فهم الاستعارة التصريحية: تعريف وأنواع
تُعدّ الاستعارة من أبرز الأساليب البلاغية في اللغة العربية، وهي تشبيه مختصر يُحذف إحدى أجزائه. ويتمّ الاستعاضة عن المشبه بالمشبه به، مُوَضّحاً العلاقة المتشابهة بينهما. وتنقسم الاستعارة بشكل رئيسي إلى نوعين: تصريحية ومكنية. سيتناول هذا المقال شرحاً واضحاً للاستعارة التصريحية مع أمثلة متنوعة.
والاستعارة التصريحية، كما يدلّ اسمها، هي تلك التي يُصَرّح فيها بلفظ المشبه به، مباشرةً دون أيّ غموض. أما الاستعارة المكنية فهي التي يُحذف فيها المشبه به، ويتمّ التعبير عنه بإحدى دلالاته أو لوازمه.
أمثلة من كلام الله تعالى
يُعتبر القرآن الكريم مصدراً غنياً بالاستعارات التصريحية البليغة. ففي قوله تعالى: (كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ)،[١] نجد استعارةً تصريحيةً تُشَبِّه الكفر والضلال بالظلمات، والإيمان والهداية بالنور. فهنا لم يُقَال إنّ الكفر كَالظُّلَمَاتِ بَل قيل بكلّ وضوح إنّه ظُلَمَاتٌ.
مثال آخر في قوله تعالى: “اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ”.[٤] هنا شُبِّهَ الدين بِالطَّريقِ، ووجهُ الشَّبَهِ هو أنَّ كُلّاً يُوصِلُ إلى غايةٍ مُحدّدة. وقد استُعير لفظُ الطَّريقِ (الصراط) ليُشير إلى المشَبَّهِ المُحذوفِ وهو الدين.
أمثلة من شعر العرب: بحر من المعاني
يُبرز شعرُ العرب براعةً فائقةً في استخدام الاستعارة التصريحية. ففي وصف المتنبي لدخول رسولِ الرومِ على سيفِ الدولةِ الحمداني:
وأقبل يمشي في البساط فما درى
إلى البحر يسعى أم إلى البدر يرتقي
شَبَّهَ المتنبي سيفَ الدولةِ بالبحرِ لِكَثْرَةِ عطائه، ثم استعير لفظُ البحرِ ليُعبِّر عن سيفِ الدولةِ. كما شَبَّهَهُ بالبدرِ لِرُفْعَتِهِ، واستعير لفظُ البدرِ لِلنَّفسِ المعنى.
ويُضرب مثالاً آخر، قول الشاعر في وصف سفينة: “كل زنجية كأن سواد اللَيل أهدى لها سواد الإهاب”. فشُبِّهَت السفينة بزنجية، ووجه الشبه هو السواد. واستُعير المشبه به (زنجية) للدلالة على المشبه (سفينة). كما شُبِّهَ طلاء السفينة بالإهاب، ووجه الشبه أن كليهما يستر ما تحته.
أمثلة أخرى من الشعر والنثر
تُعدّ الأمثلة على الاستعارة التصريحية لا حصر لها، فهي تتغلغل في ثنايا اللغة العربية بشكل واسع. إليك بعض الأمثلة الأخرى:
- وصفُ الشَّاعرِ للموسى بقوله: “إذا لمع البرق في كفه، أفاض على الوجه ماء النعيم”. شُبِّه الموسى بالبرق لوجه الشبه وهو اللمعان.
- وصف الكتب بقول الشاعر: “لنا جلْساء لا نمل حديثهم، ألباب مأمونون غيباً ومشهَد”. شُبِّهت الكتب بالجلْساء لوجه الشبه وهو الاستفادة.
- وصف أشعة الشمس بقول الشاعر: “رأيت حبال الشمس كفّة حابل، تُحيط بنا من أشمل وجنوب”. شُبِّهت أشعة الشمس بالحبال لوجه الشبه وهو الاستطالة والامتداد.
- وصف المتنبي لسادات مصر والأشرار في قوله: “نامت نواطير مصر عن ثعالبها، وقد بشمن وما تفنى العناقيد”. شُبِّه سادات مصر بالنواطير والأشرار بالثعالب.
المراجع
[١] سورة إبراهيم، آية:1 [٤] سورة الفاتحة، آية:6(المصادر الأخرى يمكن إضافتها هنا مع ذكر المؤلف واسم الكتاب والصفحة)
جدول المحتويات
الموضوع | الرابط |
---|---|
فهم الاستعارة التصريحية: تعريف وأنواع | #تعريف_الاستعارة |
أمثلة من كلام الله تعالى | #امثلة_القران |
أمثلة من شعر العرب: بحر من المعاني | #امثلة_الشعر |
أمثلة أخرى من الشعر والنثر | #امثلة_اخرى |
المراجع | #المراجع |