محتويات
دموع النساء والأطفال
قصيدة “دموع النساء والأطفال” للشاعر إبراهيم طوقان تصور مشاعر الحزن واليأس التي غمرتها مدينة نابلس بعد كارثة زلزال مدمر: [1]
أدموعُ النساء والأَطفالِ
تجرح القلب أم دموع الرجالِ
بلدٌ كان آمناً مطمئناً
فرماه القضاء بالزلزالِ
هزَّةٌ إثر هزَّةٍ تركته
طللاً دارساً من الأَطلال
مادت الأَرضُ ثم شَبَّتْ وألقت
ما على ظهرها من الأَثقالِ
فتهاوتْ ذات اليمين ديار
لفظت أهلها وذات الشمالِ
بعجاجٍ تُثيره تَرَكَالدنيا
ظلاماً وشمسها في الزوالِ
فإذا الدور وهي إمَّا قبورٌ
تحتها أهلُها وإما خوال
وأرقُّ النسيم لو مرَّ بالقائم منها
لدكَّه فهو بالِلا
لا تقف سائلاً بنابلس الثكلى
فما عندها مجيبُ سؤالِ
أرأيت الطيور تنفر ذعراً
من خفافٍ عن سرحها وثقال
هكذا نُفِّرتْ عن الدور أهلٌ
عمروها إلى كهوف الجبالِ
أرسومٌ وكن قبل صروحاً
كلُّ صرحٍ عاتٍ على الدهر عالف
التحفنا السماء بعد ستورٍ
وشفوفٍ مُذالةٍ وحجال
ليالي الأَعراس يا لهف قلبي
عطلتْها تقلُّباتُ الليالي
أضحك الدهر يا ابن ودي وأبكى
يوم لم يخطر الأَسى في بالِ
يُظهر طوقان في هذه الأبيات مدى الدمار الذي خلفه الزلزال على مدينة نابلس، مُركزًا على معاناة النساء والأطفال الذين فقدوا مأواهم وأحبائهم، وتركهم الزلزال بلا مأوى وبلا أمل.
ثلاث مفاجآت لامرأة رومانسية
قصيدة “ثلاث مفاجآت لامرأة رومانسية” لنزار قباني هي قصيدة غزلية تعكس تعقيدات العلاقة بين الرجل والمرأة: [2]
سَتُفاجأ – سيِّدتي – لو تعلمُ
أني أجهلُ ما تعريفُ الحبّْ!!
وستحزن جداً.. حين ستعلمُ
أن الشاعرَ ليس بعلاّمٍ للغيبْ..
أنا آخرُ رجلٍ في الدنيا
يَتنبَّأُ عن أحوال القلبْ
سيّدتي.إنّي حين أحبُّكِ..
لا أحتاجُ إلى (أل) التعريفْ
سأكونُ غيباً لو حاولتُ،
وهل شمسٌ تدخُلُ في ثقبْ
لو عندكِ تعريفٌ للشِعْرِ.
فعندي تعريفٌ للحُبّْ..
ستُفاجأ سيّدتي لو تعلمُ
أنّي أميٌّ جداً في علم التفسيرْ
إنْ كنتُ نجحتُ كتابياً في عَمَل الحُبّ
فما نَفْعُ التنظيرْ؟؟
أيصدِّقُ أحدٌ أن مليكَ
العِشْقِ، وصيَّادَ الكلماتْ
والديكَ الأقوى في كلّ الحَلَباتْ
لا يعرفُ أينَ.. وكيفَ..
تبلّلنا أمطارُ الوجدْ
ولماذا هندٌ تُدخِلُنا في زمن الشِعر..
ولا تُدْخِلُنا دعدْ..
أيصدّقُ أحدٌ أن فقيهَ الحبِّ ، ومرجعَهُ
لا يُحسِنُ تفسيرَ الآياتْ..
ستُفاجأُ سيّدتي لو تعلمُ،
أني لا أهتمُّ بتحصيل الدرَجَاتْ
وبأني رجلٌ لا يُرْعبُهُ تكرارُ السَنَواتْ
وتُفاجأُ أكثرَ..حين ستعلمُ
أنّي رغْمَ الشيب.. ورغْمَ الخبرةِ..
لم أتخرَّجْ من جامعة الحُبّْ..
إني تلميذٌ سيّدتي..
إني تلميذُكِ سيّدتي..
وسأبقى – حتى يأذَنَ ربّي – طالبَ علمْ
وسأبقى دوماً عصفوراً..
يتعلَّمُ في مدرسة الحُلْمْ…
يعبر قباني عن مدى دهشته من مشاعر الحب، ويشير إلى أنه يعتبر نفسه تلميذًا في مدرسة الحب، وأنّه لا زال يكتشف أسراره، وكيفية التعبير عنه بشكلٍ مُناسب.
عن إنسان
قصيدة “عن إنسان” لمحمود درويش تتحدث عن معاناة الإنسان الفلسطيني تحت وطأة الظلم والاستبداد: [3]
وضعوا على فمه السلاسل
ربطوا يديه بصخرة الموتى
وقالوا: أنت قاتل !
أخذوا طعامه والملابس والبيارق
ورموه في زنزانة الموتى
وقالوا : أنت سارق !
طردوه من كل المرافيء
أخذوا حبيبته الصغيرة
ثم قالوا : أنت لاجيء !
يا دامي العينين والكفين !
إن الليل زائل
لا غرفة التوقيف باقية
ولا زرد السلاسل !
نيرون مات ، ولم تمت
روما…بعينيها تقاتل !
وحبوب سنبلة تجفست
ملأ الوادي سنابل ..
يُظهر درويش في هذه الأبيات معاناة الإنسان الفلسطيني، الذي يُتهم بالعديد من التهم دون وجه حق، ويُجبر على العيش في ظل الظلم والاضطهاد، ولكنّ رغم كل هذه المعاناة، يرفض الإنسان الفلسطيني الاستسلام، ويُقاوم ظلمه من أجل الحرية والعدالة.
هذه الأبيات من الشعر الحديث توضح قدرة الشعراء على استخدام اللغة بشكل فني وجمالي لخلق مشاعر وقضايا مختلفة، وتجعلها قابلة للتأمل والفهم من قِبل القارئ، فهي تُعبر عن أحاسيس وآمال الإنسان في مختلف مراحل حياته،
[1] إبراهيم طوقان (1993)،الأعمال الشعرية الكاملة(الطبعة الثانية)، بيروت: المؤسسة العربية للدراسات والنشر، صفحة 75-77.
[2] نزار قباني (1998)،الأعمال الشعرية الكاملة(الطبعة الثانية)، بيروت: منشورات نزار قباني، صفحة 324-327، جزء الرابع.
[3] محمود درويش،”عن إنسان”،www.aldiwan.net، اطّلع عليه بتاريخ 2019-3-20.