أجمل قصائد المديح

تُعد قصائد المديح من أهم أنواع الشعر العربي، وقد أبدع الشعراء العرب في مدح الأبطال والملوك. تعرّف على أجمل قصائد المديح في هذا المقال

أروع قصائد المديح في الشعر العربي

لطالما كان المديح من أهم عناصر الشعر العربي، حيث عبر الشعراء عن مشاعر إعجابهم وإجلالهم لشخصيات مرموقة، سواء كانوا ملوكًا أو أبطالًا أو فرسانًا. وفيما يلي بعض أجمل قصائد المديح التي خطها الشعراء العرب:

قصيدة “مُنًى كُنّ لي أنّ البَياضَ خِضابُ”

هذه القصيدة من أشهر قصائد المديح في الشعر العربي، كتبها أبو الطيب المتنبي، وهي قصيدة طويلة مدح فيها كافور الإخشيدي، حاكم مصر، وتُعدّ من أروع القصائد من حيث سعة المعاني وجمال الألفاظ، ودقة الصور البيانية، وصدق العواطف.

يقول المتنبي:

مُنًى كُنّ لي أنّ البَياضَ خِضابُ
فيَخفَى بتَبييضِ القُرونِ شَبَابُ
لَيَاليَ عندَ البِيضِ فَوْدايَ فِتْنَةٌ
وَفَخْرٌ وَذاكَ الفَخْرُ عنديَ عابُ
فَكَيْفَ أذُمُّ اليَوْمَ ما كنتُ أشتَهيو
وَأدْعُو بِمَا أشْكُوهُ حينَ أُجَابُ
جلا اللّوْنُ عن لوْنٍ هدى كلَّ مسلكٍ
كما انجابَ عن ضَوْءِ النّهارِ ضَبابُ
وَفي الجسْمِ نَفسٌ لا تَشيبُ بشَيْبِهِ
وَلَوْ أنّ مَا في الوَجْهِ منهُ حِرَابُ
لهَا ظُفُرٌ إنْ كَلّ ظُفْرٌ أُعِدُّهُ
وَنَابٌ إذا لم يَبْقَ في الفَمِ نَابُ
يُغَيِّرُ مني الدّهرُ ما شَاءَ غَيرَهُ
وَأبْلُغُ أقصَى العُمرِ وَهيَ كَعابُ
وَإنّي لَنَجْمٌ تَهْتَدي صُحبَتي بِهِ
إذا حالَ مِنْ دونِ النّجومِ سَحَابُ
غَنيٌّ عَنِ الأوْطانِ لا يَستَخِفُّني
إلى بَلَدٍ سَافَرْتُ عنهُ إيَابُ
وَعَنْ ذَمَلانِ العِيسِ إنْ سامَحتْ بهِ
وَإلاّ فَفي أكْوَارِهِنّ عُقَابُ
وَأصْدَى فلا أُبْدي إلى الماءِ حاجَةً
وَلِلشّمسِ فوقَ اليَعمَلاتِ لُعابُ
وَللسرّ مني مَوْضِعٌ لا يَنَالُهُ
نَديمٌ وَلا يُفْضِي إلَيْهِ شَرَابُ
وَلِلخَوْدِ منّي ساعَةٌ ثمّ بَيْنَنَا
فَلاةٌ إلى غَيرِ اللّقَاءِ تُجَابُ
وَمَا العِشْقُ إلاّ غِرّةٌ وَطَمَاعَةٌ
يُعَرّضُ قَلْبٌ نَفْسَهُ فَيُصَابُ
وَغَيْرُ فُؤادي للغَوَاني رَمِيّةٌ
وَغَيْرُ بَنَاني للزّجَاجِ رِكَابُ
تَرَكْنَا لأطْرَافِ القَنَا كُلَّ شَهْوَةٍ
فَلَيْسَ لَنَا إلاّ بهِنّ لِعَابُ
نُصَرّفُهُ للطّعْنِ فَوْقَ حَوَادِرٍ
قَدِ انْقَصَفَتْ فيهِنّ منهُ كِعَابُ
أعَزُّ مَكانٍ في الدُّنَى سَرْجُ سابحٍ
وَخَيرُ جَليسٍ في الزّمانِ كِتابُ
