مقدمة حول الصدقة التطوعية
تنقسم العبادات في الشريعة الإسلامية إلى قسمين رئيسيين: الفرائض والنوافل. كما أنها تصنف إلى عبادات مالية، وعبادات بدنية، وعبادات تجمع بين الجانبين المالي والبدني. وتعتبر الصدقة التطوعية من الأعمال المالية التي لا تفرض على المسلم بشكل إلزامي.
الصدقة التطوعية هي ما يخرجه المسلم من ماله الخاص بدافع الطاعة والتقرب إلى الله عز وجل. ينبع هذا العطاء من رغبة داخلية وليس نتيجة لالتزام أو فريضة محددة كالزكاة أو صدقة الفطر. إنها تعبير عن شعور الفرد بمسؤولية تجاه المحتاجين ورغبة في التخفيف من معاناتهم.
تعد الصدقة الطوعية سنة مؤكدة عن النبي محمد -صلى الله عليه وسلم-، حيث كان يحرص عليها ويداوم عليها. بل قد تكون في بعض الأحيان أكثر أهمية من الصدقات المفروضة، لما فيها من إخلاص وتطوع ورغبة صادقة في الخير.
الأهمية العظيمة للصدقة الطوعية
تتميز الصدقة التطوعية بفوائد جمة وعظيمة، نذكر منها ما يلي:
زيادة المال ومضاعفة الأجر
تعتبر الصدقة التطوعية من الأسباب التي تؤدي إلى زيادة المال ومضاعفة الأجر والثواب للمتصدق. وقد ذكر الله -تعالى- ذلك في كتابه الكريم: ﴿مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّئَةُ حَبَّةٍ وَاللّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاءُ وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ﴾.
الظل يوم القيامة
المتصدق بصدقة التطوع يكون في ظل الله يوم القيامة، حيث قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ في ظِلِّهِ، يَومَ لا ظِلَّ إلَّا ظِلُّهُ: رَجُلٌ تَصَدَّقَ، أخْفَى حتَّى لا تَعْلَمَ شِمَالُهُ ما تُنْفِقُ يَمِينُهُ).
البركة في المال
الصدقة لا تنقص المال بل تزيده بركة ونماء، كما قال -صلى الله عليه وسلم-: (ما نَقَصَتْ صَدَقةٌ مِن مالٍ).
دعاء الملائكة للمتصدق
الملائكة تدعو للمنفقين بالخلف والزيادة، حيث قال -صلى الله عليه وسلم-: (ما مِن يَومٍ يُصْبِحُ العِبادُ فِيهِ، إلَّا مَلَكانِ يَنْزِلانِ، فيَقولُ أحَدُهُما: اللَّهُمَّ أعْطِ مُنْفِقًا خَلَفًا).
الوقاية من النار
تعد الصدقة وقاية من النار، حتى ولو كانت قليلة، لقوله -صلى الله عليه وسلم-: (مَنِ اسْتَطاعَ مِنكُم أنْ يَتَّقِيَ النَّارَ ولو بشِقِّ تَمْرَةٍ).
مغفرة الذنوب
الصدقة تمحو إثم الخطيئة والذنب، وذلك لقوله -صلى الله عليه وسلم-: (والصَّدقةُ تُطْفِئُ الخطيئةَ كما يُطْفِئُ الماءُ النَّارَ).
جلب الرزق
الصدقة سبب لجلب الرزق، لما يرويه النبي -صلى الله عليه وسلم- عن ربه في الحديث القدسي، حيث قال: (قالَ اللَّهُ -تعالى-: أنْفِقْ يا ابْنَ آدَمَ أُنْفِقْ عَلَيْكَ).
الأجر على الإحسان للحيوان
حتى الإحسان إلى الحيوانات فيه أجر، حيث سئل النبي -صلى الله عليه وسلم-: (يا رَسولَ اللَّهِ، وإنَّ لنا في البَهائِمِ أجْرًا؟ قالَ: في كُلِّ كَبِدٍ رَطْبَةٍ أجْرٌ).
الاستظلال بظلها يوم القيامة
يستظل العبد بظل صدقته يوم القيامة.
الفئات المستحقة للصدقة الاختيارية
تُعطى الصدقة التطوعية لجميع المحتاجين، سواء كانوا من الأقارب أو الأرحام، أو الأزواج الفقراء. الأولوية في العطاء تكون للأقرب فالأقرب. كما يجوز إعطاؤها للجيران، وحتى للأعداء، ولطلاب العلم، ولغير المسلمين.
في العصر الحديث، يمكن أن تشمل الصدقة المساهمة في مصاريف العلاج، أو التعليم، أو سداد الديون والالتزامات المالية كإيجار المنازل أو فواتير الخدمات الأساسية كالماء والكهرباء.
خلاصة واستنتاج
الصدقة التطوعية هي عبادة عظيمة الأجر، لها فوائد جمة في الدنيا والآخرة. وهي تعبر عن إحساس المسلم بمسؤوليته تجاه مجتمعه ورغبته في مساعدة المحتاجين. لذلك، يجب على كل مسلم أن يحرص على فعل الخير والتصدق بما يستطيع، ابتغاء مرضاة الله.