحمده حمدًا يليق بجلال وجهه وعظيم سلطانه، ونثني عليه الخير كله. الحمد لله الذي هدانا للإسلام، وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، خاتم الأنبياء والمرسلين، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

الحث على خشية الله

أوصي نفسي وإياكم بتقوى الله عز وجل في السر والعلن، فالتقوى هي خير زاد ليوم المعاد. إنّ تقوى الله هي سبيل النجاة والفلاح في الدنيا والآخرة، وهي وصية الله للأولين والآخرين. قال الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ﴾ [آل عمران: 102]. فلنجعل التقوى شعارنا في كل أقوالنا وأفعالنا، لنسعد في الدارين.

الإضاءة الأولى

أيها الإخوة الكرام، حديثنا اليوم يدور حول قيمة عظيمة في ديننا الحنيف، ألا وهي المحبة في الله. هذه المحبة ليست كأي محبة أخرى، إنها محبة سامية، هدفها رضا الله عز وجل، والتقرب إليه بالطاعات والأعمال الصالحة. إنّ المحبة القائمة على المصالح الدنيوية هي محبة زائلة، تنتهي بانتهاء المصلحة. أما المحبة في الله فهي باقية، مستمرة، تزداد رسوخًا مع مرور الأيام. النبي صلى الله عليه وسلم حثنا على إظهار المحبة لإخواننا، فقال: “إذا أحبَّ أحدُكمْ صاحِبَه فلْيأْتِه في مَنزِلِه، فلْيُخبِرْه أنَّهُ يُحِبُّه للهِ”. هذه السنة النبوية العظيمة، التي قد غفل عنها الكثيرون في زماننا، لها أثر عظيم في توثيق الروابط بين المسلمين، وفي جلب محبة الله عز وجل.

يا عباد الله، للمحبة في الله ثمرات جليلة، يقطفها المسلم إذا أحسن هذه المحبة، وجعلها خالصة لوجه الله الكريم. من بين هذه الثمرات:

  • علامة الإيمان: المحبة في الله هي دليل على صدق إيمان العبد، وعمق صلته بالله. وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم عظم شأن المحبة في الدين بقوله: “لا تَدْخُلُونَ الجَنَّةَ حتَّى تُؤْمِنُوا، ولا تُؤْمِنُوا حتَّى تَحابُّوا، أوَلا أدُلُّكُمْ علَى شيءٍ إذا فَعَلْتُمُوهُ تَحابَبْتُمْ؟ أفْشُوا السَّلامَ بيْنَكُمْ”.
  • محبة الله: المحبة في الله هي سبب لنيل محبة الله ورضوانه. ففي الحديث القدسي يقول الله تعالى: “وجبَتْ مَحبَّتي للمتحابِّينَ فيَّ، والمتجالسينَ فيَّ، والمتباذِلينَ فيَّ، والمتزاوِرينَ فيَّ”.
  • الحشر مع الأحبة: المحبة في الله هي سبب ليحشر المرء مع من يحب في الآخرة. فقد سأل رجل النبي صلى الله عليه وسلم: “يا رسولَ اللهِ، الرَّجُلُ يُحِبُّ القَومَ ولم يَبلُغْ عمَلَهم؟ فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: المَرءُ مع مَن أَحَبَّ، قال حسَنٌ: أعمالَهم، قال: المَرءُ مع مَن أَحَبَّ، قال ثابتٌ: فكان أنسٌ إذا حَدَّثَ بهذا الحديثِ قال: اللَّهمَّ فإنَّا نُحِبُّك، ونُحِبُّ رسولَك”.
  • الظل يوم القيامة: المتحابون في الله ينالون رحمة الله، ويظلهم الله في ظله يوم القيامة، يوم لا ظل إلا ظله. قال النبي صلى الله عليه وسلم: “إنَّ اللَّهَ يقولُ يَومَ القِيامَةِ: أيْنَ المُتَحابُّونَ بجَلالِي، اليومَ أُظِلُّهُمْ في ظِلِّي يَومَ لا ظِلَّ إلَّا ظِلِّي”.

أستغفر الله لي ولكم، فاستغفروه إنه كان غفورًا رحيمًا. ﴿إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾ [الزمر: 53].

الإضاءة الثانية

الحمد لله حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.

أيها الأحبة في الله، إنّ المحبة في الله تقتضي منا أن نراعي حقوق إخواننا، وأن نكون لهم عونًا وسندًا في الشدائد. كما تتطلب منا أن نعينهم على قضاء حوائجهم، وأن نستر عيوبهم، وأن نفك كرباتهم. فلنحرص على تفقد أحوال من نحب في السراء والضراء، وفي الصحة والمرض، لننال عفو الله ورضوانه ومغفرته.

نسأل الله العلي القدير أن يجعلنا من المتحابين فيه، وأن يجمعنا في جنات النعيم. آمين يا رب العالمين.

الابتهال إلى الله

﴿رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ﴾ [الحشر: 10].

“اللهمَّ إنِّي أسألُك من الخيرِ كلِّه عاجلِه وآجلِه ما علِمتُ منه وما لم أعلمُ، وأعوذُ بك من الشرِّ كلِّه عاجلِه وآجلِه ما علِمتُ منه وما لم أعلمُ، اللهمَّ إنِّي أسألُك من خيرِ ما سألَك به عبدُك ونبيُّك، وأعوذُ بك من شرِّ ما عاذ به عبدُك ونبيُّك، اللهمَّ إنِّي أسألُك الجنةَ وما قرَّب إليها من قولٍ أو عملٍ، وأعوذُ بك من النارِ وما قرَّب إليها من قولٍ أو عملٍ ، وأسألُك أنْ تجعلَ كلَّ قضاءٍ قضيتَه لي خيرًا”.

﴿رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ ۖ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا﴾ [الفرقان: 65].

أحبّتي في الله؛ إنَّ الله يأمرُ بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى، وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي، يعظكم لعلكم تذكرون، ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون، وأقم الصلاة.

المراجع

  • ابن القيم،كتاب فتيا في صيغة الحمد
  • عبد القادر شيبة الحمد،كتاب فقه الإسلام شرح بلوغ المرام
Total
0
Shares
اترك تعليقاً
المقال السابق

وصف الجنة و بهجتها للمتقين

المقال التالي

التأمل في نعمة الشكر و فضائلها

مقالات مشابهة