وَبَحْرُ أبي المِسْكِ الخِضَمُّ الذي لَهُ
عَلى كُلّ بَحْرٍ زَخْرَةٌ وَعُبابُ
تَجَاوَزَ قَدْرَالمَدْحِحتى كأنّهُ
بأحْسَنِ مَا يُثْنى عَلَيْهِ يُعَابُ
وَغالَبَهُ الأعْداءُ ثُمّ عَنَوْا لَهُ
كَمَا غَالَبَتْ بيضَ السّيوفِ رِقابُ
وَأَكْثرُ مَا تَلْقَى أبَا المِسْكِ بِذْلَةً
إِذَا لَمْ تَصُنْ إلاّ الحَديدَ ثِيَابُ
وَأَوْسَعُ ما تَلقاهُ صَدْراً وَخَلْفَهُ
رِمَاءٌ وَطَعْنٌ وَالأمَامَ ضِرَابُ
وَأَنْفَذُ ما تَلْقَاهُ حُكْماً إذا قَضَى
قَضَاءً مُلُوكُ الأرْضِ مِنه غِضَابُ
يَقُودُ إلَيْهِ طاعَةَ النّاسِ فَضْلُهُ
وَلَوْ لَمْ يَقُدْهَا نَائِلٌ وَعِقَابُ
يَا أَسَداً في جِسْمِهِ رُوحُ ضَيغَمٍ
وَكَمْ أُسُدٍ أرْوَاحُهُنّ كِلابُ
يَا آخِذاً من دَهْرِهِ حَقَّ نَفْسِهِ
وَمِثْلُكَ يُعْطَى حَقَّهُ وَيُهابُ
لَنَا عِنْدَ هذا الدّهْرِ حَقٌّ يَلُطّهُ
وَقَدْ قَلّ إعْتابٌ وَطَالَ عِتَابُ
وَقَد تُحدِثُ الأيّامُ عِندَكَ شيمَةً
وَتَنْعَمِرُ الأوْقاتُ وَهيَ يَبَابُ
لا مُلْكَ إلاّ أنتَ وَالمُلْكُ فَضْلَةٌ
كأنّكَ سَيفٌ فيهِ وَهْوَ قِرَابُ
أرَى لي بقُرْبي منكَ عَيْناً قَريرَةً
وَإنْ كانَ قُرْباً بالبِعَادِ يُشَابُ
هَلْ نافِعي أنْ تُرْفَعَ الحُجبُ بَيْنَنا
وَدونَ الذي أمّلْتُ مِنْكَ حِجابُ
أُقِلُّ سَلامي حُبَّ ما خَفّ عَنكُمُ
وَأسكُتُ كَيمَا لا يَكونَ جَوَابُ
في النّفسِ حاجاتٌ وَفيكَ فَطَانَةٌ
سُكُوتي بَيَانٌ عِنْدَها وَخِطابُ
وَمَا أنَا بالباغي على الحُبّ رِشْوَةً
ضَعِيفُ هَوًى يُبْغَى عَلَيْهِ ثَوَابُ
وَمَا شِئْتُ إلاّ أنْ أدُلّ عَوَاذِلي
عَلى أنّ رَأيي في هَوَاكَ صَوَابُ
وَأُعْلِمَ قَوْماً خَالَفُوني فشَرّقُوا
وَغَرّبْتُ أنّي قَدْ ظَفِرْتُ وَخَابُ
جَرَى الخُلْفُ إلاّ فيكَ أنّكَ وَاحدٌ
وَأنّكَ لَيْثٌ وَالمُلُوكُ ذِئَابُ
وَأنّكَ إنْ قُويِسْتَ صَحّفَ قارِىءٌ
ذِئَاباً وَلم يُخطىءْ فَقالَ ذُبَابُ
وَإنّ مَديحَ النّاسِ حَقٌّ وَبَاطِلٌ
وَمَدْحُكَ حَقٌّ لَيسَ فيهِ كِذابُ

قصيدة “سلي يا عبلة َ الجبلينِ عنَّا”

تُعد قصيدة “سلي يا عبلة َ الجبلينِ عنَّا” من أشهر قصائد المديح في الشعر العربي، وقد كتبها عنترة بن شداد، ويُعدّ من أشهر شعراء العصر الجاهلي. أشتهر عنترة بن شداد بقصائده التي تتنوع بين الحرب والحب والمَديح والتّغزل، وُمعروف بِشَجَاعَتِهِ وَقُوّتِهِ وَحُبّهِ لِلّبَطولة.

