جدول المحتويات
أبيات المتنبي في مدح كافور الإخشيدي
في هذه الأبيات، يمدح أبو الطيب المتنبي كافور الإخشيدي، حاكم مصر، في قصيدة رائعة تمتلئ بالإشادة بالشجاعة والكرم:
كَفى بِكَ داءً أَن تَرىالمَوتَشافِيا
وَحَسبُ المَنايا أَن يَكُنَّ أَمانِيات
مَنَّيتَها لَمّا تَمَنَّيتَ أَن تَرى
صَديقاً فَأَعيا أَو عَدُوّاً مُداجِيا
إِذا كُنتَ تَرضى أَن تَعيشَ بِذِلَّةٍ
فَلا تَستَعِدَّنَّ الحُسامَ اليَمانِيا
وَلا تَستَطيلَنَّ الرِماحَ لِغارَةٍ
وَلا تَستَجيدَنَّ العِتاقَ المَذاكِيا
فَما يَنفَعُ الأُسدَالحَياءُمِنَ الطَوى
وَلا تُتَّقى حَتّى تَكونَ ضَوارِيا
حَبَبتُكَ قَلبي قَبلَ حُبِّكَ مَن نَأى
وَقَد كانَ غَدّاراً فَكُن أَنتَ وافِيا
وَأَعلَمُ أَنَّالبَينَيُشكيكَ بَعدَهُ
فَلستَ فُؤادي إِن رَأَيتُكَ شاكِيا
فَإِنَّ دُموعَ العَينِ غُدرٌ بِرَبِّها
إِذا كُنَّ إِثرَ الغادِرينَ جَوارِيا
إِذا الجودُ لَم يُرزَق خَلاصاً مِنَ الأَذى
فَلاالحَمدُمَكسوباً وَلاالمالُباقِيا
وَلِلنَفسِأَخلاقٌتَدُلُّ عَلى الفَتى
أَكانَ سَخاءً ما أَتى أَم تَساخِيا
أَقِلَّ اِشتِياقاً أَيُّها القَلبُ رُبَّما
رَأَيتُكَ تُصفي الوُدَّ مَن لَيسَ جازِيا
خُلِقتُ أَلوفاً لَو رَحَلتُ إِلى الصِبالَ
فارَقتُ شَيبي موجَعَ القَلبِ باكِيا
وَلَكِنَّ بِالفُسطاطِ بَحراً أَزَرتُهُ
حَياتي وَنُصحي وَالهَوى وَالقَوافِيا
وَجُرداً مَدَدنا بَينَ آذانِها القَناف
بِتنَ خِفافاً يَتَّبِعنَ العَوالِيات
تَماشى بِأَيدٍ كُلَّما وافَتِ الصَفان
قَشنَ بِهِ صَدرَ البُزاةِ حَوافِيا
وَتَنظُرُ مِن سودٍ صَوادِقَ في الدُجى
يَرَينَ بَعيداتِ الشُخوصِ كَما هِيَ
وَتَنصِبُ لِلجَرسِ الخَفيِّ سَوامِعاً
يَخَلنَ مُناجاةَ الضَميرِ تَنادِيات
تُجاذِبُ فُرسانَ الصَباحِ أَعِنّةً
كَأَنَّ عَلى الأَعناقِ مِنها أَفاعِي
بِعَزمٍ يَسيرُ الجِسمُ في السَرجِ راكِباً
بِهِ وَيَسيرُ القَلبُ في الجِسمِ ماشِيا
قَواصِدَ كافورٍ تَوارِكَ غَيرِهِ
وَمَن قَصَدَ البَحرَ اِستَقَلُّ السَواقِيا
فَجاءَت بِنا إِنسانَ عَينِ زَمانِهِ
وَخَلَّت بَياضاً خَلفَها وَمَآقِيا
نَجوزَ عَلَيها المُحسِنينَ إِلى الَّذينَ
رى عِندَهُمإِحسانَهُوَالأَيادِيانَرى عِندَهُم إِحسانَهُ وَالأَيادِيا
إِلى عَصرِهِ إِلّا نُرَجّي التَلاقِيات
تَرَفَّعَ عَن عَونِ المَكارِمِ قَدْرُهُ
