توضيح حكم أداء الصلاة في الروضة
إن أداء الصلاة في الروضة الشريفة يعتبر أمرًا مرغوبًا فيه، إذ تتميز الروضة بفضل عظيم يميزها عن غيرها من الأماكن. ومع ذلك، يجب التنبيه إلى أن ما قد يصاحب زيارة الروضة والدخول إليها من تزاحم وإيذاء للآخرين هو أمر غير جائز شرعًا. لا يجوز تحقيق أمر مستحب إذا كان ذلك سيؤدي إلى ارتكاب محظور. وينطبق هذا الأمر على أمور أخرى مثل تقبيل الحجر الأسود.
وقد ذكر ابن تيمية -رحمه الله- أن استحباب الصلاة في الروضة هو رأي جماعة من العلماء، وهو ما نُقل عن الإمام أحمد في مناسك المروذي.
والمراد بالروضة الشريفة هي المنطقة المباركة التي تقع بين بيت النبي -صلى الله عليه وسلم- وحجرة أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- والمنبر النبوي. وتضم الروضة معالم بارزة مثل الأعمدة والأسطوانات والحاجز النحاسي.
ينبغي الانتباه إلى أن بعض الزائرين قد يتوجهون إلى الروضة الشريفة بهدف التوجه نحو قبر النبي -صلى الله عليه وسلم- وطلب استجابة الدعاء منه أو ذكر الحاجة إليه، وهذا عمل غير جائز لأنه يعتبر نوعًا من أنواع الشرك. الزيارة يجب أن تكون للسلام على النبي -صلى الله عليه وسلم- والاقتراب من قبره الشريف.
أهمية الصلاة في الروضة
وردت العديد من الأحاديث النبوية الشريفة التي تبين فضل الروضة الشريفة وأهميتها. ومن هذه الأحاديث:
قال -صلى الله عليه وسلم-: (ما بيْنَ بَيْتي وَمِنْبَرِي رَوْضَةٌ مِن رِيَاضِ الجَنَّةِ).
وقال -صلى الله عليه وسلم-: (إنَّ مِنبَري على حَوْضي، وإنَّ ما بَينَ مِنبَري وبينَ بَيْتي رَوْضةٌ مِن رِياضِ الجنَّةِ، وصَلاةٌ في مسجِدي كأَلْفِ صَلاةٍ فيما سِواه مِنَ المساجِدِ، إلَّا المسجِدَ الحَرامَ).
وقال -صلى الله عليه وسلم-: (إنَّ مِنبَري على تُرْعةٍ مِن تُرَعِ الجنَّةِ، وما بَينَ مِنبَري وحُجْرَتي رَوضةٌ مِن رِياضِ الجنَّةِ).
تشير هذه الأحاديث إلى أن الصلاة والعبادة في الروضة تؤدي إلى الجنة. وقيل إن الروضة تصبح جنة أو أن هذا المكان سينقل إلى الجنة لما فيه من فضل وعلم للإيمان وشهوده على خير الأنام.
وقيل أيضًا إن الروضة تكون من رياض الجنة بنزول الرحمة وحصول السعادة والراحة، فيكون المعنى مجازيًا هنا، وهذا ما رجحه الحافظ ابن حجر -رحمه الله-.
الأعمال المحببة في الروضة الشريفة
يمكن للمسلم القيام بالعديد من العبادات والأعمال المستحبة والمباحة عند زيارة الروضة الشريفة. فيما يلي بعض هذه الأعمال:
- الجلوس في الروضة وانتظار الصلاة.
- أداء الصلاة في الروضة.
- قراءة القرآن الكريم بتدبر وخشوع.
- السلام على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
- السلام على صحابة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وخلفائه الراشدين، مثل أبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب -رضي الله عنهما وأرضاهما-.
- أداء العبادات التي تقرب إلى الله -تعالى- بصدق وإخلاص.
- الإكثار من الدعاء والذكر، وتكرار زيارة الروضة طوال فترة الإقامة في المدينة المنورة.
- التذكر والاعتبار والتأمل في أحوال المسلمين في زمن النبي -صلى الله عليه وسلم- وأخلاقهم.
وقد ورد في كتب المدائح النبوية أن زيارة الروضة الشريفة تثير في قلب المسلم مشاعر طيبة، منها:
- الحاجة إلى مدح النبي -صلى الله عليه وسلم- والشوق الدائم إليه.
- التعبير عن الحب الخالص لنبي الله وصحابته الكرام -رضي الله عنهم-.
- تعظيم مقام النبي -صلى الله عليه وسلم- وإجلاله.
المصادر
- عبد المحسن العباد، شرح سنن أبي داود، صفحة 31. بتصرّف.
- ابن تيمية، الإخنائية أو الرد على الإخنائي، صفحة 262. بتصرّف.
- مجموعة من المؤلفين (1395)، “التعريف بالأمكنة أبجدياً-الروضة الشريفة”، مجلة البحوث الإسلامية، العدد 1، المجلد 1، صفحة 209. بتصرّف.
- ابن عثيمين، دروس الحرم المدني، صفحة 19. بتصرّف.
- رواه البخاري ، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن زيد الآنصاري، الصفحة أو الرقم:1195، صحيح.
- رواه شعيب الأرناؤوط، في تخريج المسند، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:9153، صحيح.
- رواه شعيب الأرناؤوط، في تخريج المسند، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:9338، إسناده صحيح على شرط مسلم.
- مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 247. بتصرّف.
- السمهودي، وفاء الوفاء بأخبار دار المصطفى، صفحة 31. بتصرّف.
- عبد الكريم الخضير، شرح الموطأ، صفحة 9-10. بتصرّف.
- ابن عساكر، إتحاف الزائر وإطراف المقيم للسائر، صفحة 70. بتصرّف.
- صالح الفوزان، من أعلام المجددين، صفحة 86. بتصرّف.
- محمود سالم، المدائح النبوية حتى نهاية العصر الملوكي، صفحة 33. بتصرّف.