فهرس المحتويات:
الصعاب في الحياة ومواقفها
يواجه الإنسان في مسيرة حياته اليومية العديد من التحديات والمواقف غير المألوفة التي قد تؤثر سلباً على إتمام مهمة معينة، أو تشويه صورة موقف ما، أو إحداث خلل غير مرغوب فيه. قد تكون هذه المواقف بسيطة، ولكنها تعيق التقدم نحو تحقيق الأهداف، أو تؤدي إلى اضطراب نفسي وشعور بالإحباط. هذه الأمور يطلق عليها عادة “صعاب”، ويسعى الإنسان جاهداً للتغلب عليها وإزالتها من طريقه لتحقيق الاستقرار النفسي والأمان.
مفهوم آلية التعامل مع الصعاب
لغوياً، يُعرف مفهوم آلية التعامل مع الصعاب بأنه إيجاد حلول لصعوبة أو قضية معينة للوصول إلى نتيجة محددة. أما اصطلاحاً، فيمكن تعريفها بأنها حالة غير مرغوبة تنشأ نتيجة انحراف مسار أمر ما عن هدفه، مما يخلق حالة من عدم التوازن بين الوضع المفترض والوضع الطارئ. هذا الخلل يؤدي إلى ظهور علامات شعورية مثل الخوف والقلق والتوتر، تشير إلى وجود ما يسمى “صعوبة”.
الأساليب المتبعة في حل الصعاب
آلية التعامل مع الصعاب هي عملية منهجية أو عقلية يستخدم فيها الفرد تفكيره، مستفيداً من خبراته ومهاراته ومعارفه المكتسبة وتجاربه السابقة، لمواجهة الحالات أو الصعوبات التي تشكل الصعوبة. هذا يعتبر نوعاً من الاستجابة الهادفة لمعالجة آثار الصعوبة والعودة إلى تحقيق الهدف المنشود. هي أيضاً نشاط ذهني يتم فيه تنظيم تجارب العقل وخبراته السابقة ومكونات موقف الصعوبة لتحقيق الهدف الأساسي الذي كان قائماً قبل ظهور الصعوبة.
من الطبيعي أن يسعى الإنسان لحل الصعاب التي تواجهه، بهدف تغيير الحالة غير المتوازنة التي تعيق تقدمه نحو تحقيق هدف معين أو الحصول على نتيجة محددة. أثناء محاولة الفرد معالجة الصعوبة، يضع أهدافاً في ذهنه تتناسب مع الأهداف الأساسية العامة للصعوبة والظروف الخاصة التي ساهمت في نشأتها. هذه الصورة الذهنية تمثل الصعوبة داخلياً، مما يضمن تحقيق الحلول المناسبة ذهنياً. وقد يتطور تمثيل الصعوبة كخطوة من خطوات العلاج إلى تمثيلها خارجياً، عبر تحويل الصور الذهنية إلى رسومات أو رموز تحمل علامات ودلائل تساعد في وصف الصعوبة للوصول إلى حلها.
يعتمد الحل في الأساس على عدة عوامل، أهمها: التخيل، التذكر، والتمثيل الداخلي لعناصر الصعوبة ومتعلقاتها، ونقل هذا التمثيل إلى علامات خارجية. هذا السلوك يعتبر حاجة فعلية للعنصر البشري لما يوفره من نتائج إيجابية تنهي حالة عدم التوازن بين ما هو كائن وما ينبغي أن يكون.
وترتبط مسألة آلية التعامل مع الصعاب ارتباطاً وثيقاً بتحديد الأهداف وتحقيقها، وهي مهارة يمكن للأفراد اكتسابها بالتجريب والتعرض للخبرات. يمكن استخدام عدة أساليب للمساعدة في حل الصعاب ضمن خطوات محددة وواضحة، تتجسد فيما يلي:
- تحديد الصعوبة:
تتمثل هذه الخطوة في اكتشاف الصعوبة والتعرف إلى ماهيتها وتكوين فكرة واضحة حولها، من خلال التعرف إلى عناصرها والأسباب التي أدت إلى تشكيلها.
- توفير الخيارات أو البدائل الممكنة:
تتضمن هذه المرحلة استنباط جميع الأفكار الممكنة لإيجاد حلول مقترحة يمكن أن تقدم علاجاً للصعوبة. لا يؤخذ في الاعتبار في هذه المرحلة موثوقية الحلول المقترحة أو تقييمها، إنما الهدف هو توقع المتاح بأكمله لتحدث المفاضلة لاحقاً بين البدائل المقترحة وفق معايير تتناسب مع ظروف الصعوبة وتفاعلاتها.
- تقييم الحلول:
تعتمد هذه الخطوة على نتاجات عملية العصف الذهني التي أنتجت مجموعة من الحلول المقترحة للصعوبة. يتم اختبار الحلول المقدمة جميعها ضمن معايير المفاضلة لعوامل حدوث الصعوبة ونتاجاتها، وتقييم الحلول بناءً على ما تقدمه من شعور وتأثير على الموقف بصورة مثلى وعلى المدى القصير والطويل وإمكانية تطبيق الحل عملياً.
- اختيار الحل المناسب:
يعتمد اختيار الحل المناسب على نتاجات تقييم الحلول المقترحة لاختيار الحل الأكثر ملاءمة لظروف الصعوبة ومتغيراتها.
- تطبيق الحل:
تعتبر جميع الخطوات السابق ذكرها خطوات لتخطيط عملية آلية التعامل مع الصعاب، وتمثل خطوة تطبيق الحل النموذج الانتقالي من مرحلة التخطيط إلى مرحلة التطبيق والإسقاط الواقعي. قد تتضمن عملية تطبيق الحلول خطوات عديدة قد لا تنجح بتحقيق أهدافها بالمحاولة الأولى، كما أن هذه المرحلة لا تتسم عادة بالسهولة وتحتