أحاديث شريفة عن الأم

مكانة الأم في الإسلام، وأحاديث عن فضلها وبرّها، وأجر من يبرّها، وعقوقها، وتقديم برّها على غيره من الطاعات.

محتويات

مكانة الأم في الإسلام

تُعَدّ الأمّ ركيزة أساسية في المجتمع الإسلامي، وتحظى بمكانة عظيمة ومميزة. فقد أكد النبيّ ﷺ على أهمية الأمّ وأفضليتها على الأبّ في البرّ، كما في هذا الحديث الشريف:

عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال:(جَاءَ رَجُلٌ إلى رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عليه وَسَلَّمَ-، فَقالَ: مَن أَحَقُّ النَّاسِ بحُسْنِ صَحَابَتِي؟ قالَ: أُمُّكَ قالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قالَ: ثُمَّ أُمُّكَ قالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قالَ: ثُمَّ أُمُّكَ قالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قالَ: ثُمَّ أَبُوكَ). [١][٢]

وفي رواية أخرى:

(قالَ رَجُلٌ: يا رَسُولَ اللهِ، مَن أَحَقُّ النَّاسِ بحُسْنِ الصُّحْبَةِ؟ قالَ: أُمُّكَ، ثُمَّ أُمُّكَ، ثُمَّ أُمُّكَ، ثُمَّ أَبُوكَ، ثُمَّ أَدْنَاكَ أَدْنَاكَ”.[١][٢]

ويؤكّد هذا الحديث أنّ الأمّ تستحقّ منًّا وتقديرًا كبيرًا من ابنها، وأنّ برّها واجبٌ عليه، قبل أيّ واجبٍ آخر. كما يُظهر أهمّية دور الأمّ في تربية أبنائها وصقل شخصيّاتهم.

أجر بر الأم

إنّ برّ الأمّ عملٌ عظيم يُؤجر عليه المسلمّ، ويُفضّله الله تعالى على كثير من الطاعات. وقد بيّنت الأحاديث الشريفة أنّ أجر برّ الأمّ لا يُقارن بأيّ عملٍ آخر. ففي هذا الحديث:

عن السيِّدة عائشة -رضي الله عنها- قالت:(نمتُ فرأيتُني في الجنَّةِ فسَمِعْتُ صوتَ قارئٍ يقرأُ فقُلتُ مَن هذا فقالوا: هذا حارثةُ بنُ النُّعمانِ فقالَ رسولُ اللهِ -صلَّى اللهُ عليهِ وعلَى آلِه وسلَّمَ- كذلكَ البِرُّ كذلكَ البِرُّ وَكانَ أبرَّ النَّاسِ بأمِّهِ).[٧][٨]

يُبيّن لنا هذا الحديث أنّ برّ الأمّ هو الطريق إلى الجنّة، وأنّ الله تعالى يُكافئ من يبرّها بأجرٍ كبيرٍ.

وذكر حديثٌ آخر:

عن عبدالله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما- قال:(جاءَ رجلٌ إلى النَّبيِّ -صلَّى اللهُ علَيهِ وسلَّمَ-، فقالَ : إنِّي أعطَيتُ أمِّي حديقةً لي وإنَّها ماتَتْ ولم تترُكْ وارثًا غَيري، فقالَ رسولُ اللهِ -صلَّى اللهُ علَيهِ وسلَّمَ-: وجبَتْ صدقتُكَ، ورجعَتْ إليكَ حديقتُكَ).[٩]

فمن خلال هذا الحديث، نجد أنّ أجر برّ الأمّ يتجاوز الأمور الدنيوية، بل يصل إلى درجة ثوابٍ أُخرويّ.

تقدير عاطفة الأم

يُعتبر رسول الله ﷺ رحيمًا بقلوب الأمهات، ويُدرك بشدّة عاطفتهنّ وأحاسيسهنّ. وقد وُردت العديد من الأحاديث التي تُبيّن تقديره لعاطفة الأمّ، من بينها:

عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-:(إنِّي لَأَدْخُلُ في الصَّلَاةِ وأَنَا أُرِيدُ إطَالَتَهَا، فأسْمَعُ بُكَاءَ الصَّبِيِّ، فأتَجَوَّزُ في صَلَاتي ممَّا أَعْلَمُ مِن شِدَّةِ وجْدِ أُمِّهِ مِن بُكَائِهِ).[١٠][١١]

فقد تَجاوَز النبي ﷺ عن إطالة صلاته لِيشعر بِوجْدِ أمّ الطفل الذي يُبكّي. وهذا يُبيّن أنّ النبيّ ﷺ كان يَحترم أحاسيس الأمّهات ويُقدّرها.

