تفسير معنى النذر
النذر في الشريعة الإسلامية هو أن يلزم الشخص المكلف نفسه بفعل شيء لله تعالى، لم يلزمه به الشرع أصلاً، وذلك بصيغة تفيد الالتزام. مثال ذلك أن يقول: “لله عليّ أن أفعل كذا”، ثم يذكر الشيء الذي نذره. النذر الصحيح قد يكون منجزًا أو معلقًا. النذر المنجز هو الذي ينذر فيه الشخص بفعل شيء دون تعليقه على أمر آخر، كأن يقول: “لله عليّ أن أصوم ثلاثة أيام”. أما النذر المعلق فهو الذي يعلق فيه الشخص فعل النذر على حصول أمر ما، مثل أن يقول: “إن شفى الله مريضي، فلله عليّ أن أتصدق بألف ريال”.
الرأي الشرعي في النذر وتصنيفاته
اختلف العلماء في حكم النذر الأصلي على عدة آراء، وسنستعرضها فيما يلي:
- الحنفية: يرون أن النذر جائز في الطاعات، سواء كان منجزًا أو معلقًا.
- المالكية: يميزون بين النذر المنجز والنذر المقيد والمكرر. النذر المنجز مستحب عندهم، بينما النذر المكرر مكروه، والمقصود بالمكرر هو أن ينذر الشخص بصيام كل خميس. أما النذر المعلق، فقد اختلف أئمة المالكية فيه، فمنهم من كرهه ومنهم من أباحه، والإباحة هي الرأي الأرجح.
- الشافعية والحنابلة: يرون أن النذر مكروه كراهة تنزيه لا تحريم، مستندين إلى حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: “النَّذْرُ لا يُقَدِّمُ شيئًا، وَلَا يُؤَخِّرُهُ، وإنَّما يُسْتَخْرَجُ بِهِ مِنَ البَخِيلِ”. والسبب في هذه الكراهة هو أن النذر لا يحقق ما يريده الإنسان ولا يرد قضاء الله، وإذا تحقق ما أراده الإنسان بعد النذر، فقد يظن أن ذلك بسبب النذر الذي نذره.
أصناف النذر
للنذر أنواع متعددة، نذكر منها ما يلي:
- نذر الطاعة أو التبرر: وهو أن ينذر المكلف بفعل طاعة مقابل حصول نعمة أو دفع نقمة، كأن يقول: “لله علي صوم شهر إن شفاني الله”. هذا النوع من النذر واجب الوفاء به، وإذا لم يستطع الناذر الوفاء به لعذر ككبر السن أو غيره، فعليه كفارة يمين.
- نذر اللجاج: وهو أن يعلق الناذر فعل المنذور على شيء، ولكنه يخرج مخرج اليمين، إما ليفعل شيئًا أو ليمنع نفسه من فعل شيء. في هذا النوع من النذر، يخير الناذر بين التكفير عن يمينه إذا وقع ما علق عليه النذر، أو الوفاء بالنذر.
- النذر المطلق: وهو أن يقول الناذر: “لله علي نذر”، دون أن يذكر المنذور. في هذه الحالة، يلزم الناذر كفارة يمين.
- النذر المباح: وهو أن ينذر الناذر بفعل شيء مباح، كأن يقول: “لله علي نذر أن أركب سيارتي”. اختلف العلماء في حكم هذا النوع من النذر، فذهب الحنفية والحنابلة إلى أن الناذر له الخيار بين فعل المنذور وكفارة اليمين، بينما ذهب المالكية والشافعية إلى أن الناذر يباح له فعل المنذور أو عدم فعله، وليس عليه شيء إذا لم يفعله.
- النذر المكروه: مثل نذر الطلاق. في هذا النوع من النذر، يستحب التكفير عن اليمين ليخرج الناذر نفسه من عهدة النذر ولا يفي به، ولكن إن وفى بنذره، فلا شيء عليه.
- نذر المعصية: كنذر فعل شيء محرم، مثل شرب الخمر. هذا النوع من النذر يحرم فعله باتفاق العلماء، مستندين إلى حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: “مَن نَذَرَ أنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ، ومَن نَذَرَ أنْ يَعْصِيَهُ فلا يَعْصِهِ”. لكن اختلف العلماء فيما يترتب على هذا النذر، فذهب أبو حنيفة وأحمد إلى وجوب الكفارة على نذر المعصية، بينما ذهب مالك والشافعي ورواية عن أحمد إلى أنه لا كفارة عليه، لأن الرسول لم يأمر بذلك في الحديث.