تعريف الصلاة
تُعرّف الصلاة لغةً بالدعاء، بينما في اصطلاح أهل الدين، هي عبادة الله -تعالى- بأفعالٍ وأقوالٍ محددةٍ تُفتح بالتكبير وتُختتم بالتسليم. من الجدير بالذكر أن وجوب الصلاة من الأمور المعلومة من الدين بالضرورة، حيث دلّ على وجوبها القرآن الكريم، والسنة النبوية، وإجماع الأمة. يقول الله تعالى:
> (قُل لِعِبادِيَ الَّذينَ آمَنوا يُقيمُوا الصَّلاةَ).[١]
أحكام الصلاة
أحكام الصلاة، مثل شروطها وأركانها وواجباتها، تُعدّ من أهمّ جوانبها، حيث إن صحة الصلاة تعتمد بشكلٍ مباشرٍ عليها. [٤]
شروط صحة الصلاة
الشرط هو ما لا يلزم من وجوده الوجود، ويلزم من عدمه العدم. شروط صحة الصلاة هي ما تُوقف عليها صحة الصلاة، وتبطل الصلاة في حال اختلّ شرطٌ من الشروط. إليك بيانها:
-
دخول الوقت:
يعدّ دخول الوقت من أهم شروط صحة الصلاة، إذ إن الصلاة عبادةٌ محددةُ بأوقاتٍ معينةٍ، ولا تصحّ خارج وقتها. يقول الله تعالى:> (إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا)،[٧]
وتُحدّد أوقات الصلاة في القرآن الكريم، حيث قال الله تعالى:
> (أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلوكِ الشَّمسِ إِلى غَسَقِ اللَّيلِ وَقُرآنَ الفَجرِ إِنَّ قُرآنَ الفَجرِ كانَ مَشهودًا)،[٨]
ودلوك الشمس أي زوالها، وغسق الليل أي انتصاف الليل. وتُبيّن السنة النبوية وقت كل صلاةٍ بشكلٍ مفصلٍ.
-
ستر العورة:
أجمع أهل العلم على بطلان صلاة من كشف عورته، واستدلّوا بقول الله تعالى:> (يا بَني آدَمَ خُذوا زينَتَكُم عِندَ كُلِّ مَسجِدٍ)،[٩]
وتنقسم العورة بالنسبة للمصلّين إلى عدّة أقسام، وهي: العورة المغلّظة، والعورة المتوسطة، والعورة المخفّفة.
-
الطهارة:
تنقسم الطهارة إلى نوعين؛ طهارةٌ من الحدث، وطهارةٌ من النجس. وتكون الطهارة من النجس في ثلاثة مواضع؛ وهي البدن، والثوب، ومكان الصلاة، وتبطل الصلاة في حال أدائها مع العلم بوجود النجاسة في أحد المواضع الثلاثة. أما الطهارة من الحدث فتنقسم إلى طهارةٍ من الحدث الأكبر، وطهارةٍ من الحدث الأصغر. وقد أجمع أهل العلم على فساد صلاة المحدث، واستدلّوا بما رُوي عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال:> (لا يَقْبَلُ اللَّهُ صَلاةَ أحَدِكُمْ إذا أحْدَثَ حتَّى يَتَوَضَّأَ).[١٠]
-
استقبال القبلة:
أجمع أهل العلم على عدم صحة الصلاة في حال عدم التوجّه إلى القبلة مع القدرة على استقبالها، واستدلوا بقول الله تعالى:> (فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ).[١١]
-
النية:
النية شرطٌ لصحة الصلاة، ومن صلّى بلا نية فصلاته باطلة. يقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:> (إنَّما الأعْمالُ بالنِّيّاتِ، وإنَّما لِكُلِّ امْرِئٍ ما نَوَى).[١٢]
أركان الصلاة
أركان الصلاة من أهم أحكامها، حيث إن ترك ركنٍ واحدٍ سواءً كان ذلك عمداً أو سهواً يُبطل الصلاة. إليك بيان أركان الصلاة:
-
القيام:
يجب القيام مع القدرة عليه في صلاة الفريضة، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:> (صَلِّ قَائِمًا، فإنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَقَاعِدًا، فإنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَعَلَى جَنْبٍ)،[١٤]
وأما صلاة النافلة فيجوز أداؤها قياماً أو قعوداً.
-
تكبيرة الإحرام:
يجب افتتاح الصلاة بالتكبير، لقول علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- عن النبي -عليه الصلاة والسلام-:> (تحريمها التكبير وتحليلها التسليم).[١٥]
-
قراءة الفاتحة:
يجب قراءة الفاتحة في كل ركعةٍ على الإمام والمأموم والمنفرد، ولا تصحّ الصلاة في حال عدم قراءتها، لقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:> (لَا صَلَاةَ لِمَن لَمْ يَقْرَأْ بفَاتِحَةِ الكِتَابِ).[١٦]
-
الركوع:
يجب الركوع في كل ركعةٍ، وقد ثبت ذلك في الكتاب والسنة والإجماع. -
الرفع من الركوع:
بعد الانتهاء من الركوع يجب الاعتدال منه والوقوف كالحالة السابقة له، والدليل على ذلك فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم. -
السجود:
لا تصحّ الصلاة إلا بالسجود في كل ركعةٍ مرتين، لقول الله تعالى:> (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا)،[١٧]
ويكون السجود بتمكين سبعة أعضاءٍ على الأرض، وهي: (الجبهة، واليدان، والركبتان، والأنف، وأطراف القدمين).