وذكر حديثٌ آخر:

عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- قال:(كنا مع رسولِ اللهِ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ في سفرٍ، فانطلقَ لحاجتِه فرأينا حُمرةً معها فرخانِ فَأخذنا فَرْخَيْهَا، فجاءتِ الحمرةُ فجعلتْ تفْرِشُ، فجاء النبيُّ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ فقال: منْ فجع هذه بِولدِهَا رُدُّوا وَلَدَهَا إليها).[١٢][١٣]

يُبيّن هذا الحديث أنّ النبيّ ﷺ كان حريصًا على رعاية شعور الأمّ، وأمرَ بإرجاع صغار الطّيور إلى أمّها رغبةً في تخفيف معاناتها وألمها.

تحذيرات من عقوق الأم

يُعتبر عقوق الأمّ من الكبائر التي يُحذّر منها الإسلام، و يُعدّ من المحرّمات. فالأحاديث الشريفة تُشدّد على خطورة عقوق الأمّ وَتُحذّر من عواقبه ال وخيمة في الدّنيا والآخرة.

يذكر حديثٌ:

عن المغيرة بن شعبة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-:(إنَّ اللهَ حَرَّمَ علَيْكُم عُقُوقَ الأُمَّهاتِ، ومَنْعًا وهاتِ، ووَأْدَ البَناتِ، وكَرِهَ لَكُمْ: قيلَ وقالَ، وكَثْرَةَ السُّؤالِ، وإضاعَةَ المالِ).[١٤][١٥]

يُبيّن هذا الحديث أنّ عقوق الأمّ من المحرّمات التي كرّهها الله تعالى. وإنّ من عاقبها سيُعاقب بِعقوبة شديدة.

ويذكر حديثٌ آخر يُؤكد على خطورة عقوق الأمّ:

عن أبي بكرة نفيع بن الحارث -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-:(أَلا أُنَبِّئُكُمْ بأَكْبَرِ الكَبائِرِ قُلْنا: بَلَى يا رَسولَ اللهِ، قالَ: الإشْراكُ باللهِ، وعُقُوقُ الوالِدَيْنِ، وكانَ مُتَّكِئًا فَجَلَسَ فقالَ: ألا وقَوْلُ الزُّورِ، وشَهادَةُ الزُّورِ، ألا وقَوْلُ الزُّورِ، وشَهادَةُ الزُّورِ فَما زالَ يقولُها، حتَّى قُلتُ: لا يَسْكُتُ).[١٦][١١]

فقد صَرّح النبيّ ﷺ بأنّ عقوق الوالدين من أعظم الذنوب التي يُعاقب عليها العبد في الدّنيا والآخرة.

بر الأم على غيره من الطاعات

يُقدّم برّ الأمّ على بعض الطاعات الأخرى، كصلاة النافلة، لأنّ برّها يُعدّ من أهمّ الواجبات التي يجب أن يُؤدّيها المسلمّ.

يُبين هذا الحديث أهمّية برّ الأمّ وتقديمها على بعض الطاعات النافلة:

عن معاوية بن جاهمة السلمي:(أنَّ جاهِمةَ جاءَ إلى النَّبيِّ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ-، فقالَ: يا رسولَ اللهِ، أردتُ أن أغزوَ وقد جئتُ أستشيرُكَ؟ فقالَ: هل لَكَ مِن أمٍّ؟ قالَ: نعَم، قالَ: فالزَمها فإنَّ الجنَّةَ تحتَ رِجلَيها).[١٧][١٨]

وذكر حديثٌ آخر:

