أقسام الشعر تبعاً للشريعة
ينقسم شعر الإنسان إلى ثلاثة أقسام رئيسية من حيث الحكم الشرعي لإزالته أو إبقائه:
- ما أمر الشارع بإزالته: مثل شعر الإبط والعانة. فقد ورد عن أنس بن مالك رضي الله عنه قوله: (وُقِّتَ لنا في قصِّ الشاربِ، وتقليمِ الأظفارِ، ونتفِ الإبطِ، وحلقِ العانةِ، أن لا نتركَ أكثرَ من أربعينَ ليلةً).
- ما نهى الشارع عن إزالته: مثل شعر الحاجبين (النمص)، لما ورد من لعن النامصات، وشعر اللحية بالنسبة للرجال.
- ما سكت الشارع عنه: وهو ما لم يرد فيه أمر أو نهي خاص، فيعتبر من الأمور المسكوت عنها التي يجوز فعلها أو تركها. ويدخل هذا القسم في عموم قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (الحلالُ ما أحلَّ اللهُ في كتابِهِ، والحرامُ ما حرَّمَ اللهُ في كتابِهِ، وما سَكَتَ عنهُ فَهوَ مِمَّا عفا عنهُ).
الضوابط الشرعية لقص الشعر
تتنوع الأحكام المتعلقة بقص الشعر، وتختلف باختلاف جنس الشخص (رجل أو امرأة) والنية من القص. فيما يلي تفصيل لهذه الأحكام:
النظر الشرعي في قص شعر الرجال
بالنسبة للرجال، يمكن تلخيص أحكام قص الشعر في الحالات التالية:
- الحلق أو التقصير في الحج أو العمرة: هذا العمل مشروع ومستحب، ويعد جزءاً من مناسك الحج والعمرة. وقد ورد في القرآن الكريم والسنة النبوية ما يدل على ذلك. قال تعالى: (لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لا تَخَافُونَ). والحلق أفضل من التقصير عند جمهور العلماء.
- الحلق لحاجة طبية: يجوز للرجل حلق شعره إذا كان ذلك ضرورياً للعلاج أو التداوي. وقد رخص الشرع للمحرم بحلق رأسه إذا كان به أذى.
- الحلق على سبيل التزهد: حلق الشعر أو تقصيره بنية التزهد والتقرب إلى الله، أو لجعل ذلك علامة على التدين، يعتبر بدعة غير مشروعة. لم يأمر به الشرع، ولم يفعله الصحابة أو التابعون.
- الحلق أو التقصير لغير سبب: اختلف العلماء في حكمه. بعضهم يرى أنه مكروه، وبعضهم يرى أنه مباح. واستدلوا بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم عندما رأى غلاماً قد حلق بعض شعر رأسه وترك الباقي: (احلقوه كلُّه، أو اتركوه كلُّه). وقالوا إن هذا الحديث يدل على جواز حلق الرأس كاملاً.
النظر الشرعي في قص شعر النساء
أما بالنسبة للنساء، فقد أفتى العلماء بحرمة حلق شعر الرأس كاملاً إلا لحاجة ضرورية كالتداوي. واستدلوا على ذلك بحديث عائشة رضي الله عنها: (أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ نهى أن تَحلِقَ المرأةُ رأسَها).
أما تقصير الشعر أو قصه بغرض التزين أو تخفيف مشقة غسله، فهو جائز شرعاً، لعدم وجود دليل على منعه. وقد ورد أن زوجات النبي صلى الله عليه وسلم كن يفعلن ذلك. فقد قالت السيدة عائشة رضي الله عنها: (وكان أزواجُ النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- يَأخذْنَ مِن رؤوسِهنَّ؛ حتّى تكونَ كالوَفْرَةِ).
ولكن العلماء وضعوا شروطاً لجواز قص المرأة لشعرها، وهي:
- ألا يكون القصد من القص التبرج والفتنة أمام الرجال الأجانب.
- ألا يكون القصد التشبه بالكافرات أو الفاجرات.
- ألا يكون القص على هيئة تشبه الرجال.
- ألا يقوم رجل أجنبي بقص الشعر.
- أن يكون القص بإذن الزوج ورضاه.
أشكال القزع وحكمه
القزع هو حلق بعض الرأس وترك بعضه الآخر. وله عدة أشكال:
- حلق بعض الشعر بشكل غير منتظم.
- حلق وسط الرأس وترك الجوانب.
- حلق جوانب الرأس وترك الوسط.
- حلق الناصية فقط وترك بقية الشعر.
والقزع مكروه بكل أشكاله، لما ورد أن الرسول صلى الله عليه وسلم نهى عنه، وقال: (احلقوه كلُّه، أو اتركوه كلُّه). وإذا كان القصد من القزع التشبه بالكفار، فإنه يصبح حراماً، لقوله صلى الله عليه وسلم: (من تشبَّه بقومٍ فهو منهم).
اعتبارات حول إطالة شعر الرجال
كان الرسول صلى الله عليه وسلم يطيل شعره، ولكنه لم يأمر بذلك، ولم ينه عنه، بل أمر بإكرامه وتسريحه. وعليه، فإطالة الشعر ليست من السنن التي يؤجر عليها المسلم بالضرورة.
وقد ذكر الشيخ ابن عثيمين رحمه الله أن إطالة الشعر في الأصل جائزة، ولكنها تخضع للعادات والأعراف السائدة. فإذا كانت الإطالة عادة خاصة بفئة معينة من الناس غير مرغوب فيها، فمن الأفضل عدم التشبه بهم. أما إذا كانت الإطالة عادة عامة، فلا بأس بها.
المصادر
- صحيح مسلم.
- صحيح ابن ماجه.
- صحيح الجامع.