فهرس المحتويات
- النفس تبكي على الدنيا وقد علمت
- إن يقرب الموت مني
- للموت ما تلدون
- إن كان لا بدّ من موت
- نداء الموت
- لِدوا للموت وابنوا للخراب
- فكم من صحيحٍ بات للموت آمنـاً
- هو الموت ما منه ملاذ ومهرب
- الموت لا شك آتٍ
- الموت ميقات العباد
بكاء النفس على الدنيا رغم معرفة الحقيقة
يُعبر علي بن أبي طالب عن هذه المعضلة في أبياته الرائعة:
النفسُ تبكي على الدُنيا وَقَد عَلِمَت
إِنَّ السَلامَةَ فيها تَركُ ما فيهالا
دارَ لِلمَرءِ بَعدَ المَوتِ يَسكُنُها
إِلّا الَّتي كانَ قَبلَ المَوتِ بانيها
فَإِن بَناها بِخَيرٍ طابَ مَسكَنُها
وَإِن بَناها بَشَرٍّ خابَ بانيها
تُعبّر هذه الأبيات عن صراع النفس بين رغبتها في الدنيا وحلمها بالخير، ومعرفة أنها لن تبقى إلا بالخير الذي عملته في حياتها. وتُذكّرنا بأنّ الدار الحقيقية التي سنبقى فيها بعد الموت هي تلك التي بنيناها بأفعالنا وخلقنا.
مواجهة الموت بقلبٍ شجاع
يُقدم أبو العلاء المعري نظرة فلسفية عن الموت، مُعبّرًا عن استعداده لِمواجهته بثباتٍ:
إن يقرب الموتُ مني
فَلَسْتُ أَكْرَهُ قُرْبَهْ
وَذَاكَ أَمْنَعُ حِصْنٍ،
يُصَبِّرُ الْقَبْرَ دَرْبَهُ
مَنْ يَلْقَهُ لا يُرَاقِبْ
خُطْبًا، وَلا يَخْشَى كُرْبَهُ
كَأَنَّنِي رَبُّ إِبِلٍ،
أَضْحَى يُمَارِسُ جُرْبَهْ
أو نَاشِطٌ يَتَبَغَّى،
فِي مُقْفِرِ الأَرْضِ عِرْبْهُ
وَإِنْ رُدِّدْتُ لِأَصْلِي،
دُفِنْتُ فِي شَرّ تُرْبَهْ
وَالْوَقْتُ مَا مَرَّ، إِلاّ
وَحَلَّ فِي الْعُمْرِ أُرْبَهْ
كُلٌّ يُحَاذِرُ حَتْفًا،
وَلَيْسَ يَعْدِمُ شُرْبَهْ
وَيَتَّقِي الصَّارِمَ الْعَضْبَ أَنْ يُبَاشِرَ غَرْبَهْ
وَالنَّزْعُ، فَوْقَ فِرَاشٍ،
أَشَقُّ مِنْ أَلْفِ ضَرْبَةْ
وَاللُّبُّ حَارَبَ، فِينَا،
طَبْعًا يُكَابِدُ حَرْبَهْ
يَا سَاكِنَ اللَّحْدِ! عَرِّفْنِيَ الْحِمَامَ وَإِرْبَهْ
وَلا تُضَنَّ، فَإِنَّمَا لِي، بِذَلِكَ دَرْبَهْ
يَكُرُّ فِي النَّاسِ كَالْأَجْدَلِ الْمُعَاوِدِ سِرْبَهْ
أَوْ كَالْمُعِيرِ، مِنَ الْعَاسِلَاتِ، يَطْرُقُ زَرْبَهْ
لا ذَاتِ سِرْبٍ يُعَرِّي الرَّدَى، وَلا ذَاتِ سُرْبَهْ
وَمَا أَظُنُّ الْمَنَايَا،
تَخْطُو كَوَاكِبَ جَرْبَهْ
سَتَأْخُذُ النَّسْرَ، وَالْغَفْرَ، وَالسِّمَاكَ، وَتِرْبَهْ
فَتَّشَنَّ عَنْ كُلِّ نَفْسٍ
شَرْقَ الْفَضَاءِ وَغَرْبَهْ
وَزُرْنَ، عَنْ غَيْرِ بِرٍّ،
عُجْمَ الْأَنَامِ، وَعُرْبَهْ
مَا وَْمَضَةُ مِنْ عَقِيْقٍ،
إِلاَّ تَهِيّجُ طَرْبَهْ
هَوَىً تَعَبَّدَ حُرّاً،
فَمَا يُحَاوِلُ هَرْبَهْ
مَنْ رَامَنِي لَمْ يَجِدْنِي،
إِنَّ الْمَنَازِلَ غُرْبَهْ
كَانَتْ مُفَارِقُ جُونٍ،
كَأَنَّهَا رِيْشُ غِرْبَهْ
ثُمَّ انْجَلَّتْ، فَعَجَبْنَا
لِلْقَارِ بَدَّلَ صِرْبَهْ
إِذَا خَمِصْتُ قَلِيلاً،
عَدَدْتُ ذَلِكَ قُرْبَهْ
وَلَيْسَ عِنْدِيَ، مِنْ آَلَةِ
السُّرَى، غَيْرُ قِرْبَهْ
يُظهر أبو العلاء شجاعةً غير متناهية في وجه الموت، ويرى في تقبله كأنه صُحبة مع رفيق الطريق، لا مُخيفًا أو مُرعبًا. تُبين هذه الأبيات أنّه ليس بالموت المُخيف كما يُعتقد، بل هو مجرد مرحلة طبيعية من حياة كلّ إنسان.