فَما يَفعَلُ الفَعلاتِ إِلّا عَذارِيا
يُبيدُ عَداواتِ البُغاةِ بِلُطفِهِ
فَإِن لَم تَبِد مِنهُم أَبادَ الأَعادِيا
أَبا المِسكِ ذا الوَجهُ الَّذي كُنتُ تائِقاً
إِلَيهِ وَذا الوَقتُ الَّذي كُنتُ راجِيا
لَقيتُ المَرَورى وَالشَناخيبَ دونَهُ
وَجُبتُ هَجيراً يَترُكُالماءَصادِيا
أَبا كُلِّ طيبٍ لا أَبا المِسكِ وَحدَهُ
وَكُلَّ سَحابٍ لا أَخَصُّ الغَوادِيا
يَدِلُّ بِمَعنىً واحِدٍ كُلَّ فاخِرٍ
وَقَد جَمَعَ الرَحمَنُ فيكَ المَعانِيا
إِذا كَسَبَ الناسُ المَعالِيَ بِالنَدى
فَإِنَّكَ تُعطي في نَداكَ المَعالِيا
وَغَيرُ كَثيرٍ أَن يَزورَكَ راجِلٌ
فَيَرجِعَ مَلكاً لِلعِراقَينِ والِيا
فَقَد تَهَبَ الجَيشَ الَّذي جاءَ غازِياً
لِسائِلِكَ الفَردِ الَّذي جاءَ عافِيا
وَتَحتَقِرُ الدُنيا اِحتِقارَ مُجَرِّبٍ
يَرى كُلَّ ما فيها وَحاشاكَ فانِيا
وَمَا كُنتَ مِمَّن أَدرَكَ المُلكَ بِالمُنى
وَلَكِن بِأَيّامٍ أَشَبنَ النَواصِيا
عِداكَ تَراها في البِلادِ مَساعِياً
وَأَنتَ تَراها في السَماءِ مَراقِيا
لَبِستَ لَها كُدرَ العَجاجِ كَأَنَّما
تَرى غَيرَ صافٍ أَن تَرى الجَوَّ صافِيا
وَقُدتَ إِلَيها كُلَّ أَجرَدَ سابِحٍ
يُؤَدّيكَ غَضباناً وَيَثنِكَ راضِيا
وَمُختَرَطٍ ماضٍ يُطيعُكَ آمِراً
وَيَعصي إِذا اِستَثنَيتَ لَو كُنتَ ناهِيا
وَأَسمَرَ ذي عِشرينَ تَرضاهُ وارِداً
وَيَرضاكَ في إيرادِهِ الخَيلَ ساقِيا
كَتائِبَ ما اِنفَكَّت تَجوسُ عَمائِراً
مِنَ الأَرضِ قَد جاسَت إِلَيها فَيافِيا
غَزَوتَ بِها دورَ المُلوكِ فَباشَرَت
سَنابِكُها هاماتِهِم وَالمَغانِيا
وَأَنتَ الَّذي تَغشى الأَسِنَّةَ أَوَّلاً
وَتَأنَفَ أَن تَغشى الأَسِنَّةَ ثانِيا
إِذا الهِندُ سَوَّت بَينَ سَيفَي كريهَةٍ
فَسَيفُكَ في كَفٍّ تُزيلُ التَساوِيا
وَمِن قَولِ سامٍ لَو رَآكَ لِنَسلِهِ
فِدى اِبنِ أَخي نَسلي وَنَفسي وَمالِيا
مَدىً بَلَّغَ الأُستاذَ أَقصاهُ رَبُّهُ
وَنَفسٌ لَهُ لَم تَرضَ إِلّا التَناهِيادَعَتهُ فَلَبّاها إِلى المَجدِ وَالعُلا
وَقَد خالَفَ الناسُ النُفوسَ الدَواعِيا
فَأَصبَحَ فَوقَ العالَمينَ يَرَونَهُ
وَإِن كانَ يُدنيهِ التَكَرُّمُ نائِيا
أبيات المتنبي في مدح سيف الدولة
في هذه الأبيات، يُشيد المتنبي بقوة وشجاعة سيف الدولة، حاكم حلب، في أبياتٍ تُبرزُ العزيمة والصلابة:
