جدول المحتويات
- يأتي على الخلق إصباحٌ وإمساءُ
- الأمرُ أيسر مما أنتَ مضمرُهُ
- أراني في الثّلاثة من سجوني
- من لي أن أقيمَ في بلدٍ
- إن غاضَ بحرٌ
- بينَ الغريزَةِ والرّشادِ نِفارُ
- اللُّبُّ قُطبٌ
صباح ومساء على الخلق
تُبرز هذه الأبيات من شعر أبو العلاء المعري فلسفة عميقة عن الحياة، حيث يرى أن كل البشر خاضعون لِتغيّرات الزمان، وكأنهم جميعًا ممثلين لِدورة الحياة، ويُعبّر عن ذلك بقوله:
يأتي على الخلقِ إصباحٌ وإمساءُ
وكلّنا لصروفِ الدّهرِ نَسّاءُ
وكم مضى هَجَريٌّ أو مُشاكلُهُ
من المَقاول سَرّوا الناسَ أم ساءوا
يموجُ بحركِ والأهواءُ غالبةٌ
لراكبيهِ فهل للسُفْنِ إرساءُ
إذا تعطّفتِ يوماً كنتِ قاسيةً
وإن نظرتِ بعينٍ فهي شَوساء
إنسٌ على الأرض تُدمي هامها إحَنٌ
منها إذا دَمِيَتْ للوحش أنساءُ
فلا تغُرّنْكَ شُمٌّ من جبالهمُ
وعِزّةٌ في زمان المُلكِ قعساء
نالوا قليلاً من اللذّاتِ وارتحلو
وبرَغمِهِمْ فإذا النّعماءُ بأساءُ
تُشكل هذه الأبيات رحلةً فلسفيةً عن رحلة الإنسان في الحياة، حيث يرى أن الحياة مليئة بالتقلبات، وأنّهُ لا يُمكن أن يُحظى بالحياة الخالية من المشاكل.
سهولة ما يَصعب
يرى أبو العلاء المعري أنّ الإنسان يُعاني من تعقيداته وَتَصوّراتِهِ، ويُعَدّ ذلك من أسباب تعاسة حاله، ويُؤكّد على أنّهُ لَمْ تُخلقَ الحياةُ مُعقّدةً وإنّما يُعقّدها الإنسانُ نفسه، فيقول:
الأمرُ أيسرُ مما أنتَ مُضمرُهُ
فاطرَحْ أذاكَ ويسّرْ كلّ ما صَعُبا
ولا يسُرّكَ إن بُلّغْتَهُ أمَلٌ
ولا يهمّك غربيبٌ إذا نعبا
إنْ جدّ عالمُكَ الأرضيُّ في نبأٍ
يغشاهُمُ فتصوّرْ جِدّهُمْ لَعبِ
ما الرّأيُ عندكَ في مَلْكٍ تدينُ لهُم
صرٌ أيختارُ دون الرّاحةِ التّعب
لن تستقيمَ أُمورُ النّاس في عُصُرو
ولا استقامتْ فذا أمناً وذا رعبا
ولا يقومُ على حقٍّ بنو زمنٍ
من عهد آدمَ كانوا في الهوى شُعَبا
تشير هذه الأبيات إلى أننا نُعقّد حياتنا بِتَصوّراتِنا المُبالغة وَأفكارِنا غير الواقعية، بينما الحياةُ أبسطُ من ذلك بكثير، ويمكننا أن نُحقق السعادة من خلال التبسيط والتّصالح مع الواقع.
سجون المعري
يرى أبو العلاء المعري أنّ الحياة سجنٌ كبيرٌ للإنسان، وأنّهُ لا يَستطيعُ الهربَ من القيود التي تُقيّده، وهو يشير إلى ذلك بِقوله:
أراني في الثّلاثة من سجونيفلا تسأل عن الخبرِ النّبيثِلفقدي ناظري ولزومِ بيتيوكونِ النّفس في الجسد الخبيثِ
تُعبّر هذه الأبيات عن معاناة المعري مع العمى وَحِجْر البيت، وَتَفكّرِه في طبيعة الحياة وَالتّحدّياتِ التي تُواجهُ الإنسانَ فيها.
بلد الذكريات
يُعبّر أبو العلاء المعري في هذه الأبيات عن رغبته في العيش في مكانٍ لا يُذكّرُهُ بِماضيه المُؤلم، وَيشعر بالوحدة وَعدم الانتماء في كل مكان يذهب إليه، فيقول:
من ليَ أن أقيمَ في بلدٍأُذكَرُ فيه بغير ما يجبُيُظَنُّ بيَ اليُسرُ والديانةُ والعلــلمُ وبيني وبينها حُجُبُكلُّ شهوري عليّ واحدةٌلا صَفَرٌ يُتّقى ولا رجبُأقررْتُ بالجهل وادّعى فَهَميقومٌ فأمري وأمرُهم عجَبُوالحقُّ أني وأنهم هدرٌلستُ نجيباً ولا همُ نُجُبُوالحالُ ضاقتْ عن ضمِّها جسديفكيف لي أن يضمّه الشَّجَبُما أوسعَ الموت يستريح به الجســم المعنّى ويخفتُ اللَّجَبُ
تُظهر هذه الأبيات معاناة المعري من وحدة الوجود وَشعورِه بِأنّهُ غريب في كل مكان، وَتَفكّرُهُ في الموت وَحِرصه على الخلاص من معاناة الحياة.
