مقدمة
تعتبر ليلة القدر من أعظم الليالي وأكثرها بركة في الإسلام، فهي الليلة التي أنزل فيها القرآن الكريم، وهي ليلة خير من ألف شهر. يحرص المسلمون على إحيائها بالصلاة والدعاء والذكر، أملاً في أن يغفر الله لهم ذنوبهم ويتقبل منهم صالح أعمالهم. وتتجلى أهمية الدعاء في هذه الليلة المباركة، حيث يُرجى فيه الإجابة والقبول.
دعاء النبي في ليلة القدر
لقد ورد في السنة النبوية المطهرة أن النبي محمد صلى الله عليه وسلم كان يدعو في ليلة القدر وفي العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك بدعاء عظيم، وهو الدعاء الذي علمه لأم المؤمنين عائشة رضي الله عنها. فعندما سألته عائشة رضي الله عنها ماذا تدعو إذا وافقت ليلة القدر، قال:
“اللَّهمَّ إنَّكَ عفوٌّ تحبُّ العفوَ فاعفُ عنِّي”.
فهذا الدعاء العظيم يحمل معاني التوبة والاستغفار، والاعتراف بعظمة الله وقدرته على العفو والمغفرة.
دعاء التهجد في ليلة القدر
كان النبي صلى الله عليه وسلم يحرص على قيام الليل والتهجد، وخاصة في ليالي العشر الأواخر من رمضان. وقد ورد عنه صلى الله عليه وسلم دعاء عظيم كان يقوله عند قيامه للتهجد، وهو:
“اللَّهُمَّ رَبَّنَا لكَ الحَمْدُ أنْتَ قَيِّمُ السَّمَوَاتِ والأرْضِ، ولَكَ الحَمْدُ أنْتَ رَبُّ السَّمَوَاتِ والأرْضِ ومَن فِيهِنَّ، ولَكَ الحَمْدُ أنْتَ نُورُ السَّمَوَاتِ والأرْضِ ومَن فِيهِنَّ، أنْتَ الحَقُّ، وقَوْلُكَ الحَقُّ، ووَعْدُكَ الحَقُّ، ولِقَاؤُكَ الحَقُّ، والجَنَّةُ حَقٌّ، والنَّارُ حَقٌّ، والسَّاعَةُ حَقٌّ، اللَّهُمَّ لكَ أسْلَمْتُ، وبِكَ آمَنْتُ، وعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ، وإلَيْكَ خَاصَمْتُ، وبِكَ حَاكَمْتُ، فَاغْفِرْ لي ما قَدَّمْتُ وما أخَّرْتُ، وأَسْرَرْتُ وأَعْلَنْتُ، وما أنْتَ أعْلَمُ به مِنِّي، لا إلَهَ إلَّا أنْتَ.”
يتضمن هذا الدعاء الثناء على الله تعالى والاعتراف بربوبيته ووحدانيته، والتسليم لقضائه وقدره، والتوبة من الذنوب والخطايا.
أدعية مستحبة في ليلة القدر
يستحب للمسلم أن يدعو الله تعالى بما يشاء من خير الدنيا والآخرة في ليلة القدر، فهي ليلة مباركة يُرجى فيها إجابة الدعاء. ويمكن للمسلم أن يدعو بالأدعية المأثورة عن النبي صلى الله عليه وسلم، أو أن يدعو بما تيسر له من الأدعية الصالحة. ومن الأدعية المستحبة في ليلة القدر:
“رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ.”
“رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ* رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ.”
“رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا.”
“اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بكَ مِنَ العَجْزِ، وَالْكَسَلِ، وَالْجُبْنِ، وَالْبُخْلِ، وَالْهَرَمِ، وَعَذَابِ، القَبْرِ اللَّهُمَّ آتِ نَفْسِي تَقْوَاهَا، وَزَكِّهَا أَنْتَ خَيْرُ مَن زَكَّاهَا، أَنْتَ وَلِيُّهَا وَمَوْلَاهَا، اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بكَ مِن عِلْمٍ لا يَنْفَعُ، وَمِنْ قَلْبٍ لا يَخْشَعُ، وَمِنْ نَفْسٍ لا تَشْبَعُ، وَمِنْ دَعْوَةٍ لا يُسْتَجَابُ لَهَا.”
“اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُكَ الهُدَى وَالتُّقَى، وَالْعَفَافَ وَالْغِنَى.”
“اللَّهُمَّ بَاعِدْ بَيْنِي وبيْنَ خَطَايَايَ، كما بَاعَدْتَ بيْنَ المَشْرِقِ والمَغْرِبِ، اللَّهُمَّ نَقِّنِي مِنَ الخَطَايَا كما يُنَقَّى الثَّوْبُ الأبْيَضُ مِنَ الدَّنَسِ، اللَّهُمَّ اغْسِلْ خَطَايَايَ بالمَاءِ والثَّلْجِ والبَرَدِ.”
“اللهمَّ اهْدِني فيمن هديتَ, وعافِني فيمن عافيتَ، وتولَّني فيمن توليتَ, وبارِكْ لي فيما أعطيتَ، وقِنِي شرَّ ما قضيتَ، فإنك تقضي ولا يُقْضَى عليك، وإنَّهُ لا يَذِلُّ من واليتَ، ولا يَعِزُّ من عاديتَ، تباركتَ ربنا وتعاليتَ، لا مَنْجَا منك إلا إليكَ.”
