جدول المحتويات
- الصدقة الواجبة في رمضان
- الصدقة المُستحبّة في رمضان
- الصدقة المباشرة
- إطعام الصائمين
- العمل التطوعي في رمضان
- أبواب أخرى للصدقة
- كثرة أنواع الخير والصدقة
الصدقة الواجبة في رمضان
اتفق جمهور الفقهاء على وجوب صدقة الفطر في رمضان، حيث يُروى عن ابن عباس رضي الله عنهما: “فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث وطعمة للمساكين”. [١]
وتُعتبر صدقة الفطر بمثابة تطهير للصائم، [٢] وتأتي ضمن أبواب الصدقة الواجبة في رمضان.
كما يُذكر أنّ زكاة المال المفروضة تُعتبر من أبواب الصدقة في رمضان، حيث يُروى عن ابن عباس رضي الله عنهما: “كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس بالخير، وكان أجود ما يكون في شهر رمضان، إنّ جبريل عليه السلام كان يلقاه في كل سنة في رمضان حتى ينسلخ، فيعرض عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم القرآن، فإذا لقيه جبريل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود بالخير من الريح المُرسلة”. [٣] [٤]
ويدلّ هذا الحديث على عظمة أجر الأعمال في رمضان، ومنها زكاة المال. ولذلك، يجوز للمسلم أن يُسرّع في إخراج زكاته في رمضان، استشعارًا لفَضل هذا الشهر. ومع ذلك، لا يجوز تأخير الزكاة إلى شهر رمضان إن وجبت قبله. فلو وجبت زكاة شخصٍ في رجب، لم يُجاز له تأخير إخراجها إلى رمضان إلا لعُذر، أو لحاجة الناس بسبب جائحة أو وباء أو كارثة، حيث يُعتبر إخراجها في تلك الظروف أعظم أجرًا من رمضان؛ لحاجة الناس إلى المال في ذلك الوقت. [٤]
الصدقة المُستحبّة في رمضان
تُعتبر الصدقة في رمضان من الأمور المندوبة، اقتداءً بالنبي صلى الله عليه وسلم، حيث يحتاج الغني والفقير في رمضان للطعام، ويُشعران بالجوع نفسه. ولكنّ عند الإفطار، تكون مائدة الغني مليئة بالطعام والشراب، بينما قد تكون مائدة الفقير فارغة. فتنبع أهمية الصدقة في رمضان من كونها تُواسي جوع الفقير وتسد رمقه. [٧]
لهذا السبب، تُعتبر الصدقة من أعظم ما يتقرب به العبد إلى الله تعالى، خاصةً في رمضان، ولهذا نجد العديد من الأفكار الإبداعية التي تدور حول معنى الصدقة في رمضان، ومنها: [٥]
- المساهمة في إعداد موائد يُفطر عليها الصائمون عامة.
- جمع الملابس القديمة، والألعاب، والكُتب، وما شابه ذلك ممّا يمكن استخدامه، والمساهمة في توزيعه على الفقراء.
- توزيع طرود الخير التي تحتوي على الموادّ الأساسية التي يحتاج إليها الفقراء؛ من تمر، وسكّر، وأرز، ونحو ذلك.
- المساهمة في توزيع وجبات للإفطار، أو السحور عند إشارات المرور، والأماكن العامة.
- المساهمة في حَفر آبار المياه، وسقاية الماء. [٦]
- المساهمة في بناء المساجد. [٦]
- المساهمة في الإنفاق على طُلّاب العِلم. [٦]
- المساهمة في طباعة المصاحف، وتوزيعها. [٦]
- مساعدة الشباب على الزواج. [٦]
- كفالة يتيم والإنفاق عليه. [٦]
الصدقة المباشرة
تُعتبر الصدقة في رمضان من الأمور التي تزيد من ثواب العبد، وخاصةً إذا كانت مباشرةً. [٧]
إطعام الصائمين
إطعام الطعام عبادة عظيمة كان السلف الصالح يُواظبون عليها، ولا تقتصر هذه العبادة على الفقراء فقط، بل تكون عامّة للناس جميعهم. قال تعالى: “وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا * إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّـهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا”. [٨]
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: “أيّما مؤمنٍ أطعم مؤمنًا على جوعٍ أطعمه اللهُ يومَ القيامةِ من ثمارِ الجنَّةِ”. [٩]