عن أبي رافع مولى رسول الله – صلّى الله عليه وسلّم-:(عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أنَّهُ قالَ: كانَ جُرَيْجٌ يَتَعَبَّدُ في صَوْمعةٍ، فَجَاءَتْ أُمُّهُ. قالَ حُمَيْدٌ: فَوَصَفَ لَنَا أَبُو رَافِعٍ صِفَةَ أَبِي هُرَيْرَةَ لِصِفَةِ رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عليه وَسَلَّمَ- أُمَّهُ حِينَ دَعَتْهُ، كيفَ جَعَلَتْ كَفَّهَا فَوْقَ حَاجِبِهَا، ثُمَّ رَفَعَتْ رَأْسَهَا إلَيْهِ تَدْعُوهُ، فَقالَتْ: يا جُرَيْجُ أَنَا أُمُّكَ كَلِّمْنِي فَصَادَفَتْهُ يُصَلِّي، فَقالَ: اللَّهُمَّ أُمِّي وَصَلَاتِي، فَاخْتَارَ صَلَاتَهُ، فَرَجَعَتْ، ثُمَّ عَادَتْ في الثَّانِيَةِ، فَقالَتْ: يا جُرَيْجُ أَنَا أُمُّكَ فَكَلِّمْنِي، قالَ: اللَّهُمَّ أُمِّي وَصَلَاتِي، فَاخْتَارَ صَلَاتَهُ، فَقالَتْ: اللَّهُمَّ إنَّ هذا جُرَيْجٌ وَهو ابْنِي وإنِّي كَلَّمْتُهُ، فأبَى أَنْ يُكَلِّمَنِي، اللَّهُمَّ فلا تُمِتْهُ حتَّى تُرِيَهُ المُومِسَاتِ. قالَ: ولو دَعَتْ عليه أَنْ يُفْتَنَ لَفُتِنَ. قالَ: وَكانَ رَاعِي ضَأْنٍ يَأْوِي إلى دَيْرِهِ، قالَ: فَخَرَجَتِ امْرَأَةٌ مِنَ القَرْيَةِ فَوَقَعَ عَلَيْهَا الرَّاعِي، فَحَمَلَتْ فَوَلَدَتْ غُلَامًا، فقِيلَ لَهَا: ما هذا؟ قالَتْ: مِن صَاحِبِ هذا الدَّيْرِ، قالَ فَجَاؤُوا بفُؤُوسِهِمْ وَمَسَاحِيهِمْ، فَنَادَوْهُ فَصَادَفُوهُ يُصَلِّي، فَلَمْ يُكَلِّمْهُمْ، قالَ: فأخَذُوا يَهْدِمُونَ دَيْرَهُ، فَلَمَّا رَأَى ذلكَ نَزَلَ إليهِم، فَقالوا له: سَلْ هذِه، قالَ فَتَبَسَّمَ، ثُمَّ مَسَحَ رَأْسَ الصَّبِيِّ فَقالَ: مَن أَبُوكَ؟ قالَ: أَبِي رَاعِي الضَّأْنِ، فَلَمَّا سَمِعُوا ذلكَ منه قالوا: نَبْنِي ما هَدَمْنَا مِن دَيْرِكَ بالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، قالَ: لَا، وَلَكِنْ أَعِيدُوهُ تُرَابًا كما كَانَ، ثُمَّ عَلَاهُ).[١٩][٢٠]

يُبيّن هذا الحديث أنّ برّ الأمّ يُقدّم على غيره من الطاعات، وأنّ من لم يُبرها فقد أخطأ في حقه ، وَلا يمكن أن ينال ثواب الله تعالى .

المراجع

  1. أبرواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:2548، حديث صحيح.
  2. أبمسلم،صحيح مسلم، صفحة 1974.
  3. رواه الألباني، في مشكلة الفقر ، عن طارق بن عبدالله المحاربي، الصفحة أو الرقم:46، حديث صحيح.
  4. ناصر الدين الألباني،كتاب تخريج مشكلة الفقر، صفحة 32.
  5. رواه السيوطي، في الجامع الصغير، عن المقداد بن معدي يكرب، الصفحة أو الرقم:1940، حديث صحيح.
  6. السيوطي،كتاب الجامع الصغير وزيادته، صفحة 2805.
  7. رواه الوادعي، في الصحيح المسند، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:1555، حديث صحيح.
  8. صهيب عبد الجبار،الجامع الصحيح للسنن والمسانيد، صفحة 163.
  9. رواه الألباني، في صحيح ابن ماجه، عن عبدالله بن عمرو، الصفحة أو الرقم:1954، حديث حسن صحيح.
  10. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم:709، حديث صحيح.
  11. أبالبخاري،صحيح البخاري، صفحة 143.
  12. رواه ابن الملقن، في البد المنير، عن عبدالله بن مسعود، الصفحة أو الرقم:689، حديث إسناده صحيح.
  13. ابن الملقن،كتاب البدر المنير، صفحة 689.
  14. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن المغيرة بن شعبة، الصفحة أو الرقم:5975، حديث صحيح.
  15. البخاري،صحيح البخاري، صفحة 4.
  16. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي بكرة نفيع بن الحارث، الصفحة أو الرقم:5976، حديث صحيح.
  17. رواه الألباني، في صحيح النسائي، عن معاوية بن جاهمة السلمي، الصفحة أو الرقم:3104، حديث حسن صحيح.
  18. النسائي،السنن الكبرى للنسائي، صفحة 272.
  19. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، الصفحة أو الرقم:2550، حديث صحيح.
  20. مسلم،صحيح مسلم، صفحة 1976.
Total
0
Shares
المقال السابق

أحاديث عن الأخوة المتخاصمين

المقال التالي

أحاديث عن الأمانة – أهميتها ومكانتها في الإسلام

مقالات مشابهة

أجمل أصوات قارئي القرآن الكريم

تُعَدُّ تلاوة القرآن الكريم من أجمل العبادات، وتُضفي أصوات القراء المتميّزين سحراً خاصاً على هذه التجربة الروحية. في هذا المقال، نسلّط الضوء على بعض من أجمل أصوات قارئي القرآن الكريم في العالم الإسلامي.
إقرأ المزيد