آيات قرآنية عن التواضع

تُعدُّ سُنة التواضع من أهمّ الأخلاق الإسلامية. تُشجّعنا النصوص القرآنية على التواضع والابتعاد عن الكِبر والعُجب. نعرض في هذا المقال بعض آيات القرآن الكريم التي تُبيّن لنا أهميّة التواضع في حياة المسلم.

فهم أهمية التواضع في القرآن الكريم

يشكل التواضع أحد أهمّ الأخلاق الإسلامية، حيث يُحَثُّ المسلم على التحلي به في جميع شؤون حياته. وَفي القرآن الكريم، تَجِدُ العديد من الآيات التي تُشجّع على التواضع والابتعاد عن الكِبر والعُجب.

آياتٌ تُبيّن فضل التواضع

تُبيّن بعض الآيات القرآنية فضل التواضع ونتائجه الإيجابية على النفس وعلى المجتمع. فمثلاً، في سورة المائدة، يُذكَر:

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ).[١]

فَأَخْلاقُ التواضع تُشَكّلُ علامة من علامات محبة الله للعباد، وَتُحِبُّهم للآخرين.

التواضع في تعاملاتنا مع الآخرين

يُؤكّدُ القرآن الكريم على أهمّية التواضع في تعاملاتنا مع الآخرين، خاصةً مع المُؤمنين. وتُبيّن سورة الحجر ذلك بوضوح:

(وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ).[٢]

يشير هذا النصّ إلى أن التواضع في التعامل مع المُؤمنين هو سُنّةٌ مُهمّة، وَ يُقَوّي روابط الوِحدة والإخاء بينهم.

التواضع أمام الله عزّ وجلّ

يُؤكّدُ القرآن الكريم على أهمّية التواضع أمام الله عزّ وجلّ، وَ يُذكّرُنا بأنّ الله هو الخالق المُطلق وَهوَ الذي يَستحقّ الخضوع والتسليم. فتُبيّن سورة النحل ذلك بوضوح:

(وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ دَابَّةٍ وَالْمَلَائِكَةُ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ).[٣]

فَمِن خلال التواضع نتقرّبُ من الله ونَسْتَمْتِعُ بَرحْمَته، ونَتَجنّبُ الكِبر الذي يُؤدّي إلى التكبر على الخلق وَ إلى الخسران.

التواضع في سلوكنا

تُشَكّلُ سُنّةُ التواضع علامة من علامات الإيمان وَالتّقوى وَ تُؤثّر على سلوكِ المسلم وَ تُعطي انطباعاً إيجابياً عن شخصيته.

(وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا).[٤]

فَالتواضع يُظهر في الكلام وَ في السلوك وَ يَمنع من التكبر وَ التفاخر وَ يَجعَلُ المُؤمن محبوباً مُحترماً من قبل الخلق.

التواضع في إرشاد الآخرين

يُذكّرُنا القرآن الكريم بأهمّية التواضع في إرشاد الآخرين وَ في نشر العلم وَ الإسلام وَ يَتَبيّن ذلك في سورة الشعراء:

(وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ).[٥]

فَالتواضع في نشر العلم وَ الإرشاد يَسْهّلُ على الآخرين فَهمَ المُراد وَ يُقَوّي علاقاتِهم بِالشّخص الذي يُعلّمهم وَ يُرشدهم.

التواضع في الحكم وَ الإدارة

يُشَدّدُ القرآن الكريم على أهمّية التواضع في حكم البلاد وَ في إدارة الشؤون العمومية وَ تُبيّن ذلك سورة النمل في حديث سُليمان لِقَومِهِ:

(قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ * إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ).[٦]

فَيَجبُ على الحُكّام وَ المُديرين أن يَتَحلّوا بِسُنّة التواضع وَ يَتَفادوا الكِبر وَ العُجب وَ يَسْتَمْعُوا لِمُشاورات الشّعب وَ يُحاوِلُوا تَحْقيق مَصلحتهم وَ يَسْعَوا إلى تَحْسين حياتهم.

التواضع وَ أَخْلاقُ النّبيّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ

كان النّبيّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ أَكْثَرَ الخَلْقِ تَواضعاً وَ يُشَكّلُ مُثَلاً لِلمُسلمين في التَخَلّق بِهذه السُنّة الكريمة وَ تُبيّن ذلك سورة الفتح:

(محَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا).[٧]

فَالتواضع من أهمّ أَخْلاقِ النّبيّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَ كانَ مُثَلاً لِلمُؤمنين في التَخَلّق بِهذه السُنّة الكريمة وَ يَسْتَمْتِعُ المُسلم بِثَمار التواضع في حياتِهِ وَ يَتَقرّبُ من الله عزّ وَ جلّ وَ يَحْظى بِمَحَبّته.

التواضع وَ النّبيّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ

يُذكّرُنا القرآن الكريم بأهمّية التواضع في حالات التّحدّي وَ المُواجهة وَ تُبيّن ذلك سورة الجن:

(قل إِنِّي لَا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا رَشَدًا * قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا * إِلَّا بَلَاغًا مِنَ اللَّهِ وَرِسَالَاتِهِ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا).[٨]

فَالتواضع في وَجْه التّحدّي يُؤكّدُ على فَضْل الله وَ يُبَيّنُ أنّ النّبيّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ لا يَمْلِكُ لِلمُؤمنين ضَرًّا وَ لا رَشَدًا إلاّ بِإذن الله عزّ وَ جلّ وَ يَتَأكّدُ المُؤمن بِذلك أنّ النّبيّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ هو مُثَلُ لِلتواضع وَ لِلتّفاني في خدمة اللّه وَ في دَعْوة الناس إلى الإسلام.

خاتمة

يُشَدّدُ القرآن الكريم على أهمّية التواضع في جميع مَجالات حياة المُسلم وَ يُبيّنُ أنّ التواضع من أَخْلاق النّبيّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَ مِن أَخْلاق المُؤمنين الصّالحين وَ يَسْتَمْتِعُ المُسلم بِثَمار التواضع في حياتِهِ وَ يَتَقرّبُ من الله عزّ وَ جلّ وَ يَحْظى بِمَحَبّته.

المراجع

[١] سورة المائدة، آية: 54

[٢] سورة الحجر، آية: 88

[٣] سورة النحل ، آية: 49

[٤] سورة الفرقان، آية: 63

[٥] سورة الشعراء، آية: 215

[٦] سورة النمل، آية: 29-31

[٧] سورة الفتح، آية: 29

[٨] سورة الجن، آية: 21-23

Total
0
Shares
اترك تعليقاً
المقال السابق

آيات قرآنية تُلهم الأمل والتفاؤل

المقال التالي

آيات قرآنية عن الحياة الدنيا والآخرة

مقالات مشابهة