جدول المحتويات
أهمية الصحابة في الدين الإسلامي
منذ بزوغ فجر الرسالة النبوية، سطع نجم الصحابة الكرام الذين اختارهم الله تعالى ليكونوا رفقاء النبي -صلى الله عليه وسلم-، وحظوا بشرف صحبته. لقد كان لهم دور محوري في نشر الإسلام، وقدموا تضحيات جسام وبطولات عظيمة. لقد كانوا بحق أصحاب فداء ووفاء لرسالة الإسلام السامية. سجل التاريخ الإسلامي سيرتهم العطرة بأحرف من نور.
يبرز من بين هؤلاء الأعلام، عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-، الذي كان له تأثير جلي في شتى مناحي الحياة الإسلامية. أسلم في بداية الدعوة وهاجر إلى المدينة المنورة، وشارك النبي -صلى الله عليه وسلم- في الدعوة والجهاد. وبعد وفاة أبي بكر الصديق -رضي الله عنه-، تولى عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- قيادة المسلمين، فكان خير خلف لخير سلف. عُرف عمر بشجاعته في إعلان الحق وبلاغته في إلقاء الخطب. فمن هو عمر بن الخطاب؟ وما هي أبرز خطبه؟
نظرة على خطب عمر بن الخطاب
لقد وثق المؤرخون الكثير من مواقف الفاروق عمر -رضي الله عنه-، خاصة الخطب والأقوال التي اشتهر بها، والتي كانت تهدف إلى إحقاق الحق حيث يجب، أو تقديم النصح للرعية أو الوعظ لعموم المسلمين. من بين هذه المواقف:
خطب عمر -رضي الله عنه- في جموع المسلمين يوم السقيفة قبل خطبة البيعة لأبي بكر الصديق -رضي الله عنه-، ومما قاله:
“وإنَّ الله قد أبقى فيكم الذي به هدى رسولَ اللهِ؛ فإنِ اعتصمتُم به هداكم اللهُ لما كان هداه اللهُ، وإنَّ اللهَ قد جمع أمرَكم على خيرِكم، صاحبِ رسولِ اللهِ، وثاني اثنَين إذ هما في الغارِ؛ فقوموا فبايِعوه.” [1][2]
تضاربت الروايات حول أول خطبة ألقاها أمير المؤمنين عمر -رضي الله عنه- عندما تولى الخلافة. قيل إنه عندما صعد المنبر قال:
“اللهمّ إني شديد فلينّي، وإني ضعيف فقوّني، وإني بخيل فسخّني.”
وفي رواية أخرى، أنه عندما هم بالجلوس على المنبر مكان أبي بكر -رضي الله عنه-، تذكر فضل الصديق، فنزل درجة تواضعاً، ثم حمد الله وأثنى عليه وقال:
“اقرءوا القرآن تعرفوا به، واعملوا به تكونوا من أهله، وزنوا أنفسكم قبل أن توزنوا، وتزينوا للعرض الأكبر يوم تعرضون على الله لا تخفى منكم خافية، إنّه لم يبلغ حقّ ذي حقّ أن يطاع في معصية الله، ألا وإنّي أنزلت نفسي من مال الله بمنزلة ولي اليتيم، إن استغنيت عففت، وإن افتقرت أكلت بالمعروف.”
وفي رواية أخرى أنه قال:
“إنّ الله ابتلاكم بي، وابتلاني بكم بعد صاحبي، فوالله لا يحضرني شيء من أمركم فيليه أحد دوني، ولا يتغيّب عنّي فآلو فيه عن أهل الجزء -يعني الكفاية- والأمانة، والله لئن أحسنوا لأحسنن إليهم، ولئن أساؤوا لأنكلنّ بهم.”
ويمكن الجمع بين الروايات المختلفة بأن الرواة نقلوا ما حفظوه من الخطبة.