عَلى قَدْرِ أهْلِالعَزْمِ تأتي العَزائِمُ
وَتأتي علَى قَدْرِ الكِرامِ المَكارمُ
وَتَعْظُمُ في عَينِ الصّغيرِ صغارُها
وَتَصْغُرُ في عَين العَظيمِ العَظائِمُ
يُكَلّفُ سيفُ الدّوْلَةِ الجيشَ هَمّهُ
وَقد عَجِزَتْ عنهُ الجيوشُ الخضارمُ
وَيَطلُبُ عندَ النّاسِ ما عندَ نفسِهِ
وَذلكَ ما لا تَدّعيهِ الضّرَاغِمُ
يُفَدّي أتَمُّ الطّيرِ عُمْراً سِلاحَهُ
نُسُورُ الفَلا أحداثُها وَالقَشاعِمُ
وَما ضَرّها خَلْقٌ بغَيرِ مَخالِبٍ
وَقَدْ خُلِقَتْ أسيافُهُ وَالقَوائِمُ
هَلِ الحَدَثُ الحَمراءُ تَعرِفُ لوْنَها
وَتَعْلَمُ أيُّ السّاقِيَيْنِ الغَمَائِمُ
سَقَتْها الغَمَامُ الغُرُّ قَبْلَ نُزُولِهِ
فَلَمّا دَنَا مِنها سَقَتها الجَماجِمُ
بَنَاهَا فأعْلى وَالقَنَا يَقْرَعُ القَنَاوَ
مَوْجُ المَنَايَا حَوْلَها مُتَلاطِمُ
وَكانَ بهَا مثْلُ الجُنُونِ فأصْبَحَتْ
وَمِنْ جُثَثِ القَتْلى عَلَيها تَمائِمُ
طَريدَةُ دَهْرٍ ساقَها فَرَدَدْتَهَاعلى
الدّينِ بالخَطّيّ وَالدّهْرُ رَاغِمُ
تُفيتُ اللّيالي كُلَّ شيءٍ أخَذْتَهُ
وَهُنّ لِمَا يأخُذْنَ منكَ غَوَارِمُ
إذا كانَ ما تَنْوِيهِ فِعْلاً مُضارِعاً
مَضَى قبلَ أنْ تُلقى علَيهِ الجَوازِمُ
وكيفَ تُرَجّي الرّومُ والرّوسُ هدمَها
وَذا الطّعْنُ آساسٌ لهَا وَدَعائِمُ
وَقَد حاكَمُوهَا وَالمَنَايَا حَوَاكِمٌ
فَما ماتَ مَظلُومٌ وَلا عاشَظالِمُ
أتَوْكَ يَجُرّونَ الحَديدَ كَأَنَّهُمْ
سَرَوْا بِجِيَادٍ ما لَهُنّ قَوَائِمُ
إذا بَرَقُوا لم تُعْرَفِ البِيضُ منهُمُ
ثِيابُهُمُ من مِثْلِها وَالعَمَائِمُ
خميسٌ بشرْقِ الأرْضِ وَالغرْبِ زَحْفُهُ
وَفي أُذُنِ الجَوْزَاءِ منهُ زَمَازِمُ
تَجَمّعَ فيهِ كلُّ لِسْنٍ وَأُمّةٍ
فَمَا يُفْهِمُ الحُدّاثَ إلاّ الترَاجِمُ
فَلِلّهِ وَقْتٌ ذَوّبَ الغِشَّ نَارُهُ
فَلَمْ يَبْقَ إلاّ صَارِمٌ أوْ ضُبارِمُ
تَقَطّعَ ما لا يَقْطَعُ الدّرْعَ وَالقَنَاوَ
فَرّ منَ الفُرْسانِ مَنْ لا يُصادِمُ
وَقَفْتَ وَما في المَوْتِ شكٌّ لوَاقِفٍ
كأنّكَ في جَفنِ الرّدَى وهْوَ نائِمُ
تَمُرّ بكَ الأبطالُ كَلْمَى هَزيمَةً
وَوَجْهُكَ وَضّاحٌ وَثَغْرُكَ باسِمُ
تَجاوَزْتَ مِقدارَ الشّجاعَةِ والنُّهَى
إلى قَوْلِ قَوْمٍ أنتَ بالغَيْبِ عالِمُ
ضَمَمْتَ جَناحَيهِمْ على القلبِ ضَمّةً
