أحاديث عن رحمة الله

رحمة الله -تعالى- واسعة، وتسبق غضبه، وتُشمل حتى البهائم. سلسلة أحاديث عن رحمة الله في الحياة الدنيا والآخرة، وعن رحمة الله بعباده أكثر من الآباء بأبنائهم.

أحاديث عن رحمة الله

يشتهر الله -تعالى- بصفاته الكاملة، ومن أهمها رحمته التي لا حدود لها. فهي رحمةٌ واسعةٌ تشمل كلّ مخلوقٍ، وتسبق غضبه، وتُشمل حتى البهائم.

في هذا المقال، سنستعرض باقةٌ من الأحاديث النبوية الشريفة التي تُسلط الضوء على رحمة الله -تعالى-، وكيف تُشمل جميع خلقه، وتُقدم على غضبه، وتُشمل حتى في الآخرة.

رحمة الله واسعةٌ، تشمل كلّ مخلوقٍ

وصف الله -تعالى- نفسه بـ”الرحمَن” و”الرَّحيم”، وهما اسمان يدلان على شدّة رحمته وشمولها لعباده المؤمنين. ونذكر بعض الأحاديث التي تُبرز سعة رحمة الله -تعالى-:

قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إنَّ لِلَّهِ مِئَةَ رَحْمَةٍ، فَمنها رَحْمَةٌ بِهَا يَتَراحَمُ الخَلْقُ بيْنَهُمْ وَتِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ لِيَومِ القِيَامَةِ).[٢]

تُشير هذه الحديث إلى أن رحمة الله -تعالى- لا تنحصر في البشر فحسب، بل تشمل حتى الحيوانات. قال -صلى الله عليه وسلم-: (جَعَلَ اللَّهُ الرَّحْمَةَ مِئَةَ جُزْءٍ، فأمْسَكَ عِنْدَهُ تِسْعَةً وتِسْعِينَ جُزْءًا، وأَنْزَلَ في الأرْضِ جُزْءًا واحِدًا، فَمِنْ ذلكَ الجُزْءِ يَتَراحَمُ الخَلْقُ، حتَّى تَرْفَعَ الفَرَسُ حافِرَها عن ولَدِها، خَشْيَةَ أنْ تُصِيبَهُ).[٣]

يُبين هذا الحديث أن رحمة الله -تعالى- واسعةٌ، وتشمل حتى الحيوانات.

رحمة الله تسبق غضبه

من رحمة الله -تعالى- بعباده أنّه لا يُعَجِل لهم بالعذاب، حتى لو استحقّوا له. قال -تعالى-: (وَلَوْ يُعَجِّلُ اللّهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجَالَهُم بِالْخَيْرِ لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ)،[٦]

وتُؤكّد بعض الأحاديث أنّ رحمة الله -تعالى- تُقدم على غضبه، منذ خلق الله السموات والأرض:

يقول -صلى الله عليه وسلم-: (لَمَّا خَلَقَ اللَّهُ الخَلْقَ، كَتَبَ في كِتَابِهِ، فَهو عِنْدَهُ فَوْقَ العَرْشِ: إنَّ رَحْمتي تَغْلِبُ غَضَبِي)،[٧]

وقال -صلى الله عيله وسلم-:(إنَّ اللَّهَ لَمَّا قَضَى الخَلْقَ، كَتَبَ عِنْدَهُ فَوْقَ عَرْشِهِ: إنَّ رَحْمتي سَبَقَتْ غَضَبِي).[٨]

رحمة الله في الآخرة

تُشير الأحاديث النبوية إلى أنّ الآخرة هي دار حساب على أعمال الدنيا. ولكن، تُوجد مواطن رحمة عظيمةٌ تدلُّ على رحمة الله -تعالى- بخلقه في الآخرة، ومنها:

إنّ الله -تعالى- يُعطي ثوابًا كبيرًا على عملٍ قليلٍ. قال -صلى الله عليه وسلم-: (يُصَاحُ برجلٍ من أُمَّتِي يومَ القيامةِ على رُؤُوسِ الخلائقِ، فيُنْشَرُ له تِسْعَةٌ وتِسْعُونَ سِجِلًّا، كلُّ سِجِلٍّ مَدُّ البصرِ، ثم يقولُ اللهُ تبارك وتعالى: هل تُنْكِرُ من هذا شيئًا؟ فيقولُ: لا يا ربِّ، فيقولُ: أَظَلَمَك كَتَبَتِي الحافِظُونَ؟ فيقولُ: لا يا ربِّ، ثم يقولُ: أَلَكَ عُذْرٌ، أَلَكَ حسنةٌ؟ فيَهَابُ الرجلُ فيقولُ: لا، فيقولُ: بلى، إنَّ لك عندنا حسنةً، وإنه لا ظُلْمَ عليكَ اليومَ، فتُخْرَجُ له بطاقةٌ فيها أشهدُ أن لا إله إلا اللهُ، وأنَّ مُحَمَّدًا عبدُه ورسولُه، فيقولُ: يا ربِّ ما هذه البطاقةُ مع هذه السِّجِلَّاتِ؟ فيقولُ: إنك لا تُظْلَمُ، فتُوضَعُ السِّجِلَّاتُ في كِفَّةٍ، والبطاقةُ في كِفَّةٍ، فطاشتِ السِّجِلَّاتُ، وثَقُلَتِ البطاقةُ).[٩]

وقال -صلى الله عليه وسلم-: (يُدْنَى المُؤْمِنُ يَومَ القِيَامَةِ مِن رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ، حتَّى يَضَعَ عليه كَنَفَهُ، فيُقَرِّرُهُ بذُنُوبِهِ، فيَقولُ: هلْ تَعْرِفُ؟ فيَقولُ: أَيْ رَبِّ أَعْرِفُ، قالَ: فإنِّي قدْ سَتَرْتُهَا عَلَيْكَ في الدُّنْيَا، وإنِّي أَغْفِرُهَا لكَ اليَومَ، فيُعْطَى صَحِيفَةَ حَسَنَاتِهِ).[١٠]

رحمة الله بالأبناء أكثر من رحمة الآباء

تُبرز بعض الأحاديث أنّ رحمة الله -تعالى- بعباده تفوق رحمة الوالدين بأبنائهم:

أوصى الله -تعالى- الوالدين على أولادهم، قال -تعالى-: (يُوصِيكُمُ اللّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ)،[١١]

وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:(أتُرَوْنَ هذِه طَارِحَةً ولَدَهَا في النَّارِ؟ قُلْنَا: لَا، وهي تَقْدِرُ علَى ألَّا تَطْرَحَهُ، فَقَالَ: لَلَّهُ أرْحَمُ بعِبَادِهِ مِن هذِه بوَلَدِهَا).[١٢]

في حديثٍ آخر، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (أترحمُهُ؟ قالَ: نعَم، قالَ: فاللَّهُ أرحَمُ بِكَ منكَ بِهِ، وَهوَ أرحمُ الرَّاحمينَ).[١٣]

هذه الأحاديث تُبين لنا أنّ رحمة الله -تعالى- واسعةٌ، وتُشمل كلّ مخلوقٍ، وتُقدم على غضبه، وتُشمل حتى في الآخرة. ولعلّ أهمّ ما تُعلّمنا إياه أنّ رحمة الله -تعالى- بعباده تفوق رحمة الوالدين بأبنائهم.

فليكن ذلك دافعًا لنا لنعيش حياةً مليئةً بالإيمان والطاعة، لننال رحمة الله -تعالى- في الدنيا والآخرة.

المراجع

[١] سعد بن عبد الرحمن ندا، مفهوم الأسماء والصفات، صفحة 94.
[٢] رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن سلمان الفارسي، الصفحة أو الرقم: 2753، صحيح.
[٣] رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 6000، صحيح.
[٤] رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 6469، صحيح.
[٥] رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم: 6491، صحيح.
[٦] سورة يونس، آية: 11
[٧] رواه مسمل، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 2751، صحيح.
[٨] رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 7422، صحيح.
[٩] رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن عبد الله بن عمرو، الصفحة أو الرقم: 8095، صحيح.
[١٠] رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 2768، صحيح.
[١١] سورة النساء، آية: 11
[١٢] رواه البخاري، في صحي البخاري، عن عمر بن الخطاب، الصفحة أو الرقم: 5999، صحيح.
[١٣] رواه الوادعي، في الصحيح المسند، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 1428، صحيح.

Total
0
Shares
اترك تعليقاً
المقال السابق

أحاديث عن حفظ اللسان

المقال التالي

أحاديث عن رسول الله

مقالات مشابهة

سعد بن أبي وقاص: شخصية بارزة في تاريخ الإسلام

سعد بن أبي وقاص، أحد أهم الصحابة الذين تركوا بصمة واضحة في تاريخ الإسلام، اشتهر بشجاعته وإيمانه الراسخ، وتجلى ذلك في العديد من المواقف. اكتشفوا المزيد عن هذا الصحابي الجليل، و تعرفوا على أبرز خصائصه وأعماله التي جعلته شخصية محورية في الإسلام.
إقرأ المزيد