أخلاق الرسول الكريم – أمثلة من السنة النبوية

خمس أحاديث تُظهر أخلاق الرسول الكريم، كالصدق والحلم والعفو والوفاء بالعهد، مع شرحها وتوضيح معانيها وأهميتها في حياة المسلم.

الصبر – خلق رسول الله

اشتهر النبي -صلى الله عليه وسلم- بصبره الجميل على الأذى الذي لاقاه من قومه، فكان يُواجه الإساءة بالرفق والحكمة، ويحمل أعباء الدعوة بصدرٍ رحب.
ففي أحداث يوم العقبة، صبر الرسول الكريم -صلى الله عليه وسلم- على رفض عبد ياليل بن عبد كلال، ولم يُيأس، فكان مُصمماً على نشر رسالة الله. وعن عائشة -رضي الله عنها- تقول: “يا رسول الله، هل أتى عليك يوم كان أشد من يوم أحد؟ فقال: لقَدْ لَقِيتُ مِن قَوْمِكِ وَكانَ أَشَدَّ ما لَقِيتُ منهمْ يَومَ العَقَبَةِ، إذْ عَرَضْتُ نَفْسِي علَى ابْنِ عبدِ يَالِيلَ بنِ عبدِ كُلَالٍ فَلَمْ يُجِبْنِي إلى ما أَرَدْتُ، فَانْطَلَقْتُ وَأَنَا مَهْمُومٌ علَى وَجْهِي، فَلَمْ أَسْتَفِقْ إلَّا بقَرْنِ الثَّعَالِبِ، فَرَفَعْتُ رَأْسِي فَإِذَا أَنَا بسَحَابَةٍ قدْ أَظَلَّتْنِي فَنَظَرْتُ فَإِذَا فِيهَا جِبْرِيلُ، فَنَادَانِي، فَقالَ: إنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قدْ سَمِعَ قَوْلَ قَوْمِكَ لَكَ، وَما رُدُّوا عَلَيْكَ، وَقَدْ بَعَثَ إلَيْكَ مَلَكَ الجِبَالِ لِتَأْمُرَهُ بما شِئْتَ فيهم، قالَ: فَنَادَانِي مَلَكُ الجِبَالِ وَسَلَّمَ عَلَيَّ، ثُمَّ قالَ: يا مُحَمَّدُ، إنَّ اللَّهَ قدْ سَمِعَ قَوْلَ قَوْمِكَ لَكَ، وَأَنَا مَلَكُ الجِبَالِ وَقَدْ بَعَثَنِي رَبُّكَ إلَيْكَ لِتَأْمُرَنِي بأَمْرِكَ، فَما شِئْتَ، إنْ شِئْتَ أَنْ أُطْبِقَ عليهمُ الأخْشَبَيْنِ، فَقالَ له رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: بَلْ أَرْجُو أَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ مِن أَصْلَابِهِمْ مَن يَعْبُدُ اللَّهَ وَحْدَهُ لا يُشْرِكُ به شيئًا” [١].

الحلم – سمة من سمات الرسول الكريم

كان الرسول الكريم -صلى الله عليه وسلم- يُعرف بحلمه ورفقه، فكان يُعامِل الناس باللين والود، حتى مع من آذاه، فكان صبره وحلمه مَثَلاً يحتذى به.
ففي رواية عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- يقول: “كُنْتُ أمْشِي مع رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ وعليه بُرْدٌ نَجْرَانِيٌّ غَلِيظُ الحَاشِيَةِ، فأدْرَكَهُ أعْرَابِيٌّ فَجَبَذَ برِدَائِهِ جَبْذَةً شَدِيدَةً، قالَ أنَسٌ: فَنَظَرْتُ إلى صَفْحَةِ عَاتِقِ النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، وقدْ أثَّرَتْ بهَا حَاشِيَةُ الرِّدَاءِ مِن شِدَّةِ جَبْذَتِهِ، ثُمَّ قالَ: يا مُحَمَّدُ مُرْ لي مِن مَالِ اللَّهِ الذي عِنْدَكَ، فَالْتَفَتَ إلَيْهِ فَضَحِكَ ثُمَّ أمَرَ له بعَطَاءٍ.” [٢].

وفي رواية أخرى، يقول أنس بن مالك -رضي الله عنه-: “كانَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ مِن أَحْسَنِ النَّاسِ خُلُقًا، فأرْسَلَنِي يَوْمًا لِحَاجَةٍ، فَقُلتُ: وَاللَّهِ لا أَذْهَبُ، وفي نَفْسِي أَنْ أَذْهَبَ لِما أَمَرَنِي به نَبِيُّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فَخَرَجْتُ حتَّى أَمُرَّ علَى صِبْيَانٍ وَهُمْ يَلْعَبُونَ في السُّوقِ، فَإِذَا رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ قدْ قَبَضَ بقَفَايَ مِن وَرَائِي، قالَ: فَنَظَرْتُ إلَيْهِ وَهو يَضْحَكُ، فَقالَ: يا أُنَيْسُ أَذَهَبْتَ حَيْثُ أَمَرْتُكَ؟ قالَ قُلتُ: نَعَمْ، أَنَا أَذْهَبُ، يا رَسولَ اللَّهِ.” [٣]