تَمُوتُ الخَوَافي تحتَها وَالقَوَادِمُ
بضَرْبٍ أتَى الهاماتِ وَالنّصرُ غَائِبٌ
وَصَارَ إلى اللّبّاتِ وَالنّصرُ قَادِمُ
حَقَرْتَ الرُّدَيْنِيّاتِ حتى طَرَحتَها
وَحتى كأنّ السّيفَ للرّمحِ شاتِمُ
أبيات المتنبي في مدح بدر بن عمّار
في هذه الأبيات، يمدح المتنبي بدر بن عمّار، أحد عظماء العرب، ويُشيد بخصاله الحميدة:
في الخَدّ أنْ عَزَمَ الخَليطُ رَحيلًا
مَطَرٌ تَزيدُ بهِ الخُدودُ مُحُولا
يا نَظْرَةً نَفَتِ الرُّقادَ وغادَرَتْ
في حَدّ قَلبي ما حَيِيتُ فُلُولاكَ
انَتْ مِنَ الكَحْلاءِ سُؤلي إنّما
أجَلي تَمَثّلَ في فُؤادي سُولا
أجِدُ الجَفَاءَ على سِواكِ مُرُوءَةً
والصّبرَ إلاّ في نَواكِ جَميلا
وأرَى تَدَلُّلَكِ الكَثيرَ مُحَبَّباً
وأرَى قَليلَ تَدَلُّلٍ مَمْلُولًا
حَدَقُ الحِسانِ من الغواني هِجنَ لي
يَوْمَ الفِراقِ صَبابَةً وغَليلاً
حَدَقٌ يُذِمّ مِنَ القَواتِلِ غيرَها
بَدْرُ بنُ عَمّارِ بنِ إسْماعِيلا
ألفَارِجُ الكُرَبَ العِظامَ بمِثْلِها
والتّارِكُ المَلِكَ العزيزَ ذَليلاً
مَحِكٌ إذا مَطَلَ الغَريمُ بدَيْنِهِ
جَعَلَ الحُسامَ بمَا أرَادَ كَفيلًا
نَطِقٌ إذا حَطّ الكَلامُ لِثامَهُ
أعْطَى بمَنْطِقِهِ القُلُوبَ عُقُولا
أعْدَى الزّمانَ سَخاؤهُ فَسَخا بهِ
ولَقَدْ يكونُ بهِ الزّمانُ بَخيلا
وكأنّ بَرْقاً في مُتُونِ غَمامةٍ
هِنْدِيُّهُ في كَفّهِ مَسْلُولا
وَمَحَلُّ قائِمِهِ يَسيلُ مَواهِباً
لَوْ كُنّ سَيْلاً ما وَجَدْنَ مَسيلًا
رَقّتْ مَضارِبُهُ فَهُنّ كأنّما
يُبْدينَ مِنْ عِشقِ الرّقابِ نُحُولا
أمُعَفِّرَ اللّيْثِ الهِزَبْرِ بسَوْطِهِ
لمَنِ ادّخَرْتَ الصّارِمَ المَصْقُولًا
وَقَعَتْ على الأُرْدُنّ مِنْهُ بَلِيّةٌ
نُضِدَتْ بها هامُ الرّفاقِ تُلُولًا
وَرْدٌ إذا وَرَدَ البُحَيرَةَ شارِباً
وَرَدَ الفُراتَ زَئِيرُهُ والنّيلًا
مُتَخَضّبٌ بدَمِ الفَوارِسِ لابِسٌ
في غِيلِهِ مِنْ لِبْدَتَيْهِ غِيلًا
ما قُوبِلَتْ عَيْناهُ إلاّ ظُنّتَ
تَحْتَ الدُّجَى نارَ الفَريقِ حُلُولا
في وَحْدَةِ الرُّهْبَانِ إلاّ أنّهُ
لا يَعْرِفُ التّحْرِيمَ والتّحْليلا
يَطَأُ الثّرَى مُتَرَفّقاً مِنْ تِيهِهِ
فكأنّهُ آسٍ يَجُسّ عَلِيلاً
ويَردّ عُفْرَتَه إلى يَأفُوخِهِ
حتى تَصِيرَ لرَأسِهِ إكْليلاً
وتَظُنّهُ مِمّا يُزَمْجِرُ نَفْسُهُ
عَنْها لِشِدّةِ غَيظِهِ مَشْغُولا