أحاديث نبوية تشجع على مد يد العون

الأحاديث الشريفة التي تحث على العون

يحثنا ديننا الحنيف على مد يد العون للآخرين، ويسلّط الضوء على أهمية التعاون والتكاتف بين أفراد المجتمع. ففي أحاديث نبوية شريفة، نجد تشجيعاً كبيراً على هذه الفضيلة، منها:

قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:(مَن نَفَّسَ عن مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِن كُرَبِ الدُّنْيَا، نَفَّسَ اللَّهُ عنْه كُرْبَةً مِن كُرَبِ يَومِ القِيَامَةِ، وَمَن يَسَّرَ علَى مُعْسِرٍ، يَسَّرَ اللَّهُ عليه في الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، وَمَن سَتَرَ مُسْلِمًا، سَتَرَهُ اللَّهُ في الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، وَاللَّهُ في عَوْنِ العَبْدِ ما كانَ العَبْدُ في عَوْنِ أَخِيهِ)[١]

يُبيّن هذا الحديث الكريم أشكالاً مُتعددة من العون، منها إزالة الهموم عن المؤمن، ومساندة المحتاجين مالياً، وتغطية عيوب المسلمين. والجزاء من الله -عز وجل- يكون مُناظراً للعمل، في الدنيا والآخرة. كما يؤكد الحديث على أن الله -سبحانه وتعالى- يساند من يساند أخاه.

وفي حديث آخر: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:(المُسْلِمُ أخُو المُسْلِمِ، لا يَظْلِمُهُ ولا يُسْلِمُهُ، ومَن كانَ في حاجَةِ أخِيهِ كانَ اللَّهُ في حاجَتِهِ)[٣]

يُبرز هذا الحديث أهمية الترابط الأخوي بين المسلمين، ووجوب عدم الظلم أو ترك الأخ في محنته. فمن ساند أخاه، ساعده الله -عز وجل- في حاجته.

فضل مساعدة المحتاجين في الإسلام

إنّ فضل من يُعين المحتاجين عظيم عند الله تعالى، وهو من أعظم القربات التي تقرّب العبد إلى ربه. ففي أحاديث شريفة، يُبيّن فضل من يُساعد أخاه المسلم:

قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:(أحبُّ الناسِ إلى اللهِ أنْفَعُهُمْ لِلنَّاسِ، و أحبُّ الأعمالِ إلى اللهِ عزَّ وجلَّ سُرُورٌ يدْخِلُهُ على مسلمٍ، أوْ يكْشِفُ عنهُ كُرْبَةً، أوْ يقْضِي عنهُ دَيْنًا، أوْ تَطْرُدُ عنهُ جُوعًا، و لأنْ أَمْشِي مع أَخٍ لي في حاجَةٍ أحبُّ إِلَيَّ من أنْ اعْتَكِفَ في هذا المسجدِ، يعني مسجدَ المدينةِ شهرًا، و مَنْ كَفَّ غضبَهُ سترَ اللهُ عَوْرَتَهُ، و مَنْ كَظَمَ غَيْظَهُ، و لَوْ شاءَ أنْ يُمْضِيَهُ أَمْضَاهُ مَلأَ اللهُ قلبَهُ رَجَاءً يومَ القيامةِ، و مَنْ مَشَى مع أَخِيهِ في حاجَةٍ حتى تتَهَيَّأَ لهُ أَثْبَتَ اللهُ قَدَمَهُ يومَ تَزُولُ الأَقْدَامِ).[٥][٦]

يوضّح هذا الحديث أن من أنفع الناس من يُفيد الناس، وأنّ من أحب الأعمال إلى الله إسعاد المسلم، أو إزالة كربه، أو قضاء دينه، أو إطعام جائع. ويُبيّن فضل كظم الغضب، وسبب ثبات القدم يوم القيامة.

مساعدة أهل البيت: واجب ديني وأخلاقي

يُعدّ الإسلام من يد العون لأهل البيت أولوية، فهم أولى الناس بالمعروف والمساعدة. وقد حثّ النبي -صلى الله عليه وسلم- على ذلك بقوله:

قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:(خَيرُكم خَيرُكم لأهلِه، وأنا خَيرُكم لأهلي)،[٧]

فمن يعتني بأهله ويُعينهم، فهو من خير الناس. وكانت حياة النبي -صلى الله عليه وسلم- مثالاً رائعاً في خدمة أهله ورعايتهم.

روى البخاري عن السيدة عائشة -رضي الله عنها- قولها: (كانَ يَكونُ في مِهْنَةِ أهْلِهِ – تَعْنِي خِدْمَةَ أهْلِهِ – فَإِذَا حَضَرَتِ الصَّلَاةُ خَرَجَ إلى الصَّلَاةِ)،[٩]

وكانت عائشة -رضي الله عنها- تصف نبي الله -صلى الله عليه وسلم- بقولها:(كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ يخصف نعلَه، ويخيطُ ثوبَه، ويعمل في بيته كما يعمل أحدُكم في بيته).[١٠]

الثواب العظيم: نتائج إغاثة الملهوف

إن مساعدة الآخرين لها آثار إيجابية عظيمة على الفرد والمجتمع. منها:

• نيل رضا الله -تعالى-.
• تخفيف أعباء الحياة على الناس.
• توحيد الصفوف بين المسلمين، كما في الحديث الشريف: (المؤمنُ للمؤمنِ كالبُنْيانِ يشدُّ بعضُهُ بعضًا).[١٢]
• الشعور بالرضا والسعادة الداخلية.
• شعور المسلم بأنه ليس وحيداً.

وقد دعا الإسلام إلى حسن الأخلاق، كما في حديث النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إنما بُعِثْتُ لأُتَمِّمَ مكارمَ، و في روايةٍ صالحَ الأخلاقِ).[١٣] وقد ساهم حسن أخلاق المسلمين في نشر الإسلام في العديد من البلاد.

المراجع

1. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:2699، صحيح.
2. اسلام ويب (09/01/2007)،”حديث : من نفس عن مؤمن كُربة”،إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 5/10/2021. بتصرّف.
3. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبدالله بن عمر، الصفحة أو الرقم:6951، صحيح.
4. بدر الدين العينى،عمدة القاري شرح صحيح البخاري، بيروت:دار إحياء التراث العربي، صفحة 289، جزء 12. بتصرّف.
5. رواه الألباني، في السلسلة الصحيحة، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 906، صحيح.
6. “حديث خيرُ الناسِ أنفعُهم للناسِ”،www.dorar.net، اطّلع عليه بتاريخ 19-5-2021. بتصرّف.
7. رواه الهيتمي المكي، في الإفصاح عن أحاديث النكاح، عن –، الصفحة أو الرقم:184، صحيح.
8. ابن عثيمين (1426)،شرح رياض الصالحين المؤلف، الرياض:دار الوطن للنشر، صفحة 134، جزء 3. بتصرّف.
9. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة، الصفحة أو الرقم:676، صحيح.
10. رواه الألباني، في تخريج مشكاة المصابيح، عن عائشة، الصفحة أو الرقم:5759، صحيح.
11. محرر الدرر السنية (1442)،”فوائد التَّعاون”،الدرر السنية، اطّلع عليه بتاريخ 28/2/1443. بتصرّف.
12. رواه الزرقاني، في مختصر المقاصد، عن أبي موسى الأشعري، الصفحة أو الرقم:1121، صحيح.
13. رواه الأباني، في صحيح الجامع، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:45، صحيح.
14. عبدالسلام غالب (26/8/2013)،”الأخلاق أهميتها وفوائدها”،شبكة الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 5/10/2021. بتصرّف.