يقول عنترة بن شداد:

سلي يا عبلة َ الجبلينِ عنَّا
وَما لاقتْ بنو الأعجام منَّا
أَبَدْنَا جَمْعَهُمْ لَمّا أَتوْنا
تَموْجُ مَواكِبٌ إِنساً وَجِنّاً
وَمَا أَكَلْنَا مِنْ غَيْرِ جَوْعٍ
فَأَشْبَعْنَاهُمْ ضَرْباً وَطَعْناً
ضَرَبْنَاهُمْ بِبَيْضٍ مَرَهَفَاتٍ
تَقُدّ جُسُومَهُمْ ظَهْراً وَبَطْناً
وَفَرّقْنَا المُواكِبَ عَنْ نِسَاءٍ
يَزْدَنْ عَلَى نِسَاءِ الأَرْضِ حُسناً
وَكَمْ مِنْ سَيّدٍ أَضْحَى بِسَيْفِي
خَضِيبَ الرّاحَتَيْنِ بِغَيْرِ حِنّاء
وَكَمْ بَطَلٍ تَرَكْتُ نِسَاهُ تَبْكِي
يَرَدّدْنَ النّوَاحَ عَلَيْهِ حَزَناً
وَحِجّارٌ رَأى طَعْنِي فَنَادَى:
تَأَنّى يَا بَنَ شَدّادِ تَأَنّى
خُلِقْتُ مِنْ الجِبَالِ أَشَدّ قَلْباً
وَقَدْ تَفْنَى الجِبَالُ وَ لَسْتُ أَفْنَى
أَنَا الحَصْنُ المُشيدُ لِآلِ عَبْسٍ
إِذَا مَا شَادَتِ الأَبْطَالُ حِصْناً
شَبِيهُ اللّيْلِ لَوْنِي غَيْرَ أَنّي
بِفَعْلِي مِنْ بِيَاضِ الصّبْحِ أَسْنَى
جَوَادِي نَسَبَتِي وَأَبِي وَأُمّي
حُسَامِي وَالسّنَانُ إِذَا انْتَسَبْنَا.

قصيدة “عَلى قَدْرِ أهْلِ العَزْمِ تأتي العَزائِمُ”

أُطلق على هذه القصيدة اسم “قصيدة العزائم”، وهي من أشهر قصائد المتنبي، تُعدّ من قصائد المَديحِ، وقد مدح فيها سيف الدولة الحمداني. تُعبر القصيدة عن روح البطولة والشجاعة والوفاء، وهي معروفة بأسلوبها الرّفيعِ، وتُعدّ من أهمّ قصائد المَديحِ في التّراثِ العربي.

يقول المتنبي:

