أحكام الأضحية عند المذاهب الأربعة

شرح شامل لأحكام الأضحية عند المذاهب الأربعة، من شروط صحة الأضحية إلى أنواع الأضاحي المسموح بها واختلاف الآراء حول سن الأضحية

محتويات

حكم الأضحية عند المذاهب الأربعة

تُعدّ الأُضحية من العبادات التي يحرص المسلمون على أدائها في عيد الأضحى، وقد اختلف الفقهاء من المذاهب الأربعة في حُكمها، فبعضهم يراها واجبة، بينما يرى البعض الآخر أنّها سنة مؤكّدة.

مذهب الجمهور من المالكية والشافعية والحنابلة

يُقرّر جمهور الفقهاء من المذاهب الثلاثة المذكورة أنّ الأضحية سُنّة مؤكدة، أيّ أنّ من قام بها يُثاب عليها، ومن تركها لا يُعاقب. ويرتكزون في استدلالهم على حديث أمّ سلمة رضي الله عنها، حيث قالت: “قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا دخل العشر الأوائل فأراد أحدُكم أن يُضَحِّيَ فلا يَمَسَّ من شعَرِه ولا من بشَرِه شيئًا)”. [٢]

وقد فسرّ الشافعي هذا الحديث بأنّه يُشير إلى أنّ الأضحية ليست بواجبة لقول النبي صلى الله عليه وسلم: “(فأراد أحدُكم)”، فالأمر يُفيد التخيير لا الوجوب.
وإضافة إلى ذلك، استدلّوا بفعل النبي صلى الله عليه وسلم، حيث كان يُضحي عن أُمّته بكبش أقرن أملح.

مذهب أكثر فقهاء الحنفية

على خلاف جمهور الفقهاء، يرى فقهاء الحنفية أنّ الأضحية واجبة على المقيم الميسور الحال. ويستدلّون بقول الله تعالى: “(فَصَّلِّ لربِّكَ وانحَر)” [٣].
ويُؤكّدون أنّ الأمر في كلمة “وانحر” يُفيد الوجوب.

ويُستدلّون أيضًا بحديث ابن عمر رضي الله عنهما: “(أقامَ رسولُ اللهِ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ- بالمدينةِ عشرَ سنينَ يُضحِّي)” [٤].
ويفسّرون هذا الحديث بأنّ فعله عليه الصلاة والسلام في كلِّ عام يدلّ على المداومة، وهذا يُشير إلى أنّها واجبة.

شروط صحة الأضحية عند المذاهب الأربعة

لصحة الأضحية، يجب على المُضحي أن يلتزم ببعض الشروط، ونذكرها فيما يلي:

أن تكون من الأنعام

اتفق جمهور الفقهاء من المذاهب الأربعة على شرط أن تكون الأضحية من الأنعام، أيّ الإبل والبقر والغنم. فلا تُقبل الأُضحية بدجاجة أو طير، أو حمار أو غزال أو غيرها.

قال القرطبي: “والذي يُضحى به بإجماع المسلمين الأزواج الثمانية؛ وهي الضأن والمعز والإبل والبقر”. [٥]

سلامتها من العيوب

تختلف المذاهب في تحديد العيوب التي تُبطل الأضحية، وفيما يلي تفصيل ذلك:

مذهب الحنفية

لا تُقبل الأضحية عندهم بالعمياء ولا العوراء (التي لا مُخّ بعظمها أيّ الهزيلة)، ولا العرجاء التي لا تستعين بعرجها على المشي، أما إذا تستعين فتصحّ الأضحية.

لا تُقبل الأضحية كذلك بمن قطعت إحدى أذنيها أو ذنبها، أو بمقطوعة الألية إذا ذهب أكثر من ثُلثها، ولا بالتي مقطوع لبنُها، ولا بالتي منعها جنونها عن الرعي.

وتصحّ الأضحية بالجرباء إن كانت سمينة وإلا فلا.

مذهب المالكية

لا تُقبل الأضحية عندهم بالعمياء أو بالعوراء، والمعتبر فيهما ذهاب ضوء العين.

لا تُقبل كذلك بالمريضة ولا تصحّ بالجرباء جربا ظاهرا، ولا تصحّ بالمجنونة، ولا تصحّ بالمهزولة (التي لا مخّ في عظامها).

لا تُقبل بالعرجاء عرجاً بيناً، ولا بمقطوعة جزء من أجزائها: كيدٍ، أو رجل أو ذنب أو أذن، سواء كان القطع خلقياً أو لا.