غدر البحر
يستخدم أبو العلاء المعري صورةَ البحر في هذه الأبيات لِلتعبير عن فكرة التغيير وَغَدْرِ الزمان وَعدم ثباتِ الأشياء، فيقول:
إن غاضَ بحرٌ مدّةًفلَطالمَا غَدَرَ الغديرُفلكٌ يدورُ بحكمَةٍولهُ بلا رَيْبٍ مُدِيرإنْ مَنّ مالِكُنا بِمانهوَى فمالِكُنا قدير
تُشير هذه الأبيات إلى أنّ الكون في حركة دائمة، وَأنّهُ لا يَستطيعُ الإنسانُ أن يَتَحكّمَ في التغيّرات التي تَحدثُ في حياتِهِ.
غريزة ورَشاد
يُناقش أبو العلاء المعري في هذه الأبيات التّناقضَ بينَ الغريزةِ وَالرّشادِ، وَيَرى أنّهُ يَصعُبُ على الإنسانِ أن يَتّبعَ الرّشادَ دائماً، فيقول:
بينَ الغريزَةِ والرّشادِ نِفارُوعلى الزّخارِفِ ضُمّتِ الأسفارُوإذا اقتضيتَ معَالسّعادةِكابياًأوْريتَهُ ناراً فقيلَ عَفارأمّا زمانُكَ بالأنيسِ فآهِلٌلكنّهُ ممّا تَودُّ قِفارأقفرتُ منْ جهتينِ: قَفرِ مَعازَةٍوطعامِ ليلٍ جاءَ وهو قَفاروإذا تَساوى في القبيحِ فعالُنافمنِ التّقيُّ وأيُّنا الكَفّاروالنّاسُ بينَ إقامةٍ وتحمّلٍوكأنّما أيّامُهمْ أسْفاروالحتفُ أنصفَ بينهم لم تمتنعْمنه الرّئالُ ولا نجا الأغفاروالذّنبُ ما غُفرانُهُ بتصنّعٍمنّا ولكنْ ربُّنا الغَفّاروكُم اشتكتْ أشفارُ عينٍ سُهدَهاوشفاؤها ممّا ألمّ شِفاروالمرءُ مثلُ اللّيثِ يفرِسُ دائماًولقدْ يخيبُ وتَظفَرُ الأظفارولطالما صابرْتُ ليلاً عاتماًفمتى يكونُ الصّبحُ والإسفاريرجو السّلامةَ رَكبُ خَرقٍ متلِفٍومن الخَفيرِ أتاهُمُ الإخفار
تُعبّر هذه الأبيات عن مُحاولات الإنسانِ لِلوصول إلى السّعادة وَالتّوازن بينَ رغباتِهِ وَحِكْمَةِ الكون، وَتَؤكّدُ على أَنّ الاختياراتِ الصّعبة تَتّخذ في غالب الأحيان في ظروف مُعقّدة وَتَخضع لِتَأثير عوامل كثيرة.
اللبّ قُطب
يُؤكّد أبو العلاء المعري في هذه الأبيات على أهمية العقل وَالحِكْمَة في التّعامل مع أُمور الحياة، فيقول:
اللُّبُّ قُطبٌ والأمورُ له رَحًىفيهِ تُدَبَّرُ كلُّها وتُدارُوالبدرُ يكمُلُ والمحاقُ مآلُهوكذا الأهِلّةُ عُقْبُها الإبدارُإلزمْ ذَراكَ وإن لقيتَ خَصَاصةًفاللّيثُ يَستُرُ حالَهُ الإخدارلم تَدرِ ناقةُ صالحٍ لمّا غَدَتأنّ الرّواحَ يُحَمُّ فيه قُدارهذي الشخوص من التّراب كوائِنفالمرءُ لولا أن يُحِسّ جِداروتَضِنُّ بالشيءِ القليلِ وكلُّ ماتُعطي وتَملِكُ ما له مقدارويقولُ داري من يقولُ وأعبُديمَهْ فالعبيدُ لربّنا والدّارَيا إنسَ كم يَردُ الحياةَ مَعاشرٌويكونُ من تلفٍ لهم إصدارأترومُ من زمنٍ وفاءً مُرضياًإنّ الزّمانَ كأهلِه غدّارتقِفونَ والفُلكُ المُسخَّرُ دائرٌوتقدِّرونَ فتَضحكُالأقدارمجلوبة من “http://mawdoo3.com/index.php?title=أجمل_ما_قال_أبو_العلاء_المعري&oldid=1710894”
تُشير هذه الأبيات إلى أنّ الإنسان يَستطيعُ أن يَتغلّبَ على صعوبات الحياة من خلال العقل وَالحِكْمَة، وَأنّهُ يَجبُ عليه أن يَكون حكيماً في اختياراتِهِ وَتصرّفاتِهِ.