مقدمة
إن كسوف الشمس يعتبر من الظواهر الكونية العظيمة التي يشهدها العالم، ويحدث عندما يعترض القمر مسار الشمس إلى الأرض، مما يؤدي إلى حجب ضوء الشمس جزئياً أو كلياً. هذه الظاهرة هي إحدى آيات الله الدالة على قدرته وعظمته، وهي تذكير للعباد بأهمية اللجوء إليه والتضرع له. وعند حدوث الكسوف، ينبغي على المسلم أن يتوجه إلى الله بالصلاة والدعاء والذكر، فهو وقت للتوبة والاستغفار.
لا يوجد ذكر أو دعاء محدد مخصص للكسوف، ولكن السنة النبوية تحثنا على الصلاة والاستغفار والتضرع إلى الله في هذه الأوقات. فعن أبي موسى الأشعري أن رسول الله -صلَّ الله عليه وسلم- قال: “فإذا رَأَيْتُمْ شيئًا مِن ذلكَ، فافْزَعُوا إلى ذِكْرِهِ ودُعائِهِ واسْتِغْفارِهِ.”[١][٢] وهذا توجيه نبوي كريم للاستعانة بالله في أوقات الشدة والخوف.
ما يستحب فعله عند حدوث الكسوف
عندما يشهد المسلم ظاهرة الكسوف، يستحب له القيام بعدة أمور منها:
- الاغتسال: يستحب الاغتسال استعداداً لصلاة الكسوف.
- أداء الصلاة في المسجد: يفضل أداء صلاة الكسوف في المسجد الذي تقام فيه صلاة الجمعة، اقتداءً بفعل النبي -صلى الله عليه وسلم-.
- النداء بـ “الصلاة جامعة”: يُنادى للصلاة بقول “الصلاة جامعة”، كما ورد في حديث ابن عمر: “لَمَّا كَسَفَتِ الشَّمْسُ علَى عَهْدِ رَسولِ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- نُودِيَ إنَّ الصَّلاةَ جامِعَةٌ”،[٤] ولا يوجد أذان ولا إقامة لهذه الصلاة.
- الإكثار من الذكر والاستغفار: ينبغي الإكثار من ذكر الله والاستغفار والتكبير والصدقة، والتقرب إلى الله -تعالى- بالأعمال الصالحة.
- أداء الصلاة جماعة: يستحب أداء صلاة الكسوف جماعة، كما فعل النبي -صلى الله عليه وسلم-.
- الخطبة بعد الصلاة: يسن أن يتبع الصلاة خطبتان كخطبتي العيد عند الشافعية.
- حضور النساء للصلاة: يستحب للنساء حضور صلاة الكسوف مع الإمام، بشرط أمن الفتنة، كما فعلت أم المؤمنين عائشة والسيدة أسماء -رضي الله عنهما-.
هذه الأعمال تزيد من خشية الله وتذكر العبد بعظمته وقدرته.
كيفية أداء صلاة الكسوف
صلاة الكسوف هي سنة مؤكدة، وقد أداها النبي -صلى الله عليه وسلم- مرة واحدة في المدينة عندما كسفت الشمس يوم وفاة ابنه إبراهيم -رضي الله عنه- في السنة العاشرة للهجرة. وتؤدى الصلاة على النحو التالي:[٥]
- تكبيرة الإحرام.
- قراءة دعاء الاستفتاح.
- الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم، ثم قراءة البسملة.
- قراءة الفاتحة وسورة طويلة جهراً.
- الركوع ركوعاً طويلاً مع تكرار دعاء الركوع.
- الرفع من الركوع مع قول: “سمع الله لمن حمده، ربنا ولك الحمد”.
- قراءة الفاتحة وسورة طويلة أخرى غير التي قرئت في الركعة الأولى.
- الركوع ركوعاً طويلاً آخر، أطول من الركوع الأول.
- الرفع من الركوع مع قول: “سمع الله لمن حمده، ربنا ولك الحمد”، وإطالة الاعتدال.
- السجود سجودًا طويلا بقدر الركوع.
- الجلوس بين السجدتين وإطالة الجلوس بقدر السجود.
- السجود سجودا طويلا آخر، أطول من السجود الأول.
- القيام للركعة الثانية وأدائها مثل الركعة الأولى، مع إطالة القراءة والركوع والسجود.
- الجلوس للتشهد والصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم-.
- التسليم.
تتميز هذه الصلاة بإطالة القراءة والركوع والسجود، والتضرع إلى الله -تعالى- بالدعاء والذكر.
سنن أخرى مرتبطة بالكسوف
عند رؤية الكسوف، حث الرسول -صلى الله عليه وسلم- المسلمين على التعوذ من عذاب القبر. ويسن فعل كل ما يزيد من الخوف من الله، مثل إطعام الفقراء والصدقة. كما يجوز لمن علم بوقت الكسوف أن يتهيأ له ويخصص وقته للدعاء والاستغفار والشعور بالخوف من الله -عز وجل-.[٦]
المراجع
- ^ رواه البخاري ، في صحيح البخاري ، عن أبو موسى الأشعري ، الصفحة أو الرقم:1059، أخرجه البخاري (1059) ومسلم (912).
- ^ محمد بن صالح العثيمين ،مجموعة فتاوي ورسائل العثيمين، صفحة 314. بتصرّف.
- ^ مجموعة من المؤلفين،الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 254. بتصرّف.
- ^ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عمر ، الصفحة أو الرقم:1045، أخرجه البخاري (1045) ومسلم (910).
- ^ سعيد بن وهف القحطاني ،صلاة الكسوف، صفحة 49. بتصرّف.
- ^ محمد صالح المنجد ،46 فائدة في الكسوف والخسوف، صفحة 20-22. بتصرّف.