فناء الأملاك وعدم استدامة الحضارات
يُسلط أبو العتاهية الضوء على ضَعف الإنسان أمام الموت، فكلّ شيءٍ زائل:
مَا يَدْفَعُ الْمَوْتَ أَرْجَاءٌ وَلا حَرَسُ
مَا يَغْلِبُ الْمَوْتَ لا جِنٌّ وَلا أَنْسُ
مَا إِنْ دَعَا الْمَوْتُ أَمْلاكاً وَلا سُوقًا
إِلا ثَنَاهُمْ إِلَيْهِ الصَّرْعُ وَالخَلَسُ
لِلْمَوْتِ مَا تَلِدُ الْأَقْوَامُ كُلُّهُمُ
وَلِلْبَلَى كُلُّ مَا بَنَوْا، وَمَا غَرَسُوا
يُبين أبو العتاهية أنّ الموت لا يُمكن دفعه أو هزيمته، وأنّ كلّ ما يبنيه الإنسان سيبقى تحت رحمة الفناء. تذكّرنا هذه الأبيات بأنّ الحضارات تُزول، والأموال تُضيع، ونحن جميعًا سُفراء الموت في هذه الحياة الفانية.
القناعة ورضا النفس
يُؤكد أبو العتاهية على ضرورة القناعة ورضا النفس في وجه المصير الحتمي:
إِنْ كانَ لا بُدَّ مِنْ مَوْتٍ فَمَا كَلَفِ
وَمَا عَنَائِي بِمَا يَدْعُو إِلَى الْكُلَفِ
لا شَيْءَ لِلْمَرءِ أَغْنَى مِنْ قَنَاعَتِهِ
وَلا امْتِلاءَ لِعَيْنِ الْمُلْتَهِي الطَّرَفِ
مَنْ فَارَقَ الْقَصْدَ لَمْ يَأْمَنْ عَلَيْهِ هَوًى ً
يَدْعُو إِلَى الْبَغْيِ وَالْعُدْوَانِ وَالسَّرَفِ
مَا كُلُّ رَأْيِ الْفَتَى يَدْعُو إِلَى رَشَدٍ
إِذَا بَدَا لَكَ رَأْيٌ مُشْكِلٌ فَقِفِ
أُخَيّ! مَا سَكَنَتْ رِيْحٌ وَلا عَصَفَتْ،
إِلاّ لِتُؤْذِنَ بِالنْقْصَانِ وَالتَّلَفِ
مَا أَقْرَبَ الْحَيْنَ مِمَّنْ لَمْ يَزَلْ بَطِراً
وَلَمْ تَزَلْ نَفْسُهُ تُوَفِّي عَلَى شُرَفِ
كُمْ مِنْ عَزِيْزٍ عَظِيْمِ الشَّأْنِ فِي جَدَثٍ
مُجَدَّلٍ، بِتُرَابِ الأَرْضِ مُلْتَحِفِ
لَهِ أَهْلُ قُبُورٍ كُنْتُ أُعْهِدُهُمْ
أَهْلَ الْقِبَابِ الرَّخَامِيَّاتِ، وَالْغُرَفِ
يَا مَنْ تَشَرّفَ بِالدُّنْيا وَزِينَتِهَا،
حَسْبُ الْفَتَى بِتَقَى الرَّحْمَانِ مِنْ شَرَفِ
وَالْخَيْرُ وَالشَّرُّ فِي التَّصْوِيْرِ بَيْنَهُمَ
لَوْ صُوِّرَا لَكَ، بَوْنٌ غَيْرُ مُؤْتَلِفِ
أَخَيَّ آخِ الْمُصَفّى مَا اسْتَطَعْتَ وَلاَ
تَسْتَعْذِبَنّ مُؤَاخَاة َ الأَخِ النَّطِفِ
مَا أَحْرَزَ الْمَرْءُ مِنْ أَطْرَافِهِ طَرَفًا،
إِلاّ تَخَوّنَهُ النّقْصَانُ مِنْ طَرَفِ
وَاللّهُ يَكْفِيْكَ إِنْ أَنْتَ اعْتَصَمْتَ بِهِ،
مَنْ يُصْرِفِ اللّهُ عَنْهُ السّوءَ يَنْصَرِفِ
الْحَمْدُ لِلّهِ، شُكْرًا، لا مَثِيْلَ لَهُ،
مَا قِيْلَ شَيْءٌ بِمِثْلِ اللّيْنِ وَاللُّطُفِ
يُؤكّد أبو العتاهية على أهمية القناعة والرضا عن النفس، مُذكّرًا بأنّ المال والسلطة لن تنفعنا يومًا. تُبين هذه الأبيات أنّ السعادة الحقيقية تكمن في التقوى والإيمان بالله، وليس في زخارف الدنيا الفانية.
