مقدمة
الاعتداء على ممتلكات الآخرين، سواء كانوا من الأقارب أو غيرهم، يعد من الأمور المحرمة في الشريعة الإسلامية. السرقة تعتبر من كبائر الذنوب التي توعد الله مرتكبها بالعذاب في الدنيا والآخرة. وقد بينت الشريعة الإسلامية أحكاما تفصيلية تتعلق بالسرقة وعقوبتها.
قال تعالى: ﴿وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِّنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾. [المائدة: 38]
فيما يلي توضيح لبعض الأحكام المتعلقة بالسرقة من الأهل والأقارب:
حكم السطو على مال الوالدين
السطو على مال الوالدين يعتبر ذنباً عظيماً، لأنه يجمع بين معصيتين: السرقة وعقوق الوالدين. ويرى جمهور الفقهاء أنه لا يقام حد السرقة على الابن إذا سرق من مال أبيه أو أمه أو جده أو جدته، وذلك لأن الابن عادة ما يكون له حق التصرف في مال والديه.
أما إذا سرق الأب من مال ابنه، فإن ذلك لا يعتبر سرقة، لأن الأب له الحق في الأخذ من مال ابنه. فقد قال -صلى الله عليه وسلم-: (أنت ومالك لأبيك).
أما إذا وقع السطو من الأبناء دون سن البلوغ، فلا إثم عليهم، لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- رفع القلم عن ثلاث وذكر منهم (وعن الصبي حتى يشب). ولكن يجب تأديبهم وتعليمهم خطورة هذا الفعل.
وينبغي معاقبة الطفل بما يردعه عن تكرار هذا الفعل، مع مراعاة الأسلوب الأمثل لتوعيته بمدى خطورة ما فعله.
حكم السطو بين الزوجين
إذا أخذت المرأة من مال زوجها دون علمه بسبب تقصيره في حقها وحق أهل بيته، فإن ذلك لا يعتبر سرقة، بل يجوز لها أن تأخذ ما يكفي حاجتها وحاجة المنزل وحاجة أبنائها. وقد استند العلماء في ذلك إلى:
ما قاله النبي -صلى الله عليه وسلم- لهند امرأة أبي سفيان عندما قالت له إن أبا سفيان رجل شحيح، وليس يعطيني ما يكفي وولدي إلا ما أخذت منه وهو لا يعلم، فقال: (خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف).
أما إذا سرق الزوج من زوجته، فإنه يستحق العقوبة الشرعية، لأنه لا حق له في مال زوجته، وبسرقته يعتدي على حقها.
وفيما يتعلق بالسطو بين الزوجين على المال المحرز (أي المخفي عن نظر الآخر)، فقد اختلف العلماء في ذلك:
- المالكية: يرون أن اليد تقطع ويقام الحد، لأن عقد الزواج قائم على المنفعة، ولا يسقط الحد بسبب العقد.
- الحنفية: يقولون بعدم القطع، لأن نفقة الزوجة واجبة على الزوج، وهذا يعطيه شبهة حق في مالها.
- الشافعية: يذهبون إلى أن الزوج يقطع بسرقة مال الزوجة، ولا تقطع الزوجة بسرقة مال الزوج، لأن للزوجة حقًا في مال الزوج بالنفقة، وليس للزوج حق في مالها.
حكم السطو على مال الأقارب
يرى جمهور الفقهاء أن السطو على مال الأقارب يوجب إقامة الحد، ولا يوجد ما يمنع إقامة الحد. بينما يرى الحنفية تفصيلاً في ذلك:
- إذا كان السارق من ذوي الرحم المحرم (كالأخ والأخت والعم والعمة والخال والخالة)، فإن الحد لا يقام عليه.
- أما إذا كان السارق من الأقارب غير المحارم (كأبناء الأخوال والأعمام)، فإن الحد يقام عليه وتقطع يده.
حكم إعادة المسروقات إلى الأهل
يجب إعادة المسروقات إذا كانت موجودة، أو رد قيمتها إذا كانت تالفة، سواء كان السارق غنياً أو فقيراً. ومن أراد أن يتوب، فعليه أن يذهب إلى أهل المسروق منهم ويعترف بذنبه ويرد المسروقات ويتوب إلى الله توبة نصوحاً ويعزم على عدم العودة إلى هذا الفعل. فالله غفور رحيم إذا صدق العبد في توبته.