الواقعية وأساسها الأيديولوجي
تُعتبر الواقعية اتجاهًا قديمًا، على الرغم من تبلور ملامحه النهائية في القرن التاسع عشر كتيار فني وأدبي. فقد سعت الحضارات القديمة للتعبير عن المشاعر الإنسانية بطرق متنوعة، ابتعدت عن المثالية المفرطة، مُتجهة نحو أيديولوجيات جديدة. مع ظهور الأيديولوجيا الماركسية، تطورت الواقعية الاشتراكية بشكلٍ ملحوظ.
الفلسفة المثالية، مع اعتمادها على التجريدات الميتافيزيقية، تباعدت عن الواقع الملموس. أما الواقعية، فقد تميزت بقربها من العالم المادي والمحسوس. وبالرغم من اختلاف النقاد حول تحديد حدود الواقع وطرق التعامل معه، اتفقوا على رفض الإغراق في المثالية، مما أدى إلى تنوع المناهج الواقعية، وإثراء العلوم الإنسانية بأفكار جديدة.
الفلسفة المادية ودورها في تشكيل الواقعية الاشتراكية
ازدهرت الفلسفة المادية في القرن التاسع عشر، متزامنة مع استقلال علم الاجتماع عن الفلسفة بفضل جهود أوغست كونت. تم إقصاء الميتافيزيقا والتأملات الفلسفية المجردة، واعتمدت الفلسفة المادية على أن الوجود المادي سابق على الوعي. تجد هذه الفكرة جذورها في الحضارات القديمة، لاسيما الحضارة اليونانية، لكن الفلسفة الماركسية تعتبر بمثابة الأب الروحي للمادية.
كان لكارل ماركس وفريدريك إنجلز دورٌ بارز في صياغة مبادئ الفلسفة المادية، والتي ظهرت في مؤلفات عديدة مثل “بيان الحزب الشيوعي” و”الأيديولوجيا الألمانية” و”رأس المال”. يمكن اعتبار الماركسية ردًا على المثالية الهيغلية، حيث قام ماركس بقلبها لتعبّر عن الواقع. بهذا، تناولت الواقعية الاشتراكية هموم الناس، مُعبرة عنها ضمن إضفاء قيمة فنية على العمل.
الواقعية الاشتراكية: صوت الطبقة العاملة
تبنت الواقعية الاشتراكية مبدأً أساسياً، وهو التعبير عن التناقضات في المجتمعات البرجوازية والرأسمالية، حيث تملك الأقلية ثروات طائلة، بينما يعيش أغلبية العمال تحت خط الفقر. يعتمد الجدل المادي على عدة مبادئ، منها تحول الكم إلى كيف، وهو تعبير عن التناقضات في المجتمع الرأسمالي، مما سيؤدي إلى ثورة تنتهي بحالة من الاستقرار تُعرف بالشيوعية.
يميل الفن البروليتاري، أو الفن العمالي، إلى النثر أكثر من الشعر. وقد برزت الرواية والقصة القصيرة كأهم الأصناف الأدبية عند الأدباء الواقعيين الاشتراكيين، لما تتضمنه من مساحة لوصف معاناة العمال بالتفصيل، والتعبير عن هموم الطبقات الدنيا. أمثلة بارزة على ذلك كتابات أدباء روس كليو تولستوي وأنتون تشيخوف اللذين سلطا الضوء على قضايا المجتمع الروسي وكشفا عن عيوب المجتمع البرجوازي وتركيزهم على أن الواقع في حركة مستمرة وليست ثابتة، وهذا ما يُعرف بالدياليكتيك أو الجدل.
المصادر: (قم بإضافة المصادر هنا، مع مراعاة توثيقها بشكلٍ دقيق)