جدول المحتويات
- شعراء وصفوا جمال الطبيعة
- الشاعر ابن خفاجة
- الشاعر ابن سهل الأندلسي
- الشاعر أحمد شوقي
- الشاعر إيليا أبو ماضي
- الشاعرة نازك الملائكة
الشعراء الذين استوحوا من جمال الطبيعة
تُعدّ الطبيعة مصدرًا لا ينضب للإلهام، وخاصةً للشعراء الذين يجدون في جمالها وألوانها مادة خصبة لقصائدهم. ساهم العديد من الشعراء العرب في إثراء الأدب العربي بوصفهم الرائع للطبيعة، حيث تمكنوا من نقل مشاعرهم وخواطرهم من خلال تصوير مناظرها الساحرة، وتحويلها إلى لوحات شعرية جميلة. وفي هذا المقال، سنسلط الضوء على بعض أبرز هؤلاء الشعراء الذين تميزوا بوصفهم لجمال الطبيعة في قصائدهم.
الشاعر ابن خفاجة: وصف جنة الله على الأرض
اشتهر الشاعر ابن خفاجة بأبياته الجميلة التي تغنى فيها بجمال الطبيعة في الأندلس، واصفاً إياها بأنها جنة الله على الأرض. ففي شعره، يصف نقاء هوائها، واعتدال مناخها، ووفرة مياهها وأشجارها. ولعل هذه الأبيات خير شاهد على ذلك:
يَأَهلَ أَندَلُسٍ لِلَّهِ دَرُّكُمُ
ماءٌ وَظِلٌّ وَأَنهارٌ وَأَشجارُ
ما جَنَّةُ الخُلدِ إِلّا في دِيارِكُمُ
وَلَو تَخَيَّرتُ هَذا كُنتُ أَختارُ
لاتَختَشوا بَعدَ ذا أَن تَدخُلوا سَقراً
فَلَيسَ تُدخَلُ بَعدَالجَنَّةِالنارُ
الشاعر ابن سهل الأندلسي: لوحة شعرية للجمال
من خلال قصيدته، يُغني ابن سهل الأندلسي بجمال الطبيعة ويصفها بألوانها الرائعة: الأرض الخضراء، الزهور المتألقة، والأنهار التي تجري. تُشبه أبياته لوحة فنية تُظهر جمال الطبيعة بطريقة ساحرة. ويظهر ذلك من خلال هذه الأبيات:
الأَرضُ قَد لَبِسَت رِداءً أَخضَرا
وَالطَلُّ يَنثُرُ في رُباها جَوهَراها
جَت فَخِلتُ الزَهرَكافوراًبِها
وَحَسِبتُ فيها التُربَ مِسكاً أَذفَرا
وَكَأَنَّ سَوسَنَها يُصافِحُ وَردَها
ثغرٌ يُقَبِّلُ مِنهُ خَدّاً أَحمَرا
وَالنَهرُ ما بَينَ الرِياضِ تَخالُهُ
سَيفاً تَعَلَّقَ في نِجادٍ أَخضَرا
وَجَرَت بِصَفحَتِهِ الصَبا فَحَسِبتُها
كَفّاً تُنَمِّقُ في الصَحيفَةِ أَسطُرا
وَكَأَنَّهُ إِذ لاحَ ناصِعُ فِضَّةٍ
جَعَلَتهُ كَفُّ الشَمسِ تِبراً أَصفَرا
أَو كَالخُدودِ بَدَت لَنا مُبيَضَّةً
فَاِرتَدَّ بِالخَجَلِ البَياضُ مُعصفَرا
وَالطَيرُ قَد قامَت عَلَيهِ خَطيبَةً
لَم تَتَّخِذ إِلّا الأَراكَةَ مِنبَرا
الشاعر أحمد شوقي: جمال الطبيعة يُلغي الشك
يصف الشاعر أحمد شوقي جمال الطبيعة بِكُلّ تفاصيلها، من الأرض إلى السماء، ويسلط الضوء على قدرة الله العظيمة في خلقها. وتُلغي روعة هذه الطبيعة أي شكٍّ أو إنكارٍ بوجود الخالق. ويمكن مشاهدة ذلك من خلال هذه الأبيات:
تِلكَ الطَبيعَةُ قِف بِنا يا ساري
حَتّى أُريكَ بَديعَ صُنعِ الباري
الأَرضُ حَولَكَ وَالسَماءُ اِهتَزَّت
الِرَوائِعِ الآياتِ وَالآثارِ
مِن كُلِّ ناطِقَةِ الجَلالِ كَأَنَّها
أُمُّ الكِتابِ عَلى لِسانِ القارِ
دَلَّت عَلى مَلِكِ المُلوكِ فَلَم تَدَعلِ
أَدِلَّةِ الفُقَهاءِ وَالأَحبارِ
مَن شَكَّ فيهِ فَنَظرَةٌ في صُنعِهِ
تَمحو أَثيمَ الشَكِّ وَالإِنكارِ
كَشَفَ الغَطاءُ عَنِ الطُرولِ وَأَشرَقَ
تمِنهُ الطَبيعَةُ غَيرَ ذاتِ سِتارِ
شَبَّهتُها بَلقيسَ فَوقَ سَريرِها
في نَضرَةٍ وَمَواكِبٍ وَجَواري
أَو بِاِبنِ داوُدٍ وَواسِعِ مُلكِهِ