عَلى قَدْرِ أهْلِ العَزْمِ تأتي العَزائِمُ
وَتَأْتِي عَلَى قَدْرِ الكِرَامِ المَكارمُ
وَتَعْظُمُ في عَينِ الصّغيرِ صِغَارُهَا
وَتَصْغُرُ في عَينِ العَظيمِ العَظَائِمُ
يُكَلّفُ سَيْفُ الدّوْلَةِ الجَيْشَ هَمّهُ
وَقَدْ عَجِزَتْ عَنْهُ الجِيُوشُ الخضَارِمُ
وَيَطلُبُ عِنْدَ النّاسِ مَا عِنْدَ نَفْسِهِ
وَذَلِكَ مَا لا تَدّعيهِ الضّرَاغِمُ
يُفَدّي أَتَمّ الطّيرِ عُمْراً سِلاحَهُ
نُسُورُ الفَلا أَحْدَاثُهَا وَالقَشَاعِمُ
وَمَا ضَرّها خَلْقٌ بِغَيْرِ مَخالِبٍ
وَقَدْ خُلِقَتْ أَسْيَافُهُ وَالقَوَائِمُ
هَلِ الحَدَثُ الحَمراءُ تَعرِفُ لوْنَها
وَتَعْلَمُ أَيُّ السّاقِيَيْنِ الغَمَائِمُ
سَقَتْها الغَمَامُ الغُرُّ قَبْلَ نُزُولِهِ
فَلَمّا دَنَا مِنْهَا سَقَتْها الجَماجِمُ
بَنَاهَا فَأَعْلى وَالقَنَا يَقْرَعُ القَنَا
وَمَوْجُ المَنَايَا حَوْلَها مُتَلاطِمُ
وَكانَ بهَا مِثْلُ الجُنُونِ فَأَصْبَحَتْ
وَمِنْ جُثَثِ القَتْلى عَلَيْهَا تَمائِمُ
طَريدَةُ دَهْرٍ سَاقَها فَرَدَدْتَهَا
عَلَى الدّينِ بالخَطّيّ وَالدّهْرُ رَاغِمُ
تُفيتُ كلّ لَيَالِي كُلَّ شيءٍ أَخَذْتَهُ
وَهُنّ لِمَا يأخُذْنَ منكَ غَوَارِمُ
إِذَا كانَ مَا تَنْوِيهِ فِعْلاً مُضارِعاً
مَضَى قَبْلَ أَنْ تُلقى عَلَيْهِ الجَوازِمُ
كَيْفَ تُرَجّي الرّومُ والرّوسُ هَدْمَها
وَذَا الطّعْنُ آساسٌ لَهَا وَدَعَائِمُ
وَقَدْ حَاكَمُوهَا وَالمَنَايَا حَوَاكِمٌ
فَما ماتَ مَظْلُومٌ وَلا عاشَ ظالِمُ.

قصيدة “طلقت بعدك مدح الناس كلَّهم”

وهذه القصيدة من أشهر قصائد المديح في الشعر العربي، كتبها أبو بكر الخوارزمي، وُتُعدّ من القصائد التي حظيت باهتمام كبير من النقاد.

يقول الخوارزمي:

طَلّقْتُ بَعْدَكَ مَدْحَ النّاسِ كُلَّهُمْ
فَإِنْ أَرَاجِعْ فَإِنّي مُحْصَنٌ زَانٍ
كَيْفَ أَمْدَحْهُمْ وَالْمَدْحُ يُفْضَحُهُمْ
إِنّ المُسِيبَ لِلجَانِي هُوَ الجَانِي
قَوْمٌ تَرَاهُمْ غَضَبِي حِينَ تَنْشَدُهُ
لَكِنّهُ يَشْتَهِي مَدْحاً بِمَجّانٍ
عُثْمَانُ يَعْلَمُ أَنّ الْمَدْحَ ذُو ثَمَنٍ
لَكِنّهُ يَشْتَهِي مَدْحاً بِمَجّانٍ
أُرَبّي غَيْظَهُمْ فِي هَجْوِ غَيْرِهِ
وَإِنّمَا الشّعْرُ مُصَوّبٌ بِعُثْمَانَ
مَا كُلّ غَانِيَةٍ هِنْدٌ كَمَا زَعَمُوا
وَرُبّمَا سَبّ كَشْحَانٌ بِكَشْحَانِ
سَوْفَ يَأْتِيكَ مِنّي كُلّ شَارِدَةٍ
لَهَا مِنَ الْحَسْنِ وَالإِحْسَانِ نَسْجَانِي
يَقُولُ مَنْ قَرَعَتْ يوْماً مَسَامِعَهُ
قَدْ عَنّى حُسَانٌ فِي تَقْرِيظِ غَسَانِ
لُوشِيٌّ مِنْ أَصْبَهَانَ كَانَ مُجْتَلِباً
فَاليَوْمَ يُهْدَى إِلَيْهَا مِنْ خُرَاسَانِ
قَدْ قُلْتُ إِذْ قِيلَ إِسْمَاعِيلُ مُمْتَدَحٌ
لَهُ مِنَ النّاسِ بَخْتٌ غَيْرُ وَسْنَانِ
النّاسُ أَكِيسُ مِنْ أَنْ يُمْدَحُوا رَجُلاً
حَتّى يَرَوْا عِنْدَهُ آثَارَ إِحْسَانِ

Total
0
Shares
المقال السابق

أجمل قصائد المتنبي

المقال التالي

أجمل قصائد المديح النبوي

مقالات مشابهة