فهرس المحتويات
الموضوع | الرابط |
---|---|
الغيب: اللغة والاصطلاح | الفقرة الأولى |
علم الغيب: ملكية الله المطلقة | الفقرة الثانية |
تصنيفات علم الغيب عبر الزمن | الفقرة الثالثة |
تصنيفات الغيب بحسب شموليته | الفقرة الرابعة |
الغيب: اللغة والاصطلاح
يُشتقّ مصطلح “الغيب” من الفعل “غاب”، الذي يعني الاختفاء عن الحواسّ. وهو ما لا يُرى ولا يُدرَك بالحواسّ الخمسّ. وقد ورد وصفه بأنه ما خفي عن الأبصار، حتى وإن كان معروفا بالقلب. مثال ذلك: “سمعت صوتًا من وراء الغيب”، أي من مكان غير مرئي. وقد فسره بعض اللغويين بأنه كل مكان مجهول المحتويات. ويُقابل الغيب الشهادة أو الحضور، وهذا ما يظهر جلياً في آية قرآنية كريمة: (وَلَهُ المُلكُ يَومَ يُنفَخُ فِي الصّورِ عالِمُ الغَيبِ وَالشَّهادَةِ وَهُوَ الحَكيمُ الخَبيرُ). [٢]
أما اصطلاحاً، فيُعرّف علم الغيب بأنه كلّ ما هو مستتر عن إدراك الإنسان، سواء كان سرّاً مكتوماً أو معلومًا بالخبر اليقيني من الله ورسوله -صلّى الله عليه وسلّم-. فالإنسان عاجز عن فهم أسرار الغيب، ولكن قد يتوصل إلى بعضها من خلال الوحي الإلهي، كما في وصف الجنة في القرآن والسنة. وهذا الوصف، وإن كان مُفيدًا، إلا أنه يبقى جزئياً وغير شامل.
علم الغيب: ملكية الله المطلقة
يُعدّ علم الغيب من صفات الله -عزّ وجلّ- المُطلقة والخاصة به وحده. فهو عالمٌ بكلّ شيء، صغيره وكبيره، ظاهرِه وباطنِه. لا يشاركه فيه أحدٌ من خلقه. يقول الله تعالى: (قُل لَّا يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ). [٤] وعلم الله شاملٌ، لا يُشوبه شكٌّ أو ريب. يقول -سبحانه وتعالى-: (إِنَّ اللَّهَ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ). [٥]
من يدّعي علم الغيب فهو مُشركٌ بالله، إذ ادّعى صفةً من صفاته، وهو ادعاء باطل وكذب، كما هو الحال مع المنجمين والسحرة.
تصنيفات علم الغيب عبر الزمن
يُمكن تقسيم علم الغيب بحسب الزمن إلى ثلاثة أقسام:
- الغيب الماضي: هو علم بأحداث الزمن الماضي. وقد يُطّلع الله بعض الناس على بعضٍ من هذا الغيب، ولكن هذا العلم يبقى جزئياً محدوداً مقارنة بعلم الله -تعالى-. يُشير القرآن الكريم إلى هذا بقوله: (ذَلِكَ مِنْ أَنبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلَامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ). [٧] هذا العلم، بالنسبة لأهل ذلك الزمان، كان حاضرًا، لكنه لم يكن علمًا شاملًا.
- الغيب الحاضر: هو ما يخفى على الإنسان في لحظة معينة. فمثلاً، ما يحدث في مكان بعيد عن الشخص في نفس اللحظة يُعتبر غيبًا نسبيًا بالنسبة إليه.
- الغيب المستقبلي: هو ما سيحدث في المستقبل، ولا يمكن معرفته إلا من خلال الوحي الإلهي، كما في الأخبار عن يوم القيامة، والجنة، والنار.
تصنيفات الغيب بحسب شموليته
يمكن تصنيف الغيب بحسب شموليته إلى قسمين رئيسيين:
- الغيب المطلق: هذا الغيب خاص بالله -عزّ وجلّ- وحده، وهو يتعلق بذاته، وأسمائه، وصفاته، وأفعاله. لم يُخبر الله به أحداً من خلقه. ومن ذلك علم الله بمفاتيح الغيب الخمسة المذكورة في القرآن الكريم: (إِنَّ اللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ). [٩]
- الغيب النسبي: يتعلق هذا الغيب بالمخلوقات، حيث إن بعضهم يعلم بعضًا منه ويجهل بعضًا آخر. فما هو علمٌ لشخصٍ قد يكون غيبًا لآخر. كقصص الأنبياء، مثلاً، هي غيبٌ بالنسبة لنا، لكنها كانت شهادةً حاضريةً لأهل زمانها. وبالمثل، ما يحدث في مكان ما هو علمٌ حاضِرٌ لأهله، ولكنه غيبٌ نسبيٌّ لمن هم في مكان آخر.