جدول المحتويات
جمال مصر في الكلمات
في مصر، تتلاقى القافية السائرة مع الجملة الساحرة، والمقالة الثائرة، والفكرة العاطرة. أرضٌ ساحرةٌ، تضفي سحرها على كل من يطأها، تُلهم الشعراء، وتُحفز الأذهان، وتُسحر النفوس.
وإذا دهاك الهم قبل دخولها، فدخلتها صافحت سعداً سرمداً. فمصر هي الداء والدواء، هي أم الحضارة والعصر، أم الطيابة والأصل، أم العلم والعلماء، أم الفقه والفقهاء.
أرضٌ إذا ما جئتها متقلباً في محنتةٍ ردتك شهماً سيداً. مصر هي أم المياه العذباء، أم القلوب البيضاء، أم الأراضي الخضراء، أم السماء الزرقاء، أم الجبال الصفراء، أم النخيل الخضراء.
كم من قلب فيك شجاه ما شجاه! فمصر هي أمالاسكندرية، عروس البحر الأبيض، أم النيل الجديد، أم الوادي الجديد. مصر بلادي أحبها من كل دمي وفؤادي.
أم الدنيا: كلمات عن مصر
في مصر ترعرع الشعر، وسال القلم البليغ بالسحر. من أين نبدأ يا مصر الكلام، وكيف نلقي عليك السلام، قبل وقفة الاحترام، لأن في عينيك الأيام، والأعلام، والأقلام، والأعوام.
الحب لك أرض والجمال سقف، والمجد لك وقف، يا داخل مصر منك ألف، ما أحسن الجيدُ والجفن والكف. مصر يا أم المنيا عروس الصعيد في الدنيا.
إن الحياة حبلى بالإلهام خاصة في مصر. سلاماً عليك يا أرض النيل، يا أم الجيل. فى مصر تعانقت القلوب، وتصافح المحب والمحبوب، والتقى يوسف ويعقوب.
مصر يا أم الشعر والشعراء، أم أمير الشعراء. يا ركب المحبين أين ما حللتم وارتحلتم، وذهبتم وأقبلتم، أهبطوا مصر فإن لكم ما سألتم.
قصيدة مصر: محمد نجيب المراد
من أجمل ما قيل في مصر، قصيدة محمد نجيب المراد “مصر”:
هِبةُ اللهِ من قديمِ الزمانِ
إنها مصرُ فانطلقْ يا لساني
وتجاوزْ حدودَ شِعرٍ ووزنٍ
رُبَّ حُبٍّ أقوى من الأوزانِها هو النيلُ وامقٌ يَتَلَوَّى
وهْو يبكي محبةَ الوديانِ
فكأَنَّ المياهَ دمعُ عشيقٍ
تتهادى حَرَّى على الأجفانِوكأَنَّ الأشجارَ تلهو بصبٍّ
ذابَ فيها، كما تَلَهَّى الغواني
بل كأَنَّ الورودَ وجناتُ بِكْرٍ
مسَّهاالنيلُرقةً ببنانٍبل كأنَّ النخيلَ جِيدُ عروسٍ
وعليه التمورُ عِقْدُ جُمانِ
النسيمُ العليلُ يُصدِرُ همساً
يُشبِهُ الغُنجَ في دلالِ الحِسانِوالطيورُ البيضاءُ جَوْقةُ عزفٍ
يفتحُ العودُ صدرَهُ للكمانِ
والضُحى شمسهُ تُرتِلُ نوراً
فوق هامِ الحقولِ والغيطانِرُبَّ ماءٍ يميسُ بين رياضٍ
أسكرَ القلبَ مثلَ بنتِ الدنانِ
عدَّدَ الحسنُ في الجَمَالِ جِناناً
فإذا النيلُ ثامنٌ في الجِنانِيا شِراعاً بصفحةِ النيلِ يجري
وبه الليلُ والهوى جالسانِ
ورقيبٌ بين الغيومِ مُطِلٌّ
يتغاضى!!! فتضحكُ الشفتانِويدورُ الحديثُ دونَ كلامٍ
لخَّصتْ ألفَ خُطبةٍ نظرتانِ
أنا يا مِصرُ عاشقٌ لكِ حتى
لم يعدْ لي من البكا دمعتانِنُوَبُ الحُبِّ جرَّحتني كثيراً
وكثيرٌ صبري على الحدثانِ
قد تقلَّبتُ بين حلوٍ ومُرِّ
فعيونٌ نُجْلٌ وطعنُ سنانِودخلتُ النزالَ في الحُبِّ لكنْ
