أحكام متعلقة بترك رمي الجمرات في أيام التشريق

أحكام عدم القيام برمي الجمرات في أيام التشريق. حكم تقديم رمي الجمرات في اليوم الثاني من أيام التشريق. حكم تأخير رمي الجمرات إلى آخر أيام التشريق. توقيت رمي الجمرات وشروط الصحة.

مقدمة

يعتبر رمي الجمرات جزءًا أساسيًا من مناسك الحج، حيث يجسد هذا العمل طاعة الله واقتداءً بسنة النبي إبراهيم عليه السلام. وفي هذا المقال، سنتناول الأحكام المتعلقة برمي الجمرات خلال أيام التشريق، مع التركيز على الحالات التي قد تطرأ مثل ترك الرمي أو تقديمه أو تأخيره، بالإضافة إلى شروط صحة هذا النسك.

ما هو حكم عدم رمي الجمرات في أيام التشريق؟

يرى أغلب العلماء أن رمي الجمرات في أيام التشريق هو واجب من واجبات الحج، ولا يجوز تركه إلا لعذر شرعي. وقد أجازوا الإنابة والتوكيل في الرمي للشخص العاجز أو المريض. واستدلوا بفعل النبي -عليه الصلاة والسلام- حيث قال: (رَأَيْتُ النبيَّ -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ- يَرْمِي علَى رَاحِلَتِهِ يَومَ النَّحْرِ، ويقولُ: لِتَأْخُذُوا مَنَاسِكَكُمْ، فإنِّي لا أَدْرِي لَعَلِّي لا أَحُجُّ بَعْدَ حَجَّتي هذِه).

من ترك الرمي بدون عذر، فعليه دم. بينما إذا تركه بعذر، فعليه أيضًا دم، لكن يسقط عنه الإثم. ويرى المالكيّة أنه حتى لو ترك حصاة واحدة، وجب عليه الدم. بينما يتسامح الشافعيّة والحنابلة في ترك حصاة أو حصاتين، ويرى الحنفيّة أن الحكم يكون للغالب مع وجوب جزاء عن الناقص.

ما هو حكم تقديم رمي الجمرات في اليوم الثاني من التشريق؟

الأصل هو ترتيب الرمي بين الجمرات، حيث يرمي الحاج في يوم العيد جمرة العقبة، وفي الأيام الثلاثة التي تليه يرمي الجمرات الثلاث. ولكن، يجوز رميها جميعًا في اليوم الثاني عشر، وهو ثاني أيام التشريق، ولكنه خلاف السُنة.

يجوز للحاج التعجيل في رمي الجمرات خلال يومين بعد العيد، استنادًا لقوله تعالى: (وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ). ورخّص النبي -عليه الصلاة والسلام- لمن رمى في اليوم الثاني عشر بعد الزوال بالتعجُّل، ولكن يجب عليه الخروج من منى قبل غروب الشمس في ذلك اليوم، وإلا يلزمه تأخر يوم آخر.

إذا وكّل الحاج شخصًا آخر للرمي في اليوم الحادي عشر أو الثاني عشر من أيام التشريق لكي يقوم بطواف الوداع ويسافر، فإنه يكون مخالفًا لهدي النبي -عليه الصلاة والسلام-، ويلزمه دم عن تركه المبيت بمنى، ودم عن تركه الرمي الذي وكل به غيره، ودم ثالث عن طواف الوداع، حتى لو طاف لأنّ طوافه للوداع وقع في غير وقته، وإن لم يستطع الدم صام عن كل فدية عشرة أيام.

من رمى الجمرات في اليوم الثاني عشر ثم طاف للوداع، ثم اضطر للعودة إلى منى للبحث عن الرفقة، فبات بها ليلة الثالث عشر، فلا يلزمه الرمي ذلك اليوم لكونه نفر من منى بنية الرحيل قبل غروب شمس اليوم الثاني عشر، ومن نقصه حصاة من أحد الجمار فلا شيء عليه.

ما هو حكم تأخير رمي الجمرات إلى آخر أيام التشريق؟

يجوز تأخير رمي الجمرات الثلاث إلى آخر أيام التشريق، ولكن يجب رميها بالترتيب مع النية. وإن أخّرها الحاج عن أيام التشريق أو ترك المبيت بمنى في لياليها، فعليه دم.

هذا التأخير جائز، ولكنه مخالف للسنة. ويرى أبو حنيفة أن من ترك حصاة أو حصاتين أو ثلاث إلى اليوم التالي، فعليه بكل حصاة نصف صاع.

وقال أيضًا إن ترك أكثر من ذلك، فيجب عليه رميها ويلزمه دم. وأجاز الشافعيّة تأخير الرمي خلال أيام التشريق، وإن لم يدرك الرمي خلالها، فيلزمه دم. وذهب الحنابلة إلى أنه إذا أخّر الحاج رمي يوم إلى ما بعده، أو أخّر الرمي كله إلى آخر أيام التشريق، ترك السنّة، ولا شيء عليه.

توقيت رمي الجمرات وشروط الصحة

يبدأ رمي الجمرات في يومي التشريق الأول والثاني من الزوال لكل يوم إلى الغروب، وهو وقت الجواز والسنة. أما وقت الكراهة فيبدأ من بعد الغروب حتى طلوع شمس اليوم الذي يليه من أيام التشريق، ويعتبر أداءً. وأما من طلوع الشمس في اليوم الثالث إلى غروبها فيعتبر قضاء.

من أخّره إلى بعد الغروب سقط عنه وعليه دم، وأما وقت الرمي في اليوم الثالث من أيام التشريق فيبدأ من طلوع فجره إلى الغروب، إلا أنه يكره قبل الزوال.

أما جمرة العقبة الكبرى فيبدأ وقتها عند الشافعيّة والحنابلة من نصف ليلة العيد، والأفضل رميها بعد طلوع الشمس، وأما المالكيّة والحنفيّة فيبدأ وقتها عندهم من بعد طلوع الشمس يوم العيد.

شروط صحة رمي الجمرات

لصحة رمي الجمرات، يجب توافر الشروط التالية:

  • أن تكون الحصاة من جنس الأرض كالحجارة أو الطين، أو مما يصح التيمم به، فلو رمى كفاً من تراب أجزأه عن حصاة واحدة، كما يشترط أن تكون الحصاة بمقدار الفولة أو النواة، ولا يجزئ الصغير جداً، ويكره الحصى الكبيرة مع الإجزاء، لفعل النبي -عليه الصلاة والسلام-.
  • أن يرمي كل جمرة بسبع حصيات في كل يوم وأن يرمي كل حصاة وحدها، ولو رماها دفعة واحدة لم تجزئ إلا عن واحدة، ولا يشترط أن تصيب الحصيات الجمرة بل لو وقعت قريبة منها دون ثلاثة الأذرع صح ذلك، وإن لم يتأكد أعاد الرمي احتياطاً.
  • ترتيب الجمرات الثلاث أثناء الرمي في أيام التشريق، حيث يبدأ بالصغرى، ثم الوسطى، ثم الكبرى.
  • أن يكون الرمي باليد، فلا يجزئ الوضع أو الطرح، أو الرمي بالقوس.
Total
0
Shares
المقال السابق

فتوى حول تأخير المرأة في قضاء صيام رمضان

المقال التالي

بيان حكم وضع الأظافر الاصطناعية

مقالات مشابهة