مقدمة
الحياة مليئة بالتحديات والتقلبات، وقد يمر الإنسان بلحظات يشعر فيها بالضيق والأسى. في هذه الأوقات، يلجأ المؤمن إلى الله -عز وجل- بالدعاء والتضرع، أملاً في تفريج كربه وتيسير أمره. هذا المقال يستعرض معنى الشعور بالأسى، ويقدم مجموعة من الأدعية المأثورة التي يمكن للمسلم أن يدعو بها، بالإضافة إلى بعض النصائح العملية التي تساعد على التخلص من هذا الشعور.
فهم معنى الأسى
الأسى، لغةً، هو ضد الفرح والسرور، ويعبر عن شعور بالضيق والانقباض في النفس نتيجة لأمر محزن أو مؤلم. واصطلاحاً، يعرف بأنه “غم يصيب الإنسان نتيجة فقدان شيء نافع أو حصول ضرر”. والشعور العميق بالأسى قد يؤدي إلى حالة من الكرب والضيق الشديدين، تجعل الشخص مهموماً ومنعزلاً، وقد تعيقه عن الكلام والتعبير عما يشعر به.
أدعية لتفريج الهم والكرب
الدعاء هو سلاح المؤمن في مواجهة صعوبات الحياة، وهو وسيلة للتقرب إلى الله -سبحانه وتعالى- والتضرع إليه لتفريج الهموم وتيسير الأمور. من الأدعية التي يستحب للمسلم أن يدعو بها عند الشعور بالأسى:
- دعاء ذي النون -عليه السلام-، حيث قال تعالى:
﴿وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَـهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ* فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِينَ﴾ [الأنبياء: 87-88].
- الاستعاذة بالله من الهم والحزن، كما ورد في الحديث النبوي الشريف:
“(اللَّهُمَّ إنِّي أعُوذُ بكَ مِنَ الهَمِّ والحَزَنِ، والعَجْزِ والكَسَلِ، والجُبْنِ والبُخْلِ، وضَلَعِ الدَّيْنِ، وغَلَبَةِ الرِّجالِ)”.
- الدعاء المأثور عن النبي -صلى الله عليه وسلم-:
“(دعَواتُ المكروبِ: اللَّهمَّ رحمتَكَ أرجو فلا تكِلْني إلى نفسي طرفةَ عينٍ وأصلِحْ لي شأني كلَّه لا إلهَ إلَّا أنتَ)”.
- دعاء آخر كان يدعو به النبي -صلى الله عليه وسلم-:
“(كانَ مِن دُعَاءِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بكَ مِن زَوَالِ نِعْمَتِكَ، وَتَحَوُّلِ عَافِيَتِكَ، وَفُجَاءَةِ نِقْمَتِكَ، وَجَمِيعِ سَخَطِكَ)”.
- دعاء النبي -صلى الله عليه وسلم- عند الكرب:
“(كانَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَدْعُو عِنْدَ الكَرْبِ يقولُ: لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ العَظِيمُ الحَلِيمُ، لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ رَبُّ السَّمَوَاتِ والأرْضِ، ورَبُّ العَرْشِ العَظِيمِ)”.
- الدعاء الذي يزيل الهم والحزن:
“(ما قال عبدٌ قطُّ إذا أصابه هَمٌّ أو حُزْنٌ : اللَّهمَّ إنِّي عبدُكَ ابنُ عبدِكَ ابنُ أَمَتِكَ ناصِيَتي بيدِكَ ماضٍ فيَّ حُكْمُكَ عَدْلٌ فيَّ قضاؤُكَ أسأَلُكَ بكلِّ اسمٍ هو لكَ سمَّيْتَ به نفسَكَ أو أنزَلْتَه في كتابِكَ أو علَّمْتَه أحَدًا مِن خَلْقِكَ أوِ استأثَرْتَ به في عِلمِ الغيبِ عندَكَ أنْ تجعَلَ القُرآنَ ربيعَ قلبي ونورَ بصَري وجِلاءَ حُزْني وذَهابَ همِّي إلَّا أذهَب اللهُ همَّه وأبدَله مكانَ حُزْنِه فرَحًا)”.
طرق للتغلب على الحزن
بالإضافة إلى الدعاء، هناك بعض الأمور التي يمكن للمسلم فعلها للتغلب على الأسى:
- الدعاء: الإلحاح في الدعاء والتوجه إلى الله بقلب خاشع، مع اليقين بالإجابة.
- تقوى الله والتوكل عليه: الالتزام بأوامر الله واجتناب نواهيه، والتوكل عليه في جميع الأمور. قال تعالى:
﴿وَمَن يَتَّقِ اللَّـهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا* وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّـهِ فَهُوَ حَسْبُهُ﴾ [الطلاق: 2-3].
- الاستغفار: الإكثار من الاستغفار، فهو سبب لتفريج الهموم وجلب الرزق. قال تعالى:
﴿فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا* يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُم مِّدْرَارًا* وَيُمْدِدْكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا﴾ [نوح: 10-12].
- الصبر: التحلي بالصبر عند المصائب والابتلاءات، مع استحضار الأجر والثواب الذي وعد الله به الصابرين. قال تعالى:
﴿وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ﴾ [البقرة: 177].
المراجع
- مجموعة من المؤلفين،كتاب نضرة النعيم في مكارم أخلاق الرسول الكريم، صفحة 4407. بتصرّف.
- كراع النمل،كتاب المنتخب من كلام العرب، صفحة 247. بتصرّف.
- رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم:6369، حديث صحيح.
- رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن أبو بكر الصديق، الصفحة أو الرقم:970، أخرجه في صحيحه.
- رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبد الله بن عمرو، الصفحة أو الرقم:2739، حديث صحيح.
- رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم:6345 ، حديث صحيح.
- رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن عبد الله بن مسعود، الصفحة أو الرقم:972، أخرجه في صحيحه.