ويُشير هذا الحديث إلى أنّ إطعام الطعام عامٌّ لكلّ مؤمن، وهي عبادة تُوجِب مَحبّة الناس لبعضهم البعض، كما أنّها أحد الأسباب التي تؤدّي إلى دخول الجنّة.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم في تفطير الصائمين: “مَن فطَّرَ صائمًا كانَ لَهُ مثلُ أجرِهِ ، غيرَ أنَّهُ لا ينقُصُ من أجرِ الصَّائمِ شيئًا”. [١٠]
وتُروى العديد من الآثار عن السلف الصالح في تسابقهم لتفطير الصائمين. [١١]
العمل التطوعي في رمضان
حثّ الدين الإسلاميّ على التطوع، ورغّب فيه. قال تعالى: “فَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ”. [١٢]
وتُعتبر الأعمال التطوعية من أهم أبواب الصدقة في رمضان؛ حيث يُمكن من خلالها قضاء حاجات الناس وإعانتهم عليها. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: “كُلُّ سُلامَى مِنَ النَّاسِ عليه صَدَقَةٌ، كُلَّ يَومٍ تَطْلُعُ فيه الشَّمْسُ، يَعْدِلُ بيْنَ الِاثْنَيْنِ صَدَقَةٌ، ويُعِينُ الرَّجُلَ علَى دابَّتِهِ فَيَحْمِلُ عليها، أوْ يَرْفَعُ عليها مَتاعَهُ صَدَقَةٌ، والكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ صَدَقَةٌ، وكُلُّ خُطْوَةٍ يَخْطُوها إلى الصَّلاةِ صَدَقَةٌ، ويُمِيطُ الأذَى عَنِ الطَّرِيقِ صَدَقَةٌ”. [١٣]
ولا يمكن حصر الأعمال التطوعية، فكلّ عمل يمثّل صدقة في الأجر، وخاصّةً إذا لم يكن بمقدور المُعان أداء عمله. وهذا يحمل الإنسان على الشفقة على عموم الخَلْق؛ بالمال، أو بالفِعل وتقديم المساعدة، ممّا يُقوّي أواصر الأُخوّة الإيمانيّة بينهم. [٥]
وتجدر الغشارة إلى أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: “المُسْلِمُ أخُو المُسْلِمِ لا يَظْلِمُهُ ولَا يُسْلِمُهُ، ومَن كانَ في حَاجَةِ أخِيهِ كانَ اللَّهُ في حَاجَتِهِ، ومَن فَرَّجَ عن مُسْلِمٍ كُرْبَةً، فَرَّجَ اللَّهُ عنْه كُرْبَةً مِن كُرُبَاتِ يَومِ القِيَامَةِ، ومَن سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ يَومَ القِيَامَةِ”. [١٤]
ويدلّ هذا الحديث على أهمية تفريج المسلم لكربة أخيه المسلم. ويدخل في كشف الكربة وتفريجها إزالتها بالمال، أو الجاه، أو المساعدة، إضافة إلى إزالتها بالإشارة والرأي.
وللأعمال الخيريّة ثمارٌ كثيرة جدّاً، منها ما يأتي: [٥]
- تزكية النفس وتطهيرها من الذنوب والآثام؛ لقول الله تعالى: “خُذ مِن أَموالِهِم صَدَقَةً تُطَهِّرُهُم وَتُزَكّيهِم”. [١٥]
- مباركة المال وزيادته؛ لقول الله تعالى: “وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ”. [١٦]
أبواب أخرى للصدقة
تُوجَد العديد من الأفكار التي تدخل ضمن دائرة الصدقة، ومنها: [١٧]
- شراء عدد من الأسوكة، وتوزيعها على الأصحاب، والأقارب، وزملاء العمل، وما إلى ذلك. وفي هذه المبادرة تذكير بسُنّة النبي صلى الله عليه وسلم، كما يتذكّر المسلم حين يستعمل السِّواك أجر هذه الصدقة، وعِظَمها.
- شراء أحذية خاصّة لدورات المياه في المساجد، والتي من شأنها تيسير عملية الدخول إليها، وهي حاجة ضرورية في تلك الأماكن؛ فيكون شراء هذه الأحذية بمثابة تفريج كربة عن مؤمن، ويكون فاعلها ممّن قال فيهم الرسول صلى الله عليه وسلم: “مَن نَفَّسَ عن مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِن كُرَبِ الدُّنْيَا، نَفَّسَ اللَّهُ عنْه كُرْبَةً مِن كُرَبِ يَومِ القِيَامَةِ”. [١٨]
- تقديم عدد من المصاحف كهدايا للناس، وهذه من القُربات العظيمة؛ إذ إنّ الدالّ على الخير كفاعله، وقراءة القرآن من القُربات العظيمة التي يرتقي بها المؤمن؛ فكلّما قرأ المُهدى إليه شيئاً من القرآن، زاد أجر مَن أهداه إليه، وهي بذلك تُعَدّ صدقة جارية تنفعه.
- كفالة اليتامى بكلّ ما يحتاجونه؛ من مأكل، ومَشرب، ومَلبس، وأدوات تدريسيّة، وأيّ مُستلزمات تكفل راحتهم في معيشتهم. وفي هذا إصابةٌ لفَضل كفالة اليتيم التي أخبر عنها الرسول محمد صلى الله عليه وسلم.
