آيات تحريم الخمر

آيات تحريم الخمر – تدرّج تحريم الخمر من خلال القرآن الكريم

جدول المحتوى

التدرّج في تحريم الخمر

لم يحرم الله – سبحانه وتعالى – شرب الخمر على المسلمين دفعة واحدة، نظرًا لتعلّقهم به قبل الإسلام، فتمّ تحريمه بالتدريج. [١] بمعنى أنّ الحكم مرّ بمراحل متعددة قبل الوصول إلى الحكم النهائي لتحريم الخمر قطعيًا. [٢] كما وردت أحاديث لتحريم الخمر في السنّة النبويّة المطهّرة، وأجمع العلماء عليها. [٣]

شرب الخمر إثم

نزلت أول آية ذكرت الخمر بعد غزوة أحد، وكانت أول آية نزلت في ذلك قوله -تعالى-:

> (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا)،[٤]

بعد نزول هذه الآية ترك بعض المسلمين الخمر ابتعادًا عن الإثم، بينما استمر البعض الآخر في شربها. [٥]

في هذه الآية، يبيّن الله – سبحانه وتعالى – أن الخمر والميسر فيهما وزر كبير، لكنّ فيهما أيضًا منافع مثل الفرح واللهو، واكتساب المال من التجارة في الخمر، أو من لعب القمار من غير كدّ ولا نصب. لكنّ وزرهما أكبر مما فيهما من نفع. وقوله:(يَسْأَلُونَكَ) في الآية الكريمة؛ يقصد به السؤال عن جواز استعمالهما لا عن عينهما. [٦]

حرمة الصلاة حال السكر

بعد أن بيّن ما في الخمر من إثم، أنزل الله – سبحانه وتعالى – في كتابه العزيز:

> (يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ)،[٧]

في هذه الآية نهي للمسلمين عن الصلاة حال السكر، إلى أن يعلموا ما يقرؤون في صلاتهم، ويُتمّوا خشوعها وتكبيرها وفروضها. [٨]

وكان من المسلمين بعد نزول هذه الآية من ترك شرب الخمر أوقات الصلوات، وشرب بعد العشاء، ومنهم من ترك الخمر نهائيًا كي لا تشغلهم عن صلاتهم. [٥]

تحريم الخمر قطعيًا

قال -تعالى-:

> (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ* إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ)،[٩]

في هذه الآية، بيّن الله – سبحانه وتعالى – أنّ الخمر والميسر، والأنصاب والأزلام خبث ونجاسة، ووصفت بأنها عمل الشيطان؛ لأنّه هو الذي يحمل عليها. [١٠]

الميسر المذكور في الآية هو القمار، والأنصاب: الأصنام، وقد سميت بذلك لأنّها تنصب وتعبد، أما الأزلام فهي القداح. ومن خلال النظر في الآية، يتبين أن هنالك تأكيدًا على حرمة الخمر من عدّة وجوه؛ منها أنّ الله – سبحانه وتعالى – قرن الخمر بعبادة الأوثان، وبدأ الآية بإنّما، كما أنّه وصفه بالخبيث المستقذر الذي يحمل الشيطان عليه، وأمر المسلمين باجتنابه، وجعل ذلك سببًا من أسباب الفلاح. [١٠]

ثمّ بيّن الله – جلّ في علاه – أنّ الخمر سبب في إيقاع العداوة والشحناء بين المسلمين، كما أنّه يصدّهم عن ذكر الله، ثمّ خصّ الصلاة بالذكر لأهميتها ومكانتها، وكأن الله – سبحانه وتعالى – يقول إن الخمر يصدّ عن ذكره وعن الصلاة على وجه الخصوص، ثم انتهت الآية بقوله:(فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ)،[١١] وهذه نهاية بليغة، تعني: بعد أن بينت لكم ما يصرفكم عن الخمر؛ هل ستنتهون وتنزجرون، أم ستبقَون على ما أنتم عليه. [١٠]

المراجع

[١] عبد المحسن العباد، شرح الأربعين النووية/ الجزء 16، صفحة 20. بتصرّف.
[٢] عبد العزيز بن إبراهيم بن قاسم، كتاب الدليل إلى المتون العلمية/ الجزء 1، صفحة 36. بتصرّف.
[٣] الروياني، كتاب بحر المذهب/ الجزء 13، صفحة 119. بتصرّف.
[٤] سورة البقرة ، آية:219
[٥] أبأمين الدميري (18/06/2014)،”التدرج في تحريم المحرمات”،شبكة الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 23/01/2022. بتصرّف.
[٦] أَبُو اليُمْن العُلَيْمي، فتح الرحمن في تفسير القرآن/ الجزء 1، صفحة 307. بتصرّف.
[٧] سورة النساء ، آية:43
[٨] الواحدي، التفسير الوسيط للواحدي/ الجزء 2، صفحة 56. بتصرّف.
[٩] سورة المائدة، آية:90-91
[١٠] أبتالنسفي،تفسير النسفي، مدارك التنزيل وحقائق التأويل/ الجزء 1، صفحة 474. بتصرّف.
[١١] سورة المائدة، آية:91

Total
0
Shares
المقال السابق

آيات الميراث في القرآن الكريم

المقال التالي

الزنا في الإسلام: آيات وأحاديث تحريم الفاحشة

مقالات مشابهة

أحاديث عن فضل القرآن الكريم

القرآن الكريم خير كتاب أُنزل على خير البشر، بأحسن الشرائع وأتمّها وأكملها، إلى أمةٍ هي خير أمة أُخرجت للناس، وهي أمّة الإسلام، جعله الله تعالى حجة على البشر، وشفيعا لأهله يوم القيامة، لكن عندما أعرض عنهالمسلمون، واستبدلوه باللهو والجرائد والمجلات، هان عليهم فضله العظيم، ولا شك أن المُعرض عن القرآن الكريم في خسارة عظيمة إن لم يرجع إليه وإلى دين الله القويم، ولو تأملنا في سيرة الصحابي الجليلعثمان بن عفانرضي الله عنه؛ لوجدناه دائم الحرص على تلاوته وتدبره، فلا يشغله شاغل عن القرآن، مع أنه كان خليفة للأمة، ومسؤول عنها وعن كل أمورها، فعلى المسلم أن يتمسّك بهذا النور، بتلاوته، وتدبّره، وتطبيق الأوامر والنواهي الواردة فيه، وبذلك يكون القرآن حجة له عند الله.
إقرأ المزيد