وَمَعالِمٍ لِلعِزِّ فيهِ كِبارِ
جُ الرِياحِ خَواشِعٌ في بابِهِ
وَالطَيرُ فيهِ نَواكِسُ المِنقارِ
قامَت عَلى ضاحي الجِنانِ كَأَنَّها
رَضوانُ يُزجي الخُلدُ لِلأَبرارِ
كَم في الخَمائِلِ وَهيَ بَعضُ إِمائِها
مِن ذاتِ خِلخالٍ وَذاتِ سِوارِ
الشاعر إيليا أبو ماضي: جمال الخريف في شعره
يصف الشاعر اللبناني إيليا أبو ماضي جمال الطبيعة في فصل الخريف، واختار شهر أيلول لِيُجسّد جمال الألوان المتداخلة في الطبيعة، وجمال الأشجار التي تَخلَعُ أَخضَراً وتلبس أحمرًا أو أصفرًا. فالأبيات التالية تَتحدثُ عن هذا الجمال:
الحُسنُ حَولَك في الوِهاد وَفي الذُرى
فَاِنظُر أَلَستَ تَرى الجَمالَ كَما أَرى
أَيلولُ يَمشي في الحُقول وَفي الرُبى
وَالأَرضُ في أَيلولَ أَحسَنُ مَنظَرا
شَهرٌ يُوَزِّعُ في الطَبيعَةِ فَنُّهُ
شَجَراً يُصَفِّقُ أَو سَناً مُتَفَجِّرا
فَالنورُ سِحرٌ دافِق وَالماءُ شِعرٌ
رائِق وَالعِطرُ أَنفاسُ الثَرى
لا تَحسَبِ الأَنهارَ ماءً راقِصاً
هَذي أَغانيهِ اِستَحالَت أَنهُرا
وَاِنظُر إِلى الأَشجارِ تَخلَعُ أَخضَراً
عَنها وَتَلبِسُ أَحمَراً أَو أَصفَرا
تَعرى وَتُكسى في أَوانٍ واحِدٍ
وَالفَنُّ في ما تَرتَديه وَفي العُرافِ
كَأَنَّما نارٌ هُناكَ خَفِيَّةٌ
تَنحَلُّ حينَ تَهُمُّ أَن تُستَشعَرا
وَتَذوبُ أَصباغاً كَأَلوانِ الضُحى
وَتَموجُ أَلحانا وَتَسري عَنبَرا
صُوَر وَأَطيافٌ تَلوحُ خَفيفَةً
وَكَأَنَّها صُوَرٌ نَراها في الكَرى
لِلَّهِ مِن أَيلولَ شَهرٍ ساحِرٍ
سَبَقَ الشُهور وَإِن أَتى مُتَأَخِّرا
مَن ذا يُدَبِّجُ أَو يَحوكُ كَوَشيهِ
أَو مَن يُصَوِّرُ مِثلَما قَد صَوَّر
لَمَسَت أَصابِعُهُ السَماءَ فَوَجهُها
ضاح وَمَرَّ عَلى التُرابِ فَنَوَّرا
رَدَّ الجَلالَ إِلى الحَياة وَرَدَّنِ
مِن أَرضِ نيويوركَ إِلى أُمِّ القُرى
الشاعرة نازك الملائكة: حب الطبيعة وحثّ على الاستمتاع بها
في قصيدتها “في أحضان الطبيعة”، تُظهر الشاعرة العراقية نازك الملائكة سحر الطبيعة وتُشجعُ على الاستمتاع بعناصرها: الجبال، الثلوج، الطيور، وجميع مكونات الطبيعة الرائعة. وتَدعو إلى استلهام جمالها والإحساس بروحها من خلال هذه الأبيات:
أيها الشاعرون يا عاشقي النبــل وروح الخيال والأنغام
بعدوا ابعدوا عن الحبّ وانجوبأغانيكم من الآثام
اهربوا لا تدّنسوا عالم الفنّ
بهذي العواطف الآدمية
احفظوا للفنون معبدها السامي وغنوا أنغامها القدسية
قد نعمتم من الحياة بأحلى
ما عليها وفزتم بجناهاي
عمه الآخرون في ليلها الداجي وأنتم تحيون تحت سناها
اقنعوا باكتآبكم واعشقوا الفنّ
وعيشوا في عزلة الأنبياء
وغدا تهتف العصور بذكراكم وتحيون في رحاب السماء
اقنعوا من حياتكم بهوى الفنّ
وسحر الطبيعة المعبود
احلموا بالطيور في ظلل الأغــصان بين التحليق والتغريد
اعشقوا الثلج في سفوح جبال الـأرض والورد في سفوح التلال
وأصيخوا لصوت قمريّة الحقــل تغني في داجيات اللياليا
اجلسوا في ظلال صفصافة الوادي وأصغوا إلى خرير الماء
واستمدّوا من نغمة المطر الساقط أحلى الإلهام والإيحاء
وتغّنوا مع الرعاة إذا مرّوا على الكوخ بالقطيع الجميل
وأحبوا النخيل والقمح والزهــر وهيموا في فاتنات الحقول
شجرات الصفصاف أجمل ظلاّ
من ظلال القصور والشرفات
وتغناء الرعاة أطهر لحنا
من ضجيج الأبواق والعجلات