قصة أبو بصير: وفاء العهود ونصر الله للمؤمنين
من هو أبو بصير؟
كان أبو بصير، واسمه عتبة بن أسيد بن جارية بن أسيد، من رجال قريش المسلمين، ينتمي إلى قبيلة ثقيف. بعد صلح الحديبية وعهد النبي – صلى الله عليه وسلم – مع قريش، هرب أبو بصير من مكة إلى المدينة، وذلك حرصًا على دينه. إلا أن قريش أرسلت رجالها إلى النبيّ طالبةً له على شروط الصلح، والتي تنص على أنه لا يُستقبل أحد من قريش إلا بموافقة وليّه.
أُجبر النبي – صلى الله عليه وسلم – على تسليم أبو بصير لهم، لكن أبو بصير لم يستسلم، فقتل أحد رجال قريش في طريق العودة بينما هرب الآخر إلى المسجد.
استنجاد قريش من أبو بصير
بعد هروبه من رجال قريش، عاد أبو بصير إلى النبيّ مستغيثًا به، فهو يعلم تمامًا أن قريش ستعذّبه لإجباره على ترك الإسلام.
قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – :(ويْلُ أُمِّهِ مِسْعَرَ حَرْبٍ، لو كانَ له أحَدٌ)،[٢]
علم أبو بصير من هذا الكلام أنّ النبي سيُسلّمه مجددًا، فقرر الهروب إلى أرض جهينة، وهي على طريق قوافل قريش. بدأ باستهداف قوافل قريش وقتل من فيها، انضم إليه عدد من المسلمين الهاربين من مكة، فأصبحوا يهاجمون أي قافلة تمر من هناك.
أدركت قريش خطورة الوضع، فبعثت موفديها إلى رسول الله تستنجده أن يقبلهم و يعيد أبو بصير ومن معه. وطلبت منهم عدم التردد في حماية أيّ مسلمٍ يهرب من مكة.
توفي أبو بصير – رحمه الله – وهو يقرأ بين يديه كتاب رسول الله الذي يطلب فيه القدوم إلى المدينة. ودُفن في مكانه.
دروس مهمة في قصة أبو بصير
تُعد قصة أبو بصير مليئة بالدروس والعبر، فقد برز وفاء العهود من قِبل رسول الله، على الرغم من علمه بأنّ قريش ستُعذّب أبا بصير وتفتنه عن الدين. يُعد وفاء العهود واجبًا على المسلمين، كما أنه يُبثّ الأمان والسلام. لولا شعور المشركين الهاربين بالأمان لدى رسول الله لما لجأوا إليه.
من الدروس المهمة الأخرى أنّه لا شكّ بأنّ الله – تعالى – ناصر عباده المؤمنين ولو بعد حينٍ.
وكذلك إرادة أبو بصير واضحةً في دفاعه عن دينه، إضافةً إلى صبره من أجل عقيدته وثباته عليها.
كل هذه الأمور تُعدّ من أسباب تأييد ورعاية الله له.
المراجع
- [١] التقي الفاسي (1998)،العقد الثمين فى تاريخ البلد الأمين(الطبعة الأولى)، بيروت: دار الكتب العلمية، صفحة 264، جزء 6. بتصرّف.
- [٢] رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن المسور بن مخرمة و مروان بن الحكم، الصفحة أو الرقم: 2731، صحيح.
- [٣] أبو بكر البيهقي (1405 هـ)،دلائل النبوة ومعرفة أحوال صاحب الشريعة(الطبعة الأولى)، بيروت: دار الكتب العلمية، صفحة 173-174، جزء 4. بتصرّف.
- [٤] شمس الدين الذهبي (1993)،تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام(الطبعة الثانية)، بيروت: دار الكتاب العربي، صفحة 374، جزء 2. بتصرّف.
- [٥] كريم بن محمد عيد زكي (6-1-2014)،”الرد على شبهة بناء مسجد على قبر أبي بصير”،www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 19-2-2019. بتصرّف.
- [٦] راغب السرجاني (5-3-2014)،”من هو أبو بصير ؟ وما موقفه بعد صلح الحديبية ؟”،islamstory.com، اطّلع عليه بتاريخ 19-2-2019. بتصرّف.
- [٧] “أبو جَندل وأبو بصير”،www.islamweb.net، 2011-9-11، اطّلع عليه بتاريخ 19-2-2019. بتصرّف.