فهرس المحتويات
الموضوع | الرابط |
---|---|
المسلم كالنخلة: رمزٌ للثباتِ والإثمار | الفقرة الأولى |
أمثالٌ فاكهيةٌ: القرآنُ والأخلاقُ | الفقرة الثانية |
المؤمنونَ كالجسدِ الواحد: وحدةٌ وتضامنٌ | الفقرة الثالثة |
المسلم كالنخلة: رمزٌ للثباتِ والإثمار
يُظهر هذا الحديث الشريفُ بُراعةَ رسول الله – صلى الله عليه وسلم – في استخدام التشبيه، حيثُ شَبَّهَ المسلمَ بشجرةٍ لا تسقطُ أوراقُها. ففي روايةٍ عن عبد الله بن عمر – رضي الله عنهما – قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: (إنَّ مِنَ الشَّجَرِ شَجَرَةً لا يَسْقُطُ ورَقُهَا، وهي مَثَلُ المُسْلِمِ، حَدِّثُونِي ما هي؟ فَوَقَعَ النَّاسُ في شَجَرِ البَادِيَةِ، ووَقَعَ في نَفْسِي أنَّهَا النَّخْلَةُ).[١] (قَالَ عبدُ اللَّهِ: فَاسْتَحْيَيْتُ، فَقالوا: يا رَسولَ اللَّهِ، أخْبِرْنَا بهَا؟ فَقَالَ رَسولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ-: (هي النَّخْلَةُ)، قَالَ عبدُ اللَّهِ: فَحَدَّثْتُ أبِي بما وقَعَ في نَفْسِي، فَقَالَ: لَأَنْ تَكُونَ قُلْتَهَا أحَبُّ إلَيَّ مِن أنْ يَكونَ لي كَذَا وكَذَا).[١]
يُبيِّن هذا السؤالُ حكمةَ النبي – صلى الله عليه وسلم – في تبسيطِ المفاهيمِ وتقريبِها للناس. فقد اختارَ تشبيهًا مألوفًا، وهو شجرة النخل، ليوضّحَ صفةَ الثباتِ والاستمرارِ في الخيرِ والطاعةِ، كما تُشبّهُ أوراقُ النخلةِ الدائمةُ الخضرةِ استمرارَ المسلمِ في عملهِ الصالحِ.
أمثالٌ فاكهيةٌ: القرآنُ والأخلاقُ
في حديثٍ آخر، استخدمَ النبي – صلى الله عليه وسلم – تشبيهًا رائعًا يربطُ بين قراءةِ القرآنِ والأخلاقِ، حيثُ قال – صلى الله عليه وسلم -: (مَثَلُ الذي يَقْرَأُ القُرْآنَ كالأُتْرُجَّةِ: طَعْمُها طَيِّبٌ، ورِيحُها طَيِّبٌ، والذي لا يَقْرَأُ القُرْآنَ كالتَّمْرَةِ: طَعْمُها طَيِّبٌ، ولا رِيحَ لَها، ومَثَلُ الفاجِرِ الذي يَقْرَأُ القُرْآنَ كَمَثَلِ الرَّيْحانَةِ: رِيحُها طَيِّبٌ، وطَعْمُها مُرٌّ، ومَثَلُ الفاجِرِ الذي لا يَقْرَأُ القُرْآنَ كَمَثَلِ الحَنْظَلَةِ: طَعْمُها مُرٌّ، ولا رِيحَ لَها).[٣]
يُبرزُ هذا التشبيهُ أثرَ القرآنِ في حياةِ المسلم، فمن فهمَهُ وعملَ بهِ كانَ كالأترجةِ، طيبَ الطعمِ والرائحةِ، أما من قرأهُ دونَ عملٍ فكانَ كالحنظلةِ، مُرَّ الطعمِ بلا رائحةٍ طيبةٍ. وهكذا، يَستخدمُ النبي – صلى الله عليه وسلم – أمثلةً بسيطةً وواضحةً لتوضيحِ المعاني العميقةِ.
المؤمنونَ كالجسدِ الواحد: وحدةٌ وتضامنٌ
يُظهرُ هذا الحديثُ الشريفُ أهميةَ التعاونِ والتراحمِ بينَ المسلمين، حيثُ قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: (ترَى المُؤْمِنِينَ في تَراحُمِهِمْ وتَوادِّهِمْ وتَعاطُفِهِمْ، كَمَثَلِ الجَسَدِ، إذا اشْتَكَى عضو تَداعَى له سائِرُ جَسَدِهِ بالسَّهَرِ والحُمَّى).[٥] وهذا التشبيهُ يُقوّي معنى الترابطِ والتآزرِ بينَ أفرادِ الأمةِ الإسلاميةِ، فكما يتألمُ الجسدُ كلهُ عندَ مرضِ عضوٍ منهُ، كذلكَ ينبغي على المسلمينِ أن يتراحموا ويتعاونوا في السراءِ والضراءِ.
يُؤكدُ هذا الحديثُ على أهميةِ التكاتفِ والتعاونِ بينَ المسلمينِ، مُشدّدًا على ضرورةِ الترابطِ والتضامنِ، وذلك بالتزامِهمِ بأحكامِ الإسلامِ وتعزيزِ مبادئِ الأخوةِ والإخاءِ، كما وردَ في قولهِ تعالى: (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا).[٦][٧] وهذا الترابطُ يُؤدّي إلى قوةِ الأمةِ وتقدمِها.
لقد أتقنَ رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فنَّ التشبيهِ، مستخدِمًا أمثلةً بسيطةً لكنَّها عميقةُ المعنى، لتُؤثّرَ في قلوبِ الناسِ وتُرسّخَ في أذهانِهمِ قيمَ الإسلامِ الساميةَ.
[١] البخاري، صحيح البخاري. [٣] البخاري، صحيح البخاري. [٥] البخاري، صحيح البخاري. [٦] سورة آل عمران، آية 103. [٧] الدرر السنية.