فهرس المحتويات
ما هي أحاديث الآحاد؟
كلمة “آحاد” في اللغة العربية تعني الواحد، ويُعرّف خبر الواحد بأنه ما يُروى عن شخص واحد. أما اصطلاحاً، فهو الحديث الذي لا تتوافر فيه شروط الحديث المتواتر.[1] سمي بهذا الاسم لقلة عدد رواته مقارنة بالحديث المتواتر. وقد اتفق جمهور العلماء على قبول هذا النوع من الأخبار بشرط أن يتمتع رواته بالعدالة والضبط، وأن يكون إسناده متصلاً، وأن يكون الخبر بمنأى عن الشذوذ والعلل.[2]
يُلاحظ أن خبر الواحد لا يُفيد العلم بنفسه، إلا من خلال القرائن المحيطة به، وهذا هو رأي الجمهور. أما الإمام أحمد وداود الظاهري، فقد ذهبا إلى أنه يُفيد العلم بنفسه، بينما قال آخرون إنه يُفيد العلم الظاهري.[3] يُعدّ حديث الآحاد ضمن التصنيفات الحديثية بناءً على عدد رواته.
وقد عرّفه بعض العلماء بأنه الحديث الذي ينقصه شرط من شروط الحديث المتواتر، بينما عرّفه آخرون بأنه الحديث الذي لم يصل إلى حد التواتر.[4]
تصنيفات أحاديث الآحاد
يُقسم حديث الآحاد إلى أقسام متعددة، بناءً على عدد الرواة وقبول الحديث من عدمه:
القسم الأول: بناءً على عدد الرواة:
- الحديث المشهور: عدد رواته أقل من المتواتر، لكن لا يقل عدد الرواة في أي طبقة عن ثلاثة. سمي مشهوراً لانتشاره و شهرته.[6,7]
- الحديث العزيز: عدد رواته في بعض طبقاته اثنان فقط.
- الحديث الغريب: عدد رواته في بعض طبقاته راو واحد فقط، مثل حديث “الأعمال بالنيات”.[6,7]
القسم الثاني: بناءً على القبول والرد:
- الصحيح لذاته: سنده متصل برواية عدل ضابط، ودقته عالية، خالٍ من العلل والشذوذ.
- الصحيح لغيره: شروط صحته أسهل من الصحيح لذاته، وتعزز صحته بكثرة الطرق.
- الحسن لذاته: شروط صحته أسهل من الصحيح لغيره، ولم تتوفر له كثرة طرق.
- الحسن لغيره: يحتاج إلى قرائن ترجحه، مثل حديث راو مجهول الحال إذا تعددت طرقه.
- الحديث الضعيف: لا تتوافر فيه شروط الحديث الصحيح أو الحسن، وهو مرفوض لوجود سقط في السند أو طعن في أحد الرواة.[8,5]
حجية أحاديث الآحاد في الفقه الإسلامي
اختلف العلماء في حجية حديث الآحاد باختلاف المجال الذي يُحتج به:
في الأحكام الفقهية: ذهب أغلب الفقهاء والأصوليين إلى حجية حديث الآحاد ووجوب العمل به، وهذا رأي الأئمة الأربعة والسلف الصالح ومن تبعهم. ومن الأدلة على ذلك قوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَىٰ مِن بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَـٰئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّـهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ﴾[11]، حيثُ وعّد الله -تعالى- من يكتم البينات التي أنزلت، فيجب الإخبار بما سمع، والعمل به إذا كان الراوي عدلاً.
واستدلوا أيضاً بقوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ﴾[12]، فدلّت الآية على التثبت عند رواية الفاسق، فإذا كان الخبر منقولاً عن عدل وجب قبوله. واستدلوا كذلك باعتماد النبي صلى الله عليه وسلم على الواحد في التبليغ، كبعثه لمعاذ بن جبل إلى اليمن، وإجماع الصحابة الكرام على قبول خبر الواحد والاحتجاج به، مثل توريث الجدة السُدس بناءً على خبر واحد، كما نقل ذلك ابن قدامة والغزالي وغيرهم.[9, 10]
في العقائد: اتفق المحدثون والفقهاء والأصوليون على حجية خبر الواحد في العقائد، حتى لو رواه شخص واحد، واستدلوا بإرسال النبي صلى الله عليه وسلم الرسل إلى البلاد وتكليف الناس بتصديقهم، وقد نقل عدد من العلماء إجماع الصحابة على ذلك.[6] لكن بعض العلماء ذهب إلى عدم الأخذ بخبر الواحد في العقيدة لأنها تُبنى على اليقين والقطع.[13]
المصادر
- [1] محمود النعيمي (2004)، تيسير مصطلح الحديث (الطبعة العاشرة)، الرياض، مكتبة المعارف للنشر والتوزيع، صفحة 27.
- [2] محمد بني سلامة، موفق الدلالعة، حديث الآحاد وأثره في الأحكام الفقهيّة، صفحة 310، 317-318.
- [3] حسن أيوب (2004)، الحديث في علوم القرآن والحديث (الطبعة الثانية)، الإسكندرية، دار السلام، صفحة 180.
- [4] مناهج جامعة المدينة العالمية، الدفاع عن السنة، ماليزيا، جامعة المدينة العالمية، صفحة 226، جزء 1.
- [5] مناهج جامعة المدينة العالمية، الدفاع عن السنة، ماليزيا، جامعة المدينة العالمية، صفحة 201-205، جزء 1.
- [6] أحمد حطيبة، فتح المجيد شرح كتاب التوحيد، صفحة 16، جزء 7.
- [7] ابن حجر العسقلاني (1422هـ)، نزهة النظر في توضيح نخبة الفكر في مصطلح أهل الأثر (الطبعة الأولى)، الرياض، مطبعة سفير، صفحة 201، جزء 1.
- [8] محمد بني سلامة، موفق محمد عبده الدلالعة، حديث الآحاد وأثره في الأحكام الفقهيّة، صفحة 321-326، 343-346.
- [9] محمد مبارك، حجية خبر الآحاد في العقائد والأحكام، المدينة المنورة، مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف، صفحة 16-28.
- [10] محمد الزحيلي (2006)، الوجيز في أصول الفقه الإسلامي (الطبعة الثانية)، دمشق، دار الخير للطباعة والنشر والتوزيع، صفحة 209، جزء 1.
- [11] سورة البقرة، آية: 159.
- [12] سورة الحجرات، آية: 6.
- [13] محمد الزحيلي (2006)، الوجيز في أصول الفقه الإسلامي (الطبعة الثانية)، دمشق، دار الخير للطباعة والنشر والتوزيع، صفحة 209، جزء 1.