جدول المحتويات
متى يجوز التيمم بدل الاغتسال من الجنابة في الطقس البارد؟
عندما يصاب المسلم بالجنابة ويحل وقت الصلاة، يجب عليه أن يغتسل بالماء. ولكن، إذا تعذر عليه استخدام الماء بسبب فقده، أو لأن استعماله قد يسبب له ضررًا، أو بسبب البرد القارس وعدم وجود وسيلة لتسخين الماء، فإنه ينتقل إلى التيمم بالتراب الطاهر. وقد ورد في القرآن الكريم ما يدل على جواز التيمم لمن يخشى أن يؤدي الاغتسال بالماء إلى الوفاة أو تفاقم المرض أو تأخر الشفاء.
أفاد الإمام ابن حجر -رحمه الله- بجواز التيمم لمن يخاف على نفسه الهلاك إذا استخدم الماء للاغتسال بسبب البرد الشديد أو لأسباب أخرى. ويتضح من ذلك أنه إذا كان بإمكان المسلم أن يجد ماءً دافئًا أو يقوم بتسخين الماء المتوفر لديه، أو شراء الماء الساخن من جيرانه أو غيرهم، فإنه يجب عليه فعل ذلك. وإلا، فإنه معذور بالتيمم في حالة البرد الشديد الذي قد يترتب عليه خطر عند استخدام الماء.
قال تعالى في سورة المائدة: ﴿وَإِن كُنتُم مَّرْضَىٰ أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِّنكُم مِّنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُم مِّنْهُ ۚ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ وَلَٰكِن يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾ [المائدة: 6].
ما حكم التيمم في حال توفر الماء؟
لا يجوز للمسلم أن يلجأ إلى التيمم إذا كان الماء متوفرًا وقادرًا على استخدامه. بل يجب عليه استخدام الماء للوضوء أو الاغتسال من الجنابة، ولا يُعذر بتركه والاكتفاء بالتيمم. وإذا تيمم مع وجود الماء وصلى، فإن صلاته لا تصح، لأن شرط الطهارة فيها مفقود، أي الطهارة بالماء عند القدرة على ذلك.
التيمم مع وجود الماء يعتبر تهاونًا كبيرًا وفعلًا غير مقبول، ولا يجوز للمسلم القيام به لأنه مخالف للأدلة الشرعية التي تحث على استخدام الماء متى ما توفرت القدرة.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “الصَّعِيدُ الطَّيِّبُ وَضُوءُ الْمُسْلِمِ، وَإِنْ لَمْ يَجِدِ الْمَاءَ عَشْرَ سِنِينَ، فَإِذَا وَجَدَ الْمَاءَ فَلْيُمِسَّهُ بَشَرَتَهُ”
متى يسمح للمريض بالتيمم؟
من الأعذار التي تبيح للمسلم اللجوء إلى التيمم هو الخوف من حدوث المرض أو تفاقمه. وقد أشار إلى ذلك الإمام الشربيني بقوله: إذا كان الشخص يعاني من مرض بسيط أو لم يكن مريضًا، ولكنه يخشى حدوث مرض إذا استعمل الماء، فإنه يجوز له أن يتيمم.
بناءً على ذلك، يجوز للمسلم إذا كان مريضًا أو خاف من حدوث المرض أن يتيمم أخذًا برخصة الله لعباده. وإذا كان قادرًا على غسل بعض أعضائه دون ضرر، فإنه يجب عليه غسل ما يقدر على غسله، ثم يتيمم للباقي. وهذا يجسد تيسير الدين الإسلامي ورفع الحرج عن المكلفين.
وقد روي عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، قال: “خرجنا في سفر فأصاب رجلا منا حجر فشجه في رأسه ثم احتلم، فسأل أصحابه فقال: هل تجدون لي رخصة في التيمم؟ فقالوا: ما نجد لك رخصة وأنت تقدر على الماء، فاغتسل فمات، فلما قدمنا على النبي صلى الله عليه وسلم أخبر بذلك فقال: قتلوه قتلهم الله، ألا سألوا إذ لم يعلموا، فإنما شفاء العي السؤال، إنما كان يكفيه أن يتيمم ويعصر أو يعصب على جرحه خرقة ثم يمسح عليها ويغسل سائر جسده”.