وخطب عمر -رضي الله عنه- في جموع المسلمين بالجابية، وقال:
“استوصوا بأصحابي خيراً ثمّ الذين يلونهم ثمّ الذين يلونهم، ثمّ يفشو الكذب حتى إنّ الرّجل ليبتدىءُ بالشهادة قبل أنْ يُسألها، فمن أراد منكم بحبوحة الجنّة فليلزم الجماعة؛ فإنّ الشيطان مع الواحد، وهو من الاثنين أبعد، لا يخلون أحدكم بامرأةٍ فإنّ الشيطان ثالثهما، ومن سرّته حسنته وساءته سيئته فهو مؤمن” [4]
أوصى عمر بالتابعين وتابعيهم، وحذر من الكذب والحلف بالباطل، والجرأة على الله بالكذب. كما تنبأ بأن يصل الفساد إلى أن يحلف الرجل دون أن يُستحلف، وحذر من خطر الاختلاط المحرم، وأوصى بلزوم جماعة المسلمين. [5]
وروي أن عمر وقف يوماً يعظ الناس، فأوصاهم بإظهار محاسن الأفعال، فهي التي يعرف بها الناس ويحاسبون عليها خيراً وشراً، أما السرائر فهي إلى الله تعالى، حيث قال:
“يا أيُّها النَّاسُ ألا إنَّا إنَّما كنَّا نعرِفُكم إذ بيْن ظهرَيْنا النَّبيُّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- وإذ يُنزِلُ اللهُ الوحيَ وإذ ينبِّئُنا اللهُ من أخبارِكم، ألا وإنَّ النَّبيَّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- قد انطلق وانقطع الوحيُ، وإنَّما نعرِفُكم بما نقولُ لكم، من أظهر منكم خيراً ظنَّنا به خيراً وأحببناه عليه، ومن أظهر منكم لنا شرّاً ظنَّنا به شرّاً وأبغضناه عليه، سرائرُكم بينكم وبين ربِّكم عزَّ وجلَّ” [6]
وحذر الرعية من تسلط الولاة أو بغيهم على الناس، وبين أن مهمة الولاة هي الرحمة بالناس وتعليمهم أحكام دينهم، قائلاً:
“ألا إنِّي واللهِ ما أُرسلُ عُمَّالي إليكم ليضربوا أبشارَكم ولا ليأخذوا أموالَكم، ولكن أُرسِلُهم إليكم ليعلِّمُوكم دينَكم وسننَكم، فمن فُعِل به شيءٌ سوَى ذلك فليرفعْه إليَّ، فواللهِ الَّذي نفسي بيدِه إذاً لأقِصَّنَّه فيه.” [6]
وفي خطبة أخرى، أوصى بتعلم الأنساب لصيانة الأرحام وصلتها، حيث قال:
“تَعَلَّمُوا أنْسابَكُمْ ثُمَّ صِلوا أَرْحامَكُمْ واللهِ إنَّهُ لَيكونُ بين الرجلِ وبينَ أَخِيهِ الشَّيْءُ ولَوْ يَعْلَمُ الذي بينَهُ وبينَهُ من داخلِ الرَّحِمِ لأوْزَعَهُ ذلكَ عَنِ انْتِهاكِهِ.” [7][8]
لمحة عن حياة عمر بن الخطاب
الصحابي الجليل عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-، كان صاحب خصال عظيمة، جعلته شخصية مميزة في تاريخ المسلمين، ومنها: [9]
- نسبه: هو عمر بن الخطاب العدوي، وينتهي نسبه إلى عدي بن لؤي. كان من أشراف قريش، ولد بعد مولد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بثلاث عشرة سنة، وكنيته أبو حفص، كناه بها الرسول صلى الله عليه وسلم.
- إسلامه وأشهر مواقفه: أسلم في مكة المكرمة بعد إسلام واحد وخمسين رجلاً وامرأة. شهد بيعة الرضوان، وعرف بلقب الفاروق لأنه يفرق بين الحق والباطل. بشره النبي -صلى الله عليه وسلم- بالجنة، وهو من العشرة المبشرين بها. كان من أوائل المهاجرين إلى المدينة المنورة، وكان وزيراً في خلافة أبي بكر الصديق، ثم تولى خلافة المسلمين بعده، وهو أول من لقب بأمير المؤمنين.
- إنجازاته في فترة حكمه: من أهم إنجازاته تدوين الدواوين، وتقديم العطايا حسب الأسبقيات، وإقرار التقويم الهجري.
- صفاته الأخلاقية: اتصف بالشدة في الحق وقوله، وكان صاحب عقل راجح، ورأي سديد وحكمة لا يجادل فيها أحد. كان حريصاً على نصرة المظلومين ونشر العدل بين الناس.
- صفاته الشكلية: كان صاحب هيبة في شكله، طويل القامة، ورأسه أصلعاً، ووجهه شديد الحمرة.
- مواقفه: كان رجلاً مُلهَماً، وأخبر بذلك النبي -عليه الصلاة والسلام-. نزلت آيات عديدة في القرآن الكريم توافق رأيه في مسائل عديدة، مثل حادثة أسرى بدر، واتخاذ مصلى من مقام إبراهيم -عليه السلام-. شهد مع النبي -صلى الله عليه وسلم- الغزوات والوقائع كلها. شهد التاريخ أن خلافته كانت فتحاً على عموم المسلمين، حيث اتسعت الفتوحات الإسلامية، ودخلت بلدان كثيرة في حماية الإسلام، وأكرم الله المسلمين بفتح دولتي فارس والروم. [10]
المصادر
- 1 رواه ابن كثير، في البداية والنهاية، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 6/305 ، إسناده صحيح.
- 2 مصطفى عبد الباقي (10-7-2013)،”عمر بن الخطاب رضي الله عنه”، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 4-4-2018. بتصرّف.
- 3 مركز الفتوى (28-3-2004)،”أول خطبة لعمر بن الخطاب لما ولي الخلافة”، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 28-3-2018. بتصرّف.
- 4 رواه أحمد شاكر، في مسند أحمد، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 1/73، إسناده صحيح.
- 5 ابن كثير،مسند الفاروق، صفحة 452، جزء 2. بتصرّف.
- 6 رواه علي بن المديني، في مسند الفاروق، عن عمر بن الخطاب، الصفحة أو الرقم: 2/543، إسناده حسن.
- 7 رواه الألباني، في صحيح الأدب المفرد، عن جبير بن مطعم، الصفحة أو الرقم: 53، حسن الإسناد وصحّ مرفوعاً.
- 8 محمد ويلالي (10-6-2012)،”صلة الرحم”، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 4-42018. بتصرّف.
- 9 عبد العزيز الشثري (21-4-2011م)،”الخليفة الثاني عمر بن الخطاب (1)”، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 28-3-2018م. بتصرّف.
- 10 أمين الشقاوي (26-11-2014م)،”مقتطفات من سيرة عمر بن الخطاب”، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 28-3-2018م. بتصرّف.