- استغلال الوقت واستثماره في ذِكر الله؛ وهو أحد موارد الصدقة، فيلهج لسان المرء بالتكبير والتهليل، والتسبيح والتحميد، وسائر الأذكار النافعة التي يترتّب عليها الأجر العظيم.
كثرة أنواع الخير والصدقة
يُيسّر الشريعة الإسلامية للناس أبواب خير كثيرة؛ فلا يقتصر المعروف على مسلم دون آخر؛ غنيّاً كان أم فقيراً، قويّاً أم ضعيفاً. إذ روى أبو ذرّ الغفاريّ رضي الله عنه أنّ بعض الناس سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالوا: “يا رَسولَ اللهِ، ذَهَبَ أَهْلُ الدُّثُورِ بالأُجُورِ، يُصَلُّونَ كما نُصَلِّي، وَيَصُومُونَ كما نَصُومُ، وَيَتَصَدَّقُونَ بفُضُولِ أَمْوَالِهِمْ، قالَ: أَوَليسَ قدْ جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ ما تَصَّدَّقُونَ؟ إنَّ بكُلِّ تَسْبِيحَةٍ صَدَقَةً، وَكُلِّ تَكْبِيرَةٍ صَدَقَةً، وَكُلِّ تَحْمِيدَةٍ صَدَقَةً، وَكُلِّ تَهْلِيلَةٍ صَدَقَةً، وَأَمْرٌ بالمَعروفِ صَدَقَةٌ، وَنَهْيٌ عن مُنْكَرٍ صَدَقَةٌ، وفي بُضْعِ أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ”. [١٩]
وفي حديث آخر يقول النبي صلى الله عليه وسلم: “كُلُّ معروفٍ صدَقَةٌ”. [٢٠]
ويدلّ هذا على وجوب المسارعة في اغتنام أبواب الخير، وعدم ترك شيء منها؛ فيُحسِن المسلم في قوله وعمله، ويبذل نفسه وما يملك في صُنع المعروف مهما قلّ حجمه، وبذلك يتقرّب إلى الله عزّ وجلّ. [٢١] [٢٢] [٢٣]
المراجع
- رواه الألباني، في صحيح أبي داود، عن عبدالله بن عباس، الصفحة أو الرقم: 1609، حسن.
- سيد العفاني، نداء الريان في فقه الصوم وفضل رمضان، جدة: دار ماجد عسيري، صفحة 335، جزء 2. بتصرّف.
- رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبدالله بن عباس، الصفحة أو الرقم: 2308، صحيح.
- أب “هل الأفضل إخراج الزكاة في رمضان؟ “، www.islamqa.info، 15-9-2007، اطّلع عليه بتاريخ 14-3-2020. بتصرّف.
- أبتابتسام القرني، “العمل التطوعي ورمضان”، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 15-3-2020. بتصرّف.
- أبتثجحطارق يحيى الكمالي (2012)، “من مجالات الصدقة”، من فضائل الصدقة، صفحة 7. بتصرّف.
- أزهري محمود، “تجارة شهر رمضان الرابحة الصدقة”، الكتيبات الإسلامية، اطّلع عليه بتاريخ 15-3-2020. بتصرّف.
- سورة الإنسان، آية: 8-9.
- رواه المنذري، في الترغيب والترهيب، عن أبو سعيد الخدري، الصفحة أو الرقم: 2/92، إسناده صحيح أو حسن أو ما قاربهما.
- رواه الألباني، في صحيح الترمذي، عن زيد بن خالد الجهني، الصفحة أو الرقم: 807، صحيح.
- خالد النجار (27-6-2015)، “من أفضل الصدقة.. صدقة في رمضان “، www.ar.islamway.net، اطّلع عليه بتاريخ 15-3-2020. بتصرّف.
- سورة البقرة، آية: 184.
- رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم: 2989 ، صحيح.
- رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبدالله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 2442، صحيح.
- سورة التوبة، آية: 103.
- سورة سبأ، آية: 39.
- حسين عبدالقادر (25-7-2016)، “أفكار ذهبية للصدقات فهل من مجيب؟”، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 16-3-2020. بتصرّف.
- رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم: 2699، صحيح.
- رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبو ذر الغفاري، الصفحة أو الرقم: 1006، صحيح.
- رواه السيوطي، في الجامع الصغير، عن جابر بن عبدالله، الصفحة أو الرقم: 6335، صحيح.
- “كل معروف صدقة”، www.ar.islamway.net، 11-2-2015، اطّلع عليه بتاريخ 13-3-2020. بتصرّف.
- مظهر الدين الزَّيْداني (2012)، المفاتيح في شرح المصابيح(الطبعة الأولى)، دمشق: دار النوادر،، صفحة 533، جزء 2. بتصرّف.
- عبدالعال سعد الشليّه (30-4-2016)، “ذهب أهل الدثور بالأجور”، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 24-3-2020. بتصرّف.