أحكام التعزية وفترة الحداد على المتوفى

تعرف على المدة الشرعية للحداد، وكيفية الحداد الصحيحة، والأمور الممنوعة في الحداد على الميت. نظرة شاملة لأحكام العزاء في الشريعة الإسلامية.

الرخصة الشرعية في إظهار الحزن

يُعتبر إظهار الحزن والتعزية في فقد الأحبة أمرًا طبيعيًا وفطريًا، وقد أباحت الشريعة الإسلامية للمرأة إظهار الحزن على المتوفى، ولكن بضوابط وشروط محددة. وقد ورد في الحديث الشريف دلالة واضحة على ذلك، حيث قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:

“(لا يَحِلُّ لاِمْرَأَةٍ تُؤْمِنُ باللَّهِ والْيَومِ الآخِرِ أنْ تُحِدَّ فَوْقَ ثَلاثٍ إلَّا علَى زَوْجٍ، فإنَّها تُحِدُّ عليه أرْبَعَةَ أشْهُرٍ وعَشْرًا)”.[١]

يشير هذا الحديث إلى أن للمرأة الحق في إظهار الحزن على أقاربها لمدة لا تتجاوز ثلاثة أيام، بينما يختلف الأمر في حالة وفاة الزوج، حيث يجب عليها الحداد لمدة أربعة أشهر وعشرة أيام. وقد استنبط العلماء من هذا الحديث أن هذه الرخصة مقصورة على النساء، بينما لا يجوز للرجل إظهار الحداد على أي من الأموات، سواء كانوا من الأقارب أو الزوجة.

المدة الزمنية المحددة للعزاء

تختلف المدة المحددة للحداد بحسب العلاقة بين المرأة والمتوفى. ففي حالة الأقارب، لا يجوز أن تتجاوز مدة الحداد ثلاثة أيام، وذلك وفقًا للسنة النبوية. أما في حالة وفاة الزوج، فإن المدة الشرعية للحداد هي أربعة أشهر وعشرة أيام، وهي فترة العدة التي يجب على المرأة أن تلتزم بها. هذه الفترة تهدف إلى إظهار الحزن والوفاء للزوج، بالإضافة إلى التأكد من خلو الرحم.

الآداب المستحبة في فترة الحداد

تتنوع مظاهر الحداد المشروعة باختلاف صلة القرابة بين المتوفى والمرأة المحدة. وفيما يلي تفصيل لذلك:

كيفية الحداد على الأقارب

يتجلى حداد المرأة على قريبها المتوفى في الابتعاد عن كل ما يثير البهجة والسرور، وكل ما يتعارض مع مشاعر الحزن والفقد. يشمل ذلك تجنب مظاهر الزينة والتبرج، والتركيز على التعبير عن الحزن بطرق لائقة ومقبولة شرعًا.

كيفية الحداد على الزوج

لقد بين النبي -صلى الله عليه وسلم- بشكل واضح كيفية الحداد على الزوج، حيث قال:

“(المتَوفَّى عنْها زوجُها لاَ تلبسُ المعصفرَ منَ الثِّيابِ ولاَ الممشَّقةَ ولاَ الحلي ولاَ تختضبُ ولاَ تَكتحلُ)”.[٤]

وبناءً على هذا الحديث، يجب على المرأة المتوفى عنها زوجها أن تترك الزينة، وتتجنب ارتداء الملابس المزخرفة أو الملونة، بالإضافة إلى الامتناع عن استخدام العطور وأدوات التجميل.

المحظورات الشرعية في التعزية

يُعتبر الحداد غير المشروع هو الذي يتجاوز المدة الزمنية المحددة شرعًا، أو يخالف الآداب والكيفية التي بينتها الشريعة الإسلامية. وفيما يلي بعض الأمثلة على ذلك:

تجاوز المدة المحددة للحداد على الأقارب

من صور الحداد غير المشروع أن تستمر المرأة في الحداد على أحد أقاربها لمدة تتجاوز ثلاثة أيام. ففي ذلك مخالفة صريحة للسنة النبوية المطهرة. ومما يدل على عدم جواز ذلك، ما روته السيدة زينب بنت جحش بعد وفاة أخيها:

“(ما لي بالطِّيبِ مِن حَاجَةٍ، غيرَ أَنِّي سَمِعْتُ رَسولَ اللَّهِ يَقولُ: لا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ باللَّهِ واليَومِ الآخِرِ، تُحِدُّ علَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلَاثٍ)”.[٨]

الامتناع عن المناسبات الاجتماعية

يعتبر امتناع أهل المتوفى عن إقامة المناسبات الاجتماعية والأفراح من الأمور المبتدعة التي لا دليل عليها في الشرع، وتخالف الكيفية المعتبرة في الحداد.

حداد الرجال

يعد حداد الرجل على أحد الأموات، سواء كان من الأقارب أو الزوجة، من الأمور غير المشروعة. فالحداد حكم خاص بالنساء دون الرجال.

المصادر

  1. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أم حبيبة، الصفحة أو الرقم:1486، صحيح.
  2. أبتفيحان شالي المطيري (1984)،الإمداد بأحكام الحداد(الطبعة 16)، صفحة 167. بتصرّف.
  3. مجموعة من المؤلفين،مجلة الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، صفحة 234، جزء 31. بتصرّف.
  4. رواه الألباني، في صحيح أبي داوود، عن أم سلمة ، الصفحة أو الرقم:3204، صحيح.
  5. مجموعة من المؤلفين،مجلة الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، صفحة 31، جزء 31. بتصرّف.
  6. أبتمجموعة من المؤلفين،فتاوى الشبكة الإسلامية، صفحة 13094، جزء 11. بتصرّف.
  7. مجموعة من المؤلفين،مجلة الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، صفحة 235، جزء 31. بتصرّف.
  8. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أم حبيبة، الصفحة أو الرقم:1281، صحيح.
Total
0
Shares
اترك تعليقاً
المقال السابق

استكشاف أحكام الحجامة وفوائدها

المقال التالي

مشروعية الحزن عند الفقد: نظرة شرعية وأدعية

مقالات مشابهة