أبيات شعر عربي فصيح

دراسة لأجمل أبيات الشعر العربي الفصيح، مع التركيز على قصائد الإمام الشافعي والمتنبي، واستكشاف مفهوم الشجاعة في الشعر العربي.

فهرس المحتويات

أبيات شعر عربي فصيح

يُعتبر الشعر الفصيح من أهم ركائز الثقافة العربية، وقد برع الشعراء العرب في نظم قصائد متنوعة تناولت مختلف جوانب الحياة. تُعرف قوة الشعر الفصيح بفصاحة ألفاظه وجزالة مفرداته، حيث يلتزم الشاعر بقافية واحدة وبحر شعري محدد. ولطالما تنافس الشعراء في الماضي على إبداع قصائد في موضوعات مختلفة مثل الحكمة والشجاعة والحب والغزل.

في هذه المقالة، سنستكشف بعضاً من أجمل أبيات الشعر العربي الفصيح ونلقي الضوء على بعض الشعراء البارزين وموضوعات قصائدهم.

قصائد الإمام الشافعي

الإمام الشافعي، محمد بن إدريس بن العباس بن عثمان بن شافع، هو أحد أئمة المذهب الفقهي الشافعي. اشتهر الإمام الشافعي بفقهه وعلمه، لكنه كان أيضاً شاعراً بارعاً، وترك لنا العديد من القصائد الفصيحة التي تميزت بالعمق الفكري والجمال اللغوي.

من أشهر قصائد الإمام الشافعي:

دَعِ الأَيَّامَ تَفْعَل مَا تَشَاءُ

دَعِ الأَيَّامَ تَفْعَل مَا تَشَاءُ
وطب نفساً إذا حكمَ القضاءُ
وَلا تَجْزَعْ لنازلة الليالي
فما لحوادثِ الدنيا بقاءُ
وكنْ رجلاً على الأهوالِ جلداً
وشيمتكَ السماحة ُ والوفاءُ
وإنْ كثرتْ عيوبكَ في البرايا
وسَركَ أَنْ يَكُونَ لَها غِطَاءُ
تَسَتَّرْ بِالسَّخَاء فَكُلُّ عَيْبٍ
يغطيه كما قيلَ السَّخاءُ
ولا تر للأعادي قط ذلاً
فإن شماتة الأعدا بلاء
ولا ترجُ السماحة من بخيلٍ
فَما فِي النَّارِ لِلظْمآنِ مَاءُ
وَرِزْقُكَ لَيْسَ يُنْقِصُهُ التَأَنِّي
وليسَ يزيدُ في الرزقِ العناءُ
وَلاحُزْنٌيَدُومُ وَلا سُرورٌ
ولا بؤسٌ عليكَ ولا رخاءُ
وَمَنْ نَزَلَتْ بِسَاحَتِهِ الْمَنَايَا
فلا أرضٌ تقيهِ ولا سماءُ
وأرضُ الله واسعة ً ولكن
إذا نزلَ القضا ضاقَ الفضاءُ
دَعِ الأَيَّامَ تَغْدِرُ كُلَّ حِينٍ
فما يغني عن الموت الدواءُ [١]