العفو – دليلاً على كرم أخلاق النبي

من أروع مَظاهر خلق النبي -صلى الله عليه وسلم- عفوه عن الناس، فكان يَغفر لأعدائه، ويرحمهم ويَدعو لهم بالخير، مُتعلمًا من صفات ربه.
عن عبدالله بن مسعود -رضي الله عنه- يقول: “كَأَنِّي أنْظُرُ إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَحْكِي نَبِيًّا مِنَ الأنْبِيَاءِ ضَرَبَهُ قَوْمُهُ فأدْمَوْهُ، وهو يَمْسَحُ الدَّمَ عن وجْهِهِ ويقولُ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِقَوْمِي؛ فإنَّهُمْ لا يَعْلَمُونَ.” [٤].

فكان النبي -صلى الله عليه وسلم- يُعلّم أمته أن العفو عن الناس هو من أفضل الصفات، وأن المغفرة تُخفف من الحقد والكراهية، وتُزرع المحبة والتسامح في القلوب.

الوفاء بالعهد – مبدأٌ ثابتٌ في حياة النبي

تُظهر لنا أحاديث النبي -صلى الله عليه وسلم- حرصه الشديد على الوفاء بالعهد، فكان يُؤكد على أهمية هذا المبدأ، ويُؤكّد على أنه من واجب كل مُسلم.
ففي معاهدة الحديبية، التي وقعت بين النبي -صلى الله عليه وسلم- وقريش، أصرّ النبي -صلى الله عليه وسلم- على أن يُكتب العهد بِاسم “محمد رسول الله”، لكن قريش رفضوا وطلبوا كتابة اسمه واسم أبيه.
وقد روى أنس بن مالك -رضي الله عنه- عن هذا الحدث: “أنَّ قُرَيْشًا صَالَحُوا النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ فيهم سُهَيْلُ بنُ عَمْرٍو، فَقالَ النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ لِعَلِيٍّ: اكْتُبْ، بسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، قالَ سُهَيْلٌ: أَمَّا باسْمِ اللهِ، فَما نَدْرِي ما بسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، وَلَكِنِ اكْتُبْ ما نَعْرِفُ باسْمِكَ اللَّهُمَّ، فَقالَ: اكْتُبْ مِن مُحَمَّدٍ رَسولِ اللهِ، قالوا: لو عَلِمْنَا أنَّكَ رَسولُ اللهِ لَاتَّبَعْنَاكَ، وَلَكِنِ اكْتُبِ اسْمَكَ وَاسْمَ أَبِيكَ، فَقالَ النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: اكْتُبْ مِن مُحَمَّدِ بنِ عبدِ اللهِ، فَاشْتَرَطُوا علَى النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ أَنْ مَن جَاءَ مِنكُم لَمْ نَرُدَّهُ علَيْكُم، وَمَن جَاءَكُمْ مِنَّا رَدَدْتُمُوهُ عَلَيْنَا، فَقالوا: يا رَسولَ اللهِ، أَنَكْتُبُ هذا؟ قالَ: نَعَمْ، إنَّه مَن ذَهَبَ مِنَّا إليهِم فأبْعَدَهُ اللَّهُ، وَمَن جَاءَنَا منهمْ سَيَجْعَلُ اللَّهُ له فَرَجًا وَمَخْرَجًا.” [٥]

المراجع

  1. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:1795، صحيح.
  2. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم:6088، صحيح.
  3. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم:2310، صحيح.
  4. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبدالله بن مسعود، الصفحة أو الرقم:3477، صحيح.
  5. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم:1784، صحيح.
Total
0
Shares
اترك تعليقاً
المقال السابق

نصائح صحية لنمط حياة صحي

المقال التالي

5 أرقام صحية تنقذ حياتك

مقالات مشابهة

أحاديث عن فضل القرآن الكريم

القرآن الكريم خير كتاب أُنزل على خير البشر، بأحسن الشرائع وأتمّها وأكملها، إلى أمةٍ هي خير أمة أُخرجت للناس، وهي أمّة الإسلام، جعله الله تعالى حجة على البشر، وشفيعا لأهله يوم القيامة، لكن عندما أعرض عنهالمسلمون، واستبدلوه باللهو والجرائد والمجلات، هان عليهم فضله العظيم، ولا شك أن المُعرض عن القرآن الكريم في خسارة عظيمة إن لم يرجع إليه وإلى دين الله القويم، ولو تأملنا في سيرة الصحابي الجليلعثمان بن عفانرضي الله عنه؛ لوجدناه دائم الحرص على تلاوته وتدبره، فلا يشغله شاغل عن القرآن، مع أنه كان خليفة للأمة، ومسؤول عنها وعن كل أمورها، فعلى المسلم أن يتمسّك بهذا النور، بتلاوته، وتدبّره، وتطبيق الأوامر والنواهي الواردة فيه، وبذلك يكون القرآن حجة له عند الله.
إقرأ المزيد