ضَاع سيفي مني وضَاع حصانيلوَّنتْ
مصرُ بالشبابِ ثيابيمشَّطتني وطرَّزَتْ قمصانيألبَسَتْني مَعاطفاً من عطورٍ
في ذيولي تضوعُ والأردانِ
وسقتني مِنَ الشرابِ المعلَّى
لاحِظوا طُهرَهُ بحرفِ بيانِفأنا الشافعيُّ قد جاء مصراً
فإذا الفقهُ في جديدِ معاني
قبلها لم يكنْ هنالكَ شِعرٌ
كلُّ ما كانَ قبلها شطرانِبعدها دفقةُ النُّبوغِ تجلَّتْ
إن ” شوقي” و “حافظاً” باركاني
أيُّهاالحاسدان، ما العشق إلا
مُغرَمٌ، إنَّما له …. حاسدانِلا يَعيبُ الورودَ إن قيلَ فيها
إن خدَّ الورودِ أحمرُ قانِ
قد طَوَتْ مصرُ سِفْرَ كلِّ اللياليفهي
للدهرِ كُلِّهِ دَفَّتانِولها بصمةٌ بكلِّ فؤادٍ
وبقلبي أنا لها بصمتانِ
مصرُ، يا مصرُ والتواريخُ كلَّتْ
في لحاقٍ وأنتِ في جريانِ“فعزيزٌ” و “يوسُفٌ” و “زليخا”
وادخلوا “مصرَنا” بكلِّ أمانِ
وتجلِّي الإله في الطُّورِ يكفيلكِ
عزاً يا مصرُ في الأكوانِوالتراتيلُ في مديحكِ تَتْرى
في سطورِ الإنجيلِ والقرآنِ
مِنْ ثرى مصرَ جدتان لِعُرْبٍ
وأصيلٌ إذا التقتْ جَدَّتانِرحِمُ الدمِّ والعقيدةِ مصرٌ
سِرُّها خالدٌ، هو “الرحِمَانِ”
فاسألوا الفقهَ والحديثَ ونحواً
كيفَ كانتْ لهم كصدرٍ حانِواسألوا “الضَّادَ” من حَمَاها تُجِبْكمْ
إنّهُ الأزهرُ الشريفُ حَمَاني
وأذكروا لي رأساً لعِلْمٍ وفَنٍّ
لم تكنْ فوقَهُ لمصرَ يدانِإسألوا الرملَ من سقاهُ يُجِبْكم:
جيشُ مصرٍ بدمِّهِ قد سقاني
وانظروا العينَ ” عينَ جالوت” تروي
بعد “قُطزٍ”، حديثُها أُرْجوانيوستحكي حطينُ: جيشُ صلاحٍ
هو في القلبِ والجناحِ “كِناني”
ليس نصرٌ من غير مصرٍ لَعَمري
هل رأيتمُ خيلاً بلا فرسانِليس للشرقِ نهضةٌ دونَ مصرٍ
كيفَ يَعلو بيتٌ بلا أركانِ
خاطَتِ الشمسُ للكنانةِ فستانَ
زفافٍ… يا روعةَ الفستانِثم رشَّتْ عليه بعضَ نجومٍ
أَشعلَ الكونَ نورُها الربَّاني
عندما تَغزِلُ الشموسُ خيوطاً
لحبيبٍ … فالمجدُ في الخيطانِيا عروسَ الزمانِ يلقي عليها
وهي في العرشِ تاجَهُ النوراني
ثم يحني وقارَهُ في خشوعٍ
لاثماً كفَّها بكلِّ حنانِفإذا قُبلةُ الزمانِ شِفاهٌ
وإذا ” الثغرُ” في لَمى أسوانِ
“ثغرُها” أدهشَ البحارَ فجاءتْهُ
وأغفَتْ ترتاحُ في الشطآنِأسَندَ البحرُ رأسَه وتمنَّى
أَمنياتُ البحارِ، أَحلى الأَمانِ
يواتَّكَتْ كفُّهُ على صَدَفاتٍ
فَهَمَىلؤلؤٌبكلِّ مكانِحلمَ البحرُ ذاتَ ليلٍ فلمَّا
أصبحَ الصبحُ .. كانَ محضَ عيانِ
فعلى “اسكندريةَ” البحرُ أَرسَى
فإذا الشِّعرُ بيتُهُ اْسكندرانِمصرُ… يا مصرُ إذْ ذكرتُكِ ضَجَّتْ
في قصيدي مباهجٌ وأغانِ
فَحقولٌ من البنفسجِ شِعري
وقوافيَّ شهقةُ الريحانِوحروفي براعمُ اللوزِ لكنْ
نقطةُ الحرفِ حبةُ الرُمَّانِ
رغمَ هذا ومصرُ أعلى وأغلى
فاعذروني ما كان في إمكانِريشتي حاولت، وقولي، ولكنْ
أعجزت مصرُ ريشتي ولساني
شعر عن مصر
يُلهم جمال مصر الشعراء، فينبجس الشعر من قلوبهم، مُعبراً عن حبهم وحنينهم لهذه الأرض.
