تقديم عن التكافل
التكافل هو سِمَةٌ من السِّمات النبيلة التي حضّ عليها ديننا الحنيف، وشجّع عليها بأساليب متنوعة. وهو قيمة إنسانية عظيمة تدل على الترابط والتراحم بين أفراد المجتمع. وهو ليس مجرد عمل خيري عابر، بل هو نظام متكامل يهدف إلى تحقيق العدالة الاجتماعية والاقتصادية. التكافل هو أساس بناء مجتمع قوي ومتماسك، وقادر على مواجهة التحديات والصعاب.
التكافل مشتق من الفعل كَفَلَ، ويعني الضمان والتحمّل بالمسؤولية. وفي الاصطلاح، يعني تقديم العون والمساعدة للآخرين، سواء كان ذلك بالمال أو بالجهد أو بالنصيحة، بقصد تخفيف معاناتهم وتحقيق مصالحهم المشتركة. هو نوع من المشاركة الإيجابية بين أفراد المجتمع، بحيث يتحمل كل فرد جزءًا من المسؤولية تجاه الآخرين.
وقد حثّنا الله تعالى على هذا الخُلُق الرفيع في كتابه الكريم، فقال: “وتعاونوا على البِّر والتَّقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان”. هذه الآية الكريمة ترسم لنا الطريق القويم للتعامل مع الآخرين، وتحثنا على أن نكون عونًا لبعضنا البعض في كل ما هو خير وصلاح، وأن نبتعد عن كل ما هو شر وفساد.
كما أن التكافل ليس مقتصرًا على الإنسان فقط، بل هو موجود في عالم الحيوان أيضًا، حيث نجد العديد من الأمثلة على التعاون والتآزر بين الحيوانات من أجل البقاء والتكاثر. وهذا يدل على أن التكافل هو قانون طبيعي يسري على جميع الكائنات الحية.
وقد بين الرسول صلى الله عليه وسلم فضل التكافل وأهميته في تحقيق الخير للمجتمع، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال صلى الله عليه وسلم: (إنّ الله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه).
المزايا العائدة من التكافل
التكافل بين أفراد الأسرة الواحدة وبين أفراد المجتمع يعود بالنفع والخير على جميع الأفراد. فمن فوائده:
- تقوية الروابط الاجتماعية وزيادة التماسك والتآزر بين الأفراد.
- زيادة كفاءة العمل المنجز وتحقيق البركة فيه، فالمثل يقول “يد واحدة لا تصفق”.
- تقليل الوقت اللازم لإتمام العمل وإمكانية إنجاز أكثر من عمل في الوقت نفسه.
- التغلب على الأنانية وحب الذات، فالتكافل يجعل الإنسان يؤثر مصلحة الجماعة على مصلحته الشخصية.
- المشاركة مع الآخرين وتخفيف آلامهم ومعاناتهم ومساعدتهم على تجاوز صعوبات الحياة بسلام وأمان.
- من يفعل الخير والمعروف يجزى به وهل جزاء الإحسان إلا الإحسان، فالخير سوف يرد إليك لا محال.
- تقليل الطلب على بعض السلع والأدوات التي يمكن استعارتها من الآخرين ثم إرجاعها، فيتم بذلك توفير المال واستخدامه في شراء الأساسيات.
- إدخال الفرح والسرور على النفس أولًا بتقديم العون للمحتاجين أو المشاركة مع الأهل في أعمالهم، وثانيًا إدخال الفرح على الآخرين لمساعدتهم في إنجاز أعمالهم المنوطة بهم.
المصادر
- صحيح مسلم، عن أبو هريرة رضي الله عنه، الصفحة أو الرقم: 2699، صحيح.
- د. شريف فوزي سلطان، “التكافل مع الآخرين”، alukah
- businessdictionary
- dorar.net
التكافل بين البشر
الإنسان كائن اجتماعي بطبعه، ولا يمكنه العيش بمعزل عن الآخرين. فهو بحاجة إلى التعاون والتكاتف مع غيره لتحقيق مصالحه وتلبية احتياجاته. التكافل هو أساس العلاقات الاجتماعية السليمة، وهو الذي يضمن استقرار المجتمع وتقدمه.
قد يتطور التكافل ليشمل إنشاء مؤسسات وجمعيات تعاونية، تهدف إلى تقديم خدمات مجانية أو شبه مجانية للفئات الأكثر احتياجًا في المجتمع، مثل الفقراء والأيتام والأرامل وذوي الدخل المحدود. هذه المؤسسات والجمعيات تلعب دورًا هامًا في تحقيق العدالة الاجتماعية وتوفير حياة كريمة للمحتاجين.
التكافل يتجلى في صور مختلفة، منها: مساعدة المحتاجين، وإغاثة الملهوفين، وزيارة المرضى، ومواساة المصابين، وإعانة الضعفاء، والدفاع عن المظلومين، ونشر العلم والمعرفة، والدعوة إلى الخير، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. كل هذه الأعمال تدخل في إطار التكافل الاجتماعي، وتساهم في بناء مجتمع قوي ومتراحم.
التكافل ليس مقتصرًا على الجانب المادي فقط، بل يشمل الجانب المعنوي أيضًا. فتقديم الدعم النفسي والمعنوي للآخرين، وتشجيعهم على تجاوز الصعاب، وإدخال السرور على قلوبهم، كلها أعمال تدخل في إطار التكافل الاجتماعي، وتساهم في تعزيز الروابط الاجتماعية وتقوية النسيج المجتمعي.