“اللَّهمَّ إنِّي أعوذُ برِضاكَ من سخطِك، وبمعافاتِك من عقوبتِك، وبِكَ منكَ، لا أُحصي ثناءً عليكَ، أنتَ كما أثنيتَ علَى نفسِكَ.”
“اللَّهُمَّ إنِّي أعوذُ بكَ من عذابِ القَبْرِ، اللَّهُمَّ إنِّي أعوذُ بكَ من عذابِ النارِ، اللَّهُمَّ إنِّي أعوذُ بكَ من الفِتَنِ، ما ظهَرَ منها، وما بطَنَ، اللَّهُمَّ إنِّي أعوذُ بكَ من فِتْنةِ الأعورِ الكذَّابِ.”
أدعية شاملة في ليلة القدر
هناك العديد من الأدعية الجامعة التي وردت في السنة النبوية، والتي يمكن للمسلم أن يدعو بها في ليلة القدر وغيرها من الأوقات، ومن هذه الأدعية:
“اللَّهُمَّ اغْفِرْ لي خَطِيئَتي وَجَهْلِي، وإسْرَافِي في أَمْرِي، وَما أَنْتَ أَعْلَمُ به مِنِّي، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لي جِدِّي وَهَزْلِي، وَخَطَئِي وَعَمْدِي، وَكُلُّ ذلكَ عِندِي، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لي ما قَدَّمْتُ وَما أَخَّرْتُ، وَما أَسْرَرْتُ وَما أَعْلَنْتُ، وَما أَنْتَ أَعْلَمُ به مِنِّي، أَنْتَ المُقَدِّمُ وَأَنْتَ المُؤَخِّرُ، وَأَنْتَ علَى كُلِّ شيءٍ قَدِيرٌ.”
“اللهمَّ إنِّي أسألُكَ مِنَ الخيرِ كلِّهِ عَاجِلِه وآجِلِه ما عَلِمْتُ مِنْهُ وما لمْ أَعْلمْ، وأعوذُ بِكَ مِنَ الشَّرِّ كلِّهِ عَاجِلِه وآجِلِه ما عَلِمْتُ مِنْهُ وما لمْ أَعْلمْ، اللهمَّ إنِّي أسألُكَ من خَيْرِ ما سألَكَ عَبْدُكَ ونبيك، وأعوذُ بِكَ من شرِّ ما عَاذَ بهِ عَبْدُكَ ونَبِيُّكَ، اللهمَّ إنِّي أسألُكَ الجنةَ وما قَرَّبَ إليها من قَوْلٍ أوْ عَمَلٍ، وأعوذُ بِكَ مِنَ النارِ وما قَرَّبَ إليها من قَوْلٍ أوْ عَمَلٍ، وأسألُكَ أنْ تَجْعَلَ كلَّ قَضَاءٍ قَضَيْتَهُ لي خيرًا.”
“اللَّهمَّ إنِّي أسألُكَ العفوَ والعافيةَ، في الدُّنيا والآخرةِ، اللَّهمَّ إنِّي أسألُكَ العفوَ والعافيةَ، في دِيني ودُنيايَ، وأهلي ومالي، اللَّهمَّ استُرْ عَوراتي، وآمِنْ رَوعاتِي، اللَّهمَّ احفَظْني من بينِ يديَّ، ومن خلفي، وعن يميني، وعن شمالي، ومن فَوقِي، وأعوذُ بعظمتِكَ أن أُغْتَالَ مِن تحتي.”
“اللهمَّ إني أسألُك فعلَ الخيراتِ، وتركَ المنكراتِ، وحبَّ المساكينِ، وأن تغفرَ لي وترحمَني، وإذا أردْتَ فتنةً في قومٍ فتَوَفَّني غيرَ مفتونٍ، أسألُك حبَّك وحبَّ مَن يُحبُّك، وحبَّ عملٍ يُقربُ إلى حبِّك.”
المصادر
- رواه الألباني، في صحيح ابن ماجه، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:3119، صحيح.
- رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبدالله بن عباس، الصفحة أو الرقم:7442، صحيح.
- سورة البقرة، آية:201
- سورة ابراهيم، آية:40-41
- سورة الفرقان، آية:74
- رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم:6367، صحيح.
- رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبد الله بن مسعود، الصفحة أو الرقم:2721، صحيح.
- رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:744، صحيح.
- رواه الألباني، في قيام رمضان، عن الحسن بن علي، الصفحة أو الرقم:31، إسناده صحيح.
- رواه الألباني، في صحيح النسائي، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:1099، صحيح.
- رواه شعيب الأرنؤوط، في تخريج المسند، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم:2778، صحيح.
- رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي موسى الأشعري، الصفحة أو الرقم:2719، صحيح.
- رواه الألباني، في السلسلة الصحيحة، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:1542، إسناده صحيح رجاله ثقات.
- رواه الألباني، في الترغيب والترهيب، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم:659، صحيح.
- رواه ابن العربي، في أحكام القرآن، عن معاذ بن جبل، الصفحة أو الرقم:73، صحيح.