-
الرفع من السجود:
يجب الجلوس بين السجدتين، لقول أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنه- وهي تصف فعل الرسول، فقالت:> (وإذا رفَع رأسَه مِن السُّجودِ لَمْ يسجُدْ حتَّى يستويَ جالسًا).[١٨]
-
التشهّد الأخير والجلوس له، والصلاة على النبي عليه الصلاة والسلام:
وهو أن يقول: “اللهم صل على محمد…” وما زاد على ذلك فمن السنة. -
الطمأنينة:
يجب السكون في كل الأفعال المذكورة وإن قلّ، وفي حال عدم الاطمئنان في الصلاة تبطل، ويجب إعادتها. -
الترتيب:
يجب ترتيب الأركان التي سبق ذكرها بحسب ما وردت، والدليل على ذلك فعل النبي عليه الصلاة والسلام. -
التسليم:
والتسليم هو علامة انتهاء الصلاة، والتحلّل منها.
واجبات الصلاة
تختلف واجبات الصلاة عن أركانها بأنّ ترك الواجب سهواً لا يُبطل الصلاة وإنّما يجبره سجود السهو. إليك بيان واجبات الصلاة:
-
التكبيرات:
يجب التكبير عند الانتقال من ركنٍ إلى آخر. -
التسميع:
يجب على الإمام والمنفرد قول: “سمع الله لمن حمده” عند الرفع من الركوع، ولا يجب على المأموم قولها. -
التحميد:
يجب على الإمام والمأموم والمنفرد قول: “ربنا ولك الحمد” بعد الرفع من الركوع. -
التسبيح في الركوع:
يجب قول: “سبحان ربي العظيم” أثناء الركوع. -
التسبيح في السجود:
يجب قول: “سبحان ربي الأعلى” أثناء السجود. -
الاستغفار بين السجدتين:
يجب قول “رب اغفر لي” أثناء الجلوس بين السجدتين. - التشهّد الأول والجلوس له.
أهمية الصلاة
للسلاة أهميةً عظيمةً، وفضلاً كبيراً، فهي ثاني أركان الإسلام بعد الشهادتين. يقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:
> (إنَّكَ تَقْدَمُ علَى قَوْمٍ مِن أهْلِ الكِتَابِ، فَلْيَكُنْ أوَّلَ ما تَدْعُوهُمْ إلى أنْ يُوَحِّدُوا اللَّهَ تَعَالَى، فَإِذَا عَرَفُوا ذلكَ، فأخْبِرْهُمْ أنَّ اللَّهَ قدْ فَرَضَ عليهم خَمْسَ صَلَوَاتٍ في يَومِهِمْ ولَيْلَتِهِمْ)،[٢٠]
ومما يدلّ على أهمية الصلاة أنّ آخر وصيةٍ للنبي -عليه الصلاة والسلام- قبل وفاته كانت المحافظة على الصلاة. يقول علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-:
> (كان آخِرُ كلامِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه و سلَّمَ: الصلاةَ الصلاةَ، اتَّقُوا اللهَ فِيما مَلَكَتْ أيْمانُكُمْ).[٢١]
المراجع
- سورة إبراهيم، آية: 31.
- “تعريف و معنى الصلاة في قاموس المعجم الوسيط”،www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 4-5-2019. بتصرّف.
- “في تعريف الصلاة، وفضلها، ووجوب الصلوات الخمس”،www.al-eman.com، اطّلع عليه بتاريخ 4-5-2019. بتصرّف.
- فاطمة فتحي (16-8-2012)،”المختصر في أحكام الصلاة”،www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 4-5-2019. بتصرّف.
- الشيخ د. عبد الله الفريح (19-10-2016)،”شرح أركان الصلاة”،www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 4-5-2019. بتصرّف.
- “شروط صحة الصلاة”،www.islamqa.info، 2007-10-27، اطّلع عليه بتاريخ 4-5-2019. بتصرّف.
- سورة النساء، آية: 103.
- سورة الإسراء، آية: 78.
- سورة الأعراف، آية: 31.
- رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 6954، صحيح.
- سورة البقرة، آية: 144.
- رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عمر بن الخطاب، الصفحة أو الرقم: 1، صحيح.
- أبو الهيثم محمد درويش (31-1-2017)،”دورة علمية ميسرة – الحلقة (19): أحكام الصلاة (2/3) (أركان الصلاة وواجباتها وسننها)”،www.ar.islamway.net، اطّلع عليه بتاريخ 4-5-2019. بتصرّف.
- رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عمران بن الحصين، الصفحة أو الرقم: 1117، صحيح.
- رواه الألباني، في إرواء الغليل، عن علي بن أبي طالب، الصفحة أو الرقم: 301، صحيح.
- رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبادة بن الصامت، الصفحة أو الرقم: 756، صحيح.
- سورة الحج، آية: 77.
- رواه شعيب الأرناؤوط، في تخريج صحيح ابن حبان، عن عائشة، الصفحة أو الرقم: 1768، إسناده صحيح على شرط مسلم.
- “أركان الصلاة وواجباتها وسننها”،library.islamweb.net، 2002-1-6، اطّلع عليه بتاريخ 6-5-2019. بتصرّف.
- رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم: 7372، صحيح.
- رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن علي بن أبي طالب، الصفحة أو الرقم: 4616، صحيح.
- “أَهميَّةُ الصَّلاةِ وفَضلُها”،www.dorar.net، اطّلع عليه بتاريخ 4-5-2019. بتصرّف.