فهرس المحتويات:
مقدمة حول الزكاة في الذهب
تعتبر الزكاة ركنًا أساسيًا من أركان الإسلام، وهي عبادة مالية ذات أهمية كبيرة في تحقيق التكافل الاجتماعي والاقتصادي. ومن بين الأموال التي تجب فيها الزكاة الذهب، الذي يعتبر من المعادن النفيسة ذات القيمة العالية، والذي يُستخدم في صور متعددة، كالنقود والسبائك والحلي. يهدف هذا المقال إلى إلقاء الضوء على الأحكام الشرعية المتعلقة بالزكاة في الذهب، وتوضيح المسائل المختلف فيها بين العلماء، وتقديم إرشادات عملية لحسابها وإخراجها.
الرأي العام حول وجوب الزكاة في الذهب
اتفق جمهور الفقهاء على وجوب الزكاة في الذهب بشكل عام، استنادًا إلى أدلة من القرآن الكريم والسنة النبوية. من الأدلة القرآنية قول الله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلاَ يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ﴾. هذه الآية تدل على أن اكتناز الذهب والفضة وعدم إنفاقهما في سبيل الله يستوجب العذاب الأليم. وتجب الزكاة في الذهب سواء كان على هيئة نقود متداولة، أو سبائك محفوظة، أو حلي مصنوعة. ويشترط لوجوب الزكاة في الذهب أن يمر عليه حول كامل (سنة قمرية) وأن يبلغ النصاب الشرعي، وهو ما يعادل 85 غراماً من الذهب الخالص. وإذا تحقق هذان الشرطان، وجب إخراج ربع العشر (2.5%) من قيمة الذهب.
في حالة اختلاط الذهب بغيره من المعادن، كالنحاس، فإن الزكاة لا تجب إلا إذا بلغ مقدار الذهب الخالص النصاب. اختلف الفقهاء في هذه المسألة، فذهب الشافعية والحنابلة إلى أنه لا زكاة فيه حتى يبلغ الذهب الخالص نصاباً كاملاً، بغض النظر عن نسبة الذهب إلى المعدن الآخر. أما الحنفية، فيرون أن العبرة للغالب، فإذا كان الذهب هو الغالب، اعتبر المال كله ذهباً وزُكِّيَ على هذا الأساس، وإذا كانت الفضة هي الغالب، اعتبر المال كله فضة وزُكِّيَ زكاة الفضة. وإذا كان الغالب هو النحاس، فإنه يُزَكَّى كالنُّقود إذا كان رائجاً في الاستعمال. ويرى المالكية أن الذهب المخلوط إذا كان رائجاً كرواج الذهب الخالص، فإنه يزكى الخالص منه، وإذا لم يكن رائجاً، فإنه لا يزكى إلا إذا بلغ الخالص منه النصاب.
الخلاف الفقهي في زكاة الحلي الذهبية
اختلف الفقهاء في حكم زكاة الحلي المصنوعة من الذهب إلى قولين رئيسيين:
- القول الأول: عدم وجوب الزكاة في حلي المرأة من الذهب. ذهب إلى هذا الرأي جمهور العلماء، واستندوا إلى أقوال وأفعال بعض الصحابة، كابن عمر وعائشة وأسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهم. استدلوا بفعل ابن عمر رضي الله عنه: (كان يحلّي بناته وجواريه الذهب ثم لا يخرج منه الزكاة).
- القول الثاني: وجوب الزكاة في الذهب مطلقاً. يرى أصحاب هذا القول وجوب الزكاة في الذهب سواء كان معداً للبس أو الاكتناز أو التجارة، بشرط بلوغ النصاب وحولان الحول. وهذا مذهب الحنفية، واستدلوا بعموم النصوص الدالة على وجوب الزكاة في الذهب، كقول الله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلاَ يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ﴾، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: (ما من صاحبِ ذهبٍ لا يؤدي ما فيها؛ إلا جعل له يومَ القيامةِ صفائحَ من نارٍ يُكوَى بها). واستدلوا أيضاً بحديث عائشة رضي الله عنها: (دخلَ عليَّ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ فرأى في يديَّ فتَخاتٍ من وَرِقٍ، فقالَ: ما هذا يا عائشةُ؟، فقلتُ: صنعتُهُنَّ أتزيَّنُ لَكَ يا رسولَ اللَّهِ، قالَ: أتؤدِّينَ زَكاتَهُنَّ؟ قلتُ: لا، أو ما شاءَ اللَّهُ، قالَ: هوَ حَسبُكِ منَ النَّارِ).
طريقة حساب مقدار زكاة الذهب
تُخرج زكاة الذهب عندما يبلغ النصاب، وهو ما يعادل 85 غراماً من الذهب الخالص. ومقدار الزكاة الواجبة هو ربع العشر، أي 2.5%. لحساب مقدار الزكاة، يمكن اتباع إحدى الطريقتين التاليتين:
- الطريقة الأولى: قسمة مجموع غرامات الذهب على العدد أربعين، والناتج هو مقدار الزكاة الواجبة.
- الطريقة الثانية: قسمة مجموع الغرامات على العدد عشرة، ثم قسمة الناتج على العدد أربعة، والناتج هو مقدار الزكاة الواجبة.
إذا أراد المسلم إخراج زكاة الذهب بالنُّقود، فإنه يقوم بضرب مجموع غرامات الذهب بسعر الغرام الواحد حسب العملة في بلده، ثم يقسم الناتج على أربعين، والناتج هو مقدار الزكاة الواجبة.
المراجع
- سورة التوبة، آية: 34-35.
- حديث عائشة رضي الله عنها في سنن أبي داود.