نداء الموت الذي يُصدح من القبور
يُقدم بدر شاكر السياب صورة مؤثرة عن نداء الموت الذي يُصدح من القبور، في بيته الشعري:
يمدّون أعناقهم من ألوف القبور يصيحون بي
أن تعال
نداء يشق العروق يهزّ المشاش يبعثر قلبي رمادا
يُصور السياب نداء الموت بصورةٍ مُخيفة تُجسّد شعورًا قويًا بالخوف والقلق. يُذكّرنا أنّ الموت لا يُمكن تجنبه، وأنّ نداءه يُصلّي إلى قلوبنا من كلّ مكانٍ.
فناء الإنسان والحضارة
يُعبّر أبو العتاهية عن هذه الحقيقة في أبياته:
لِدوا لِلمَوتِ وَاِبنوا لِلخَرابِ
فَكُلُّكُمُ يَصيرُ إِلى ذَهابِ
لِمَن نَبني وَنَحنُ إِلى تُرابٍ
نَصيرُ كَما خُلِقنا مِن تُرابِ
يُبين أبو العتاهية أنّ كلّ ما يُبنى سيَزول في النهاية، وأنّ الموت يُنتظرنا جميعًا. تُذكّرنا هذه الأبيات بأنّ الحياة دُنيا فانية، وأنّ علينا أن نُركز على العمل الصالح الذي يدوم مع الأبد.
موت المفاجئ
يُعبّر سابق البربري عن حتمية الموت وسرعة قدومه في أبياته:
وكم من صحيحٍ بات للموت آمنـاً
أتته المنايا بغتةً بعد ما هـجـع
يُذكّرنا سابق البربري أنّ الموت قد يأتي فجأةً، ويَحصدُ أرواحنا دون سابق إنذار. تُبين هذه الأبيات أنّ علينا أن نستعدّ لِمواجهة الموت في أيّ وقتٍ.
لا مفر من الموت
يؤكد محمد بن عثيمين على حتمية الموت في قوله:
هو الموت مـا مـنـه ملاذ ومهرب
مـتى حط ذا عن نـعـشه ذاك يركب
يُشدد محمد بن عثيمين على أنّ الموت لا مفرّ منه، وأنّ علينا جميعًا أن نستعدّ لِمواجهته. تُبين هذه الأبيات أنّ الموت هو نهاية رحلتنا في الحياة، وأنّ علينا أن نُركز على العمل الصالح قبل وصولها.
الاستعداد للموت
إنّ الموت هو الحقيقة التي لا مفرّ منها، لذا علينا أن نستعدّ له:
الموت لا شك آتٍ فاستعد له
إن اللبيب بذكر الموت مشغول
يُذكّرنا هذا البيت بأنّ الذكي يُدرك حتمية الموت ويُعدّ نفسه لِمواجهته. تُبين هذه الأبيات أنّ علينا أن نعيش حياةً مُنظمّةٍ وفقًا لقوانين الله، وأنّ نُحضر أنفسنا لِلقاء ربّنا بِأعمالٍ صالحةٍ.
أهمية التزوّد لِرحلة الآخرة
يُشدد هذا البيت على أهمية التزوّد لِرحلة الآخرة:
الموت ميقات العباد
تزود من الذي لا بد منه
يُذكّرنا هذا البيت بأنّ الموت هو موعدنا جميعًا، وعليك أن تتزوّد لِرحلة الآخرة، مُحضرًا عملك الصالح ليُكون زادك فيها. تُبين هذه الأبيات أنّ الحياة فانية، وعليك أن تستعدّ لِلحياة الأبدية بِأعمالٍ تُرضي الله.