إليك إله الخلق أرفع رغبتي

إليك إله الخلق أرفع رغبتي
وإن كنتُ- ياذا المنِّ والجود- مجرماً
ولَّما قسا قلبي، وضاقت مذاهبي
جَعَلْتُ الرَّجَا مِنِّي لِعَفْوِكَ سُلّمَاتٍ
عاظمني ذنبي فلَّما قرنتهُ
بعفوكَ ربي كانَ عفوكَ أعظما
فَمَا زِلْتَ ذَا عَفْوٍ عَنِالذَّنْبِ
لَمْ تَزَلْتَجُودُ وَتَعْفُو مِنَّه ً وَتَكَرَّمَ
فلولاكَ لم يصمد لإبليسَ عابدٌ
فكيفَ وقد أغوى َ صفيَّكَ آدما
فيا ليت شعري هل أصير لجنة ٍ
أهنا وأما للسعير فأندما
فإن تعفُ عني تعفُ عن متمردٍ
ظَلُومٍ غَشُومٍ لا يزايلُ مأثما
وإن تنتقمْ مني فلستُ بآيسٍ
ولو أدخلوا نفسي بجُرْم جهنَّما
فَللَّهِ دَرُّ الْعَارِفِ النَّدْبِ إنَّهُ
تفيض لِفَرْطِ الْوَجْدِ أجفانُهُ دَمَايًا
يُقِيمُ إذَا مَا الليلُ مَدَّ ظَلاَمَهُ
على نفسهِ من شدَّة الخوفِ مأتما
فَصِيحاً إِذَا مَا كَانَ فِي ذِكْرِ رَبِّهِ
وَفِي مَا سِواهُ فِي الْوَرَى كَانَ أَعْجَمَا
ويذكرُ أياماً مضت منشبابهِ
وَمَا كَانَ فِيهَا بِالْجَهَالَة ِ أَجْرَمَ
فَصَارَ قَرِينَ الهَمِّ طُولَ نَهَارِهِ
أخا السُّهدِ والنَّجوى إذا الليلُ أظلما
يَقُولُ حَبيبي أَنْتَ سُؤْلِي وَبُغْيَتِكَ
كفى بكَ للراجينَ سؤلاً ومغنما
ألستَ الذِّي غذيتني هديتني
وَلاَ زِلْتَ مَنَّاناً عَلَيَّ وَمُنْعِمَ
عَسَى مَنْ لَهُ الإِحْسَانُ يَغْفِرُ زَلَّتي
ويسترُ أوزاري وما قد تقدما [٢]

شعر المتنبي

أبو الطيب المتنبي، أحمد بن الحسين بن الحسن بن عبد الصمد الجعفي، هو أحد أشهر شعراء العصر العباسي. عُرف المتنبي بذكائه وثقافته وفصاحة لسانه، واشتهر بمَدحِهِ لكبار الحكام مثل سيف الدولة ابن حمدان وعضد الدولة في شيراز.

الخيل والليل والبيداءُ تعرفني

ألخَيْـلُ وَاللّيْـلُ وَالبَيْـداءُ تَعرِفُنـي
وَالسّيفُ وَالرّمحُ والقرْطاسُ وَالقَلَـمُ
صَحِبْتُ فِي الفَلَواتِ الوَحشَ منفَـرِداً
حتى تَعَجّبَ منـي القُـورُ وَالأكَـمُ
يَا مَـنْ يَعِـزّ عَلَيْنَـا أنْ نُفَارِقَهُـمْ
وَجدانُنا كُلَّ شـيءٍ بَعدَكـمْ عَـدَمُ
مَا كـانَ أخلَقَنَـا مِنكُـمْ بتَكرِمَـةٍ
لَـوْ أنّ أمْرَكُـمُ مِـن أمرِنَـا أمَـمُ
إنْ كـانَ سَرّكُـمُ ما قالَ حاسِدُنَـا
فَمَـا لجُـرْحٍ إذا أرْضـاكُـمُ ألَـمُ
وَبَيْنَنَـا لَـوْ رَعَيْتُـمْ ذاكَ مَعـرِفَـةٌ
إنّ المَعارِفَ فِي أهْـلِ النُّهَـى ذِمَـمُ
كُم تَطْلُبُونَ لَنَـا عَيْبـاً فيُعجِزُكـمْ
وَيَكْـرَهُ الله مـا تَأتُـونَ
وَالكَـرَمُ
مَا أبعدَ العَيبَ والنّقصانَ منْ شَرَفِـي
أنَـا الثّرَيّـا وَذانِ الشّيـبُ وَالهَـرَمُ
لَيْتَ الغَمَامَ الذي عنـدي صَواعِقُـهُ
يُزيلُهُـنّ إلـى مَـنْ عِنْـدَهُ الدِّيَـمُ
أرَى النّـوَى يَقتَضينـي كلَّ مَرْحَلَـةٍ
لا تَسْتَقِـلّ بِهَـا الوَخّـادَةُ الرُّسُـمُ
لَئِـنْ تَرَكْـنَ ضُمَيـراً عَنْ مَيامِنِنـا
لَيَحْـدُثَـنّ لـمَنْ وَدّعْتُهُـمْ نَـدَمُ
إذا تَرَحّلْـتَ عن قَـوْمٍ وَقَد قَـدَرُوا
أنْ لا تُفـارِقَهُـمْ فالرّاحِلـونَ هُـمُ
شَرُّ البِـلادِ مَكـانٌ لا صَديـقَ بِـهِ
وَشَرُّ ما يَكسِبُ الإنسـانُ ما يَصِـمُ
وَشَـرُّ ما قَنّصَتْـهُ رَاحَتـي قَنَـصٌ
شُهْبُ البُـزاةِ سَـواءٌ فيهِ والرَّخَـمُ
بأيّ لَفْـظٍ تَقُـولُالشّعْـرَزِعْنِفَـةٌ
تَجُوزُ عِنـدَكَ لا عُـرْبٌ وَلا عَجَـمُ
هَـذا عِتـابُـكَ إلاّ أنّـهُ مِـقَـةٌ
قـد ضُمّـنَ الـدُّرَّ إلاّ أنّـهُ كَلِـمُ [٥]

