أهمية التعبير عن الرأي: ركن أساسي في المجتمعات الحرة

جدول المحتويات

بزوغ فجر حرية التعبير

لم تظهر حرية التعبير بشكل مفاجئ، بل تطورت عبر مراحل تاريخية طويلة. في المملكة المتحدة، بدأت بوادرها تتبلور بعد الثورة التي أطاحت بالملك جيمس الثاني عام 1688، وتنصيب الملك وليام الثالث والملكة ماري الثانية. وفي العام التالي، أصدر البرلمان البريطاني قانون “حرية الكلام في البرلمان”. أما في فرنسا، فجاءت الثورة الفرنسية عام 1789 حاملة معها إعلان حقوق الإنسان والمواطن، الذي نصّ صراحةً على أن حرية التعبير جزء لا يتجزأ من حقوق المواطن. وفي الولايات المتحدة، كانت هناك محاولات مماثلة في تلك الفترة، إلا أنها لم تكلل بالنجاح بشكل كامل في ذلك الوقت.

يُعتبر الفيلسوف جون ستيوارت ميل من أبرز المدافعين عن حرية التعبير، حيث قال: (إذا كان كل البشر يمتلكون رأياً واحداً، وكان هناك شخص واحد فقط يملك رأياً مخالفاً فإنّ إسكات هذا الشخص الوحيد لا يختلف عن قيام هذا الشخص الوحيد بإسكات كل بني البشر إذا توفرت له القوة).

أهمية التعبير عن الرأي في بناء المجتمعات

تُعد حرية التعبير ركيزة أساسية في أي مجتمع ديمقراطي سليم. فهي لا تقتصر على حقّ الفرد في التعبير عن آرائه، بل تمتدّ لتشمل دوره الفعّال في صنع القرارات المصيرية التي تؤثر على حياته ومجتمعه. يبرز ذلك بوضوح في ميثاق الأمم المتحدة، حيث تُعتبر حرية الرأي والتعبير مرتبطةً بشكل وثيق بأهداف الأمم المتحدة، بما في ذلك حفظ السلام والأمن الدوليين. هذا يبرز أهمية هذه الحرية عالميًا وضرورتها في بناء مجتمعات مزدهرة.

لكن يجب التأكيد على أن حرية التعبير ليست مطلقة، بل تخضع لبعض الضوابط والقيود لضمان عدم انتهاك القوانين الوطنية، أو الأعراف الاجتماعية، أو حقوق الآخرين. الهدف هو تحقيق التوازن بين حرية التعبير وحماية المجتمع من أي أذى.

ركائز حماية حرية التعبير

تتطلب حماية حرية التعبير وجود عناصر أساسية، منها:

• حرية تكوين الآراء الشخصية دون أي تدخل خارجي.
• حرية تلقي ونشر المعلومات والأخبار، بما في ذلك حرية الكلام والإعلام عبر مختلف الوسائل (الصوتية، المرئية، المكتوبة). هذه الحرية تتجاوز الحدود الجغرافية.

باختصار، حرية التعبير ليست مجرد حقّ، بل هي مسؤولية تُسهم في بناء مجتمعات عادلة وشفافة، وتُشجع على التطور والازدهار. حمايتها وتعزيزها يُعدّ من أهمّ واجبات الحكومات والمؤسسات المجتمعية على حدٍّ سواء.