يقول فتحي سعيد:
تهمي فيُخصب وادٍ غير ذي شجرٍ
الضفتان له والنهر ما يهبل
أي فرعٍ سموتم نحن ننتسبُ
وأي دربٍ سلكتم منه ننشعبإن كان عندكمُ كرْمٌ بلاعنبٍ
إنا لدينا معًا التين والعنب
أو قيل من نحن؟ قلنا فتيةٌ عشقتْ
تلك الديار فما مالوا ولا اغتربواأو قيل من أين؟ قلنا مصرنا وطنٌ
والنيل جدٌّ لنا والشاطئان أبنٌ
حن الشداة الألى للفجر عيّرَنا
أنا قليلٌ بها الجاه واللقبمصرُ السما والحمى والجاه والرتبُ
مصرالذرا والقرى والمهد والكتب
ويقول أحمد شوقي:
إن تسألي عن مصرَ حواءِ القرى
وقرارة ِ التاريخِ والآثارِ
فالصُّبحُ في منفٍ وثيبة واضحٌ
مَنْ ذا يُلاقي الصُّبحَ بالإنكار؟بالهَيْلِ مِن مَنْفٍ ومن أَرباضِها
مَجْدُوعُ أَنفٍ في الرّمالِ كُفارِ
خَلَتِ الدُّهُورُ وما التَقَتْ أَجفانُه
وأتتْ عليه كليلة ٍ ونهارما فَلَّ ساعِدَه الزمانُ، ولم يَنَلْ
منه اختلافُ جَوارِفٍ وذَوارِ
كالدَّهرِ لو ملكَ القيامَ لفتكةٍ
أَو كان غيرَ مُقَلَّمِ الأَظفارِوثلاثة ٍ شبَّ الزمانُ حيالها
شُمٍّ على مَرّ الزَّمانِ، كِبارِ
قامت على النيلِ العَهِيدِ عَهِيدة ً
تكسوه ثوبَ الفخرِ وهيَ عوارِمن كلِّ مركوزٍ كرَضْوَى في الثَّرَى
متطاولٍ في الجوَّ كالإعصارِ
الجنُّ في جنباتها مطروةٌ
ببدائع البنَّاءِ والحفَّارِوالأَرضُ أضْيَعُ حِيلة ً في نَزْعِها
من حيلة ِ المصلوبِ في المسمارِ
تلكَ القبورُ أضنَّ من غيب بما
أَخفَتْ منَ الأَعلاق والأَذخارِنام الملوك بها الدُّهورَ طويلةً
يجِدون أَروحَ ضَجْعَةٍ وقرارِ
كلُّكأهلِ الكهففوقَ سريره
والدهرُ دونَ سَريرِه بهِجَارِأملاكُ مصرَ القاهرون على الورى
المنزَلون منازلَ الأَقمارِ
هَتَكَ الزمان حِجابَهم، وأَزالهم
بعدَ الصِّيانِ إزالة َ الأسرارِهيهاتَ! لم يلمسْ جلالهم
و البلى
إلا بأَيدٍ في الرَّغام قِصارِ
كانوا وطرفُ الدهر لا يسمو لهمما بالهمْ عرضول على النُّظَّارِ؟
لو أُمهلوا حتى النُّشُورِ بِدُورِهم
قاموا لخالقهم بعيرغبارِ
تُلهم مصر شعراءها، وتُلهمهم الحب، وتُلهمهم الكلام، وتُلهمهم الإلهام.