كفى بك داء أن ترى الموت شافياً

كفى بكَ داءً أنْ ترَىالموْتَشافِيَاً
وَحَسْبُ المَنَايَا أنْ يكُنّ أمانِيَاتٍ
مَنّيْتَهَا لمّا تَمَنّيْتَ أنْ تَرَى
صَديقاً فأعْيَا أوْ عَدُواً مُداجِيَا
إذا كنتَ تَرْضَى أنْ تَعيشَ بذِلّةٍ
فَلا تَسْتَعِدّنّ الحُسامَ اليَمَانِيَاوَلا تَستَطيلَنّ الرّماحَ لِغَارَةٍ
وَلا تَستَجيدَنّ العِتاقَ المَذاكِيَافما يَنفَعُ الأُسْدَ الحَياءُ من الطَّوَى
وَلا تُتّقَى حتى تكونَ ضَوَارِيَافما يَنفَعُ الأُسْدَ الحَياءُ من الطَّوَى
وَلا تُتّقَى حتى تكونَ ضَوَارِيَاحَبَبْتُكَ قَلْبي قَبلَ حُبّكَ من نأى
وَقد كانَ غَدّاراً فكُنْ أنتَ وَافِيَاوَأعْلَمُ أنّ البَينَ يُشكيكَ بَعْدَهُ
فَلَسْتَ فُؤادي إنْ رَأيْتُكَ شَاكِيَافإنّ دُمُوعَ العَينِ غُدْرٌ بِرَبّهَا
إذا كُنّ إثْرَ الغَادِرِين جَوَارِيَا
إذا الجُودُ لم يُرْزَقْ خَلاصاً من الأذَى
فَلا الحَمدُ مكسوباً وَلا المالُ باقِيَاوَللنّفْسِ أخْلاقٌ تَدُلّ على الفَتى
أكانَ سَخاءً ما أتَى أمْ تَسَاخِيَا
أقِلَّ اشتِياقاً أيّهَا القَلْبُ رُبّمَا
رَأيْتُكَ تُصْفي الوُدّ من ليسَ صافيَاخُلِقْتُ ألُوفاً لَوْ رَجعتُ إلى الصّبَى
لَفارَقتُ شَيبي مُوجَعَ القلبِ باكِيَاوَلَكِنّ بالفُسْطاطِ بَحْراً أزَرْتُهُ
حَيَاتي وَنُصْحي وَالهَوَى وَالقَوَافِيَاوَجُرْداً مَدَدْنَا بَينَ آذانِهَا القَنَافِ
بِتْنَ خِفَافاً يَتّبِعْنَ العَوَالِيَاتٍ
مَاشَى بأيْدٍ كُلّمَا وَافَتِ الصَّفَانَ
قَشْنَ بهِ صَدرَ البُزَاةِ حَوَافِيَاوَتَنظُرُ من سُودٍ صَوَادِقَ في الدجى
يَرَينَ بَعيداتِ الشّخُوصِ كما هِيَا [٦]

شعر عن الشجاعة

الشجاعة مفهوم مُحوري في الثقافة العربية، وغالباً ما يتم استخدامها في الشعر العربي ليُعبّر الشعراء عن القوة والشجاعة في وجه المخاطر والتحديات.