ولكن يغتفر قطع خصية الأضحية.

لا تُقبل كذلك بالبكماء (فاقدة الصوت)، ولا بيابسة الضرع، ولا بمكسورة سنين فأكثر.

مذهب الشافعية

لا تُقبل الأضحية بالعوراء، ولا العمياء (المقصود ذهاب ضوء العين)، ولا بالعرجاء البين عرجها التي تسبقها أمثالها إلى المرعى.

لا تُقبل كذلك بالمريضة البيِّن مرضها، ولا بالعجفاء وهي التي لا مخّ بعظمها، ولا بالجرباء وإن كان الجرب يسيرا.

وتصحّ الأضحية بمشقوقة الأذن وبمن كُسر قرنها.

مذهب الحنابلة

لا تُقبل الأضحية عندهم بالعوراء التي انخسف عينيها، ولا العمياء التي ذهب نور عينيها، ولا بالعجفاء التي لا مخّ بعظمها، ولا بالعرجاء ولا بالمكسورة.

لا تُقبل كذلك بالجرباء الفاسد لحمها، ولا بالعضباء التي قطعت أكثر أذنها أو كسر أكثر قرنها.

لا بأس في مشقوقة الأذن.

لا تُقبل كذلك بالجداء وهي جافة الضرع، ولا بالتي ذهبت نصف أليتها، ولا بصغيرة الأذن أو خلقت من دونها.

أن تبلغ سنَّ التضحية

يُشترط في الأضحية أن تكون ثنيَّة أو فوقها من المعز والبقر، والإبل وجذعة أو فوقها من الضأن، وذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم: “(لا تَذْبَحُوا إلَّا مُسِنَّةً، إلَّا أنْ يَعْسُرَ علَيْكُم، فَتَذْبَحُوا جَذَعَةً مِنَ الضَّأْنِ)”. [٧]

وهذا الشرط متفق عليه في المذاهب الأربعة، إلا أنّهم يختلفون في تفسير معنى الثنيَّة والجذعة.

مذهب الحنفية والحنابلة

يرى هذان المذهبان أنّ الجَذَعَ: هو ما أتَمّ سِتَّةَ أشْهُر من الضأن، وأما الثَّنيُّة: هو ابن سَنَة من المعز أو الضأن، وابنُ سَنَتَيْن من البقر، وابن خَمس سِنين من الإبل.

مذهب المالكية

يُعرّفون الجَذَعَ: بكونه الضأن الذي بلغ سَنَة (قَمَريَّة) ودَخَلَ في السنة الثّانيَة ولو لساعة.

وأما الثَّنيَّ في المعز: فهو الذي أتمّ سنة ودخل في الثانية دخولًا بيناً كمضي شهر من السنة الثانية.

وأما الثَّنيَّ في البَقَرِ: فهو ما أتم ثلاث سنوات ودخل في السنة الرابعة ولو كان دخولاً غير بيِّن.

وأما الثَّنيَّ في الإبِلِ: فهو ما أتم خمس سنوات ودخل في السادسة ولَوْ دُخول غير بَيِّن.

مذهب الشافعية

يرى الشافعية أنّ الجَذَعَ: هو ما بين ستة أشهر إلى سنة من الضأن، والثَّنيَّ في المَعْزِ: ما بَلَغَ سنتين، وكَذَلِكَ في البَقَرُ وأما الثني في الإبل: فما بلغ خمس سنوات.

المراجع

  1. حسام الدين عفانة، كتاب المفصل في أحكام الأضحية، صفحة 26. بتصرّف.
  2. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أم المؤمنين أم سلمة ، الصفحة أو الرقم:1977، صحيح.
  3. سورة الكوثر، آية:2
  4. رواه الإمام أحمد، في مسند الإمام أحمد، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم:71، صحيح.
  5. حسام الدين عفانة، كتاب المفصل في أحكام الأضحية، صفحة 51. بتصرّف.
  6. [عبد الرحمن الجزيري]، الفقه على المذاهب الأربعة، صفحة 644. بتصرّف.
  7. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن جابر بن عبد الله ، الصفحة أو الرقم:1963، صحيح.
  8. محمد الزعبي (26/11/2009)،”أحكام الأضحية من الموسوعة الفقهية الكويتية”،الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 3/2/2022. بتصرّف.
Total
0
Shares
اترك تعليقاً
المقال السابق

أحكام الأضحية عند المالكية

المقال التالي

أحكام الإدغام في علم التجويد

مقالات مشابهة