يقول أبو الطيب المتنبي:

الرَأيُ قَبلَشَجاعَةِالشُجعانِ
هُوَ أَوَّلٌ وَهِيَ المَحَلُّ الثانِي
فِإِذا هُما اِجتَمَعا لِنَفسٍ مِرَّةٍ
بَلَغَت مِنَ العَلياءِ كُلَّ مَكانِ
وَلَرُبَّما طَعَنَ الفَتى أَقرانَهُ
بِالرَأيِ قَبلَ تَطاعُنِ الأَقرانِ
لَولا العُقولُ لَكانَ أَدنى ضَيغَمٍ
أَدنى إِلى شَرَفٍ مِنَ الإِنسانِ
وَلَما تَفاضَلَتِ النُفوسُ وَدَبَّرَتْ
أَيدي الكُماةِ عَوالِيَ المُرّانِ
لَولا سَمِيُّ سُيوفِهِ وَمَضاؤُهُ
لَمّا سُلِلنَ لَكُنَّ كَالأَجفانِ [٧]

ويقول أحمد شوقي:

وَمَا فِي الشّجَاعَةِ حَتْفُ الشّجَاعِ
وَلَا مَدَّ عُمْرَ الْجَبَانِ الْجَبْنُ
لَكِنْ إِذَا حَانَ حِيْنُ الْفَتَى
قَضَى، وَيَعِيْشُ إِذَا لَمْ يَحِنْ
أَلَا أَيّهَا الشّرِيْفُ الرّضِيُّ
أَبُو السّمْرَاءِ الرّمَاحِ اللّدْنِ
شَهِيْدُ الْمُرُوْءَةِ كَانَ الْبَقِيْعُ
أَحَقَّ بِهِ مِنْ تُرَابِ الْيَمَنِ
فَهَلْ غَسَّلُوْهُ بِدَمْعِ الْعُفَاةِ
وَفِي كُلِّ قَلْبٍ حَزِيْنٍ سَكَنْ؟
لَقَدْ أَغْرَقَ ابْنَكَ صَرْفُ الزّمَانِ
وَأَغْرَقْتَ أَبْنَاءَهُ بِالْمِنَنِ
أَتَذْكُرُ إِذْ هُوَ يَطْوِي الشّهُوْرَ
وَإِذْ هُوَ كَالْخَشَفِ حَلُوّ أَغَنّ؟
وَإِذْ هُوَ حَوْلَكَ حَسَنُ الْقُصُوْرِ
وَطِيْبُ الرّيَاضِ، وَصَفْوُ الزّمَنْ؟
بَشَاشَتُهُ لَذّةٌ فِي الْعُيُوْنِ
وَنَغْمَتُهُ لَذّةٌ فِي الأُذُنْ؟
يُلَاعِبُ طَرّتَهُ فِي يَدَيْكَ
كَمَا لَاعِبَ الْمَهْرُ فَضْلَ الرّسْن؟
وَإِذْ هُوَ كَالشّبْلِ يُحَكّي الْأَسُودَ
أَدَلّ بِمَخْلَبِهِ وَافْتَتَنْ؟
فَشَبّ، فَقَامَ وَراءَ الْعَرِيْنِ
يَشُبّ الْحُرُوْبَ، وَيُطْفِي الْفِتَنْ؟
فَمَا بَالُهُ صَارَ فِي الْهَامِدِيْنِ
وَأَمْسَى عُفَاءً كَأَنْ لَمْ يَكُنْ؟
نَظَمْتُ الْدّمُوْعَ رِثَاءً لَهُ
فَصّصْلْتُهَا بِالْأَسَى وَالشّجَنْ [٨]


المراجع

  1. الإمام الشافعي، “دَعِ الأَيَّامَ تَفْعَل مَا تَشَاءُ”, www.adab.com.
  2. محمد سليم، ديوان الإمام الشافعي، مصر: مكتبة ابن سينا، صفحة 134-135-136.
  3. المتنبي، “الخيل والليل والبيداءُ تعرفني”, www.aldiwan.net.
  4. المتنبي، “كفى بك داء أن ترى الموت شافيا”, www.adab.com.
  5. المتنبي، ” الرأي قبل شجاعة الشجعان”, www.aldiwan.net.
  6. أحمد شوقي، “مضى الدهر بابن إمام اليَمَنْ”, www.adab.com.
Total
0
Shares
اترك تعليقاً
المقال السابق

أبيات شعر رثاء شهيد

المقال التالي

قصائد عن الأب: رحلة شعورية عبر كلمات عظماء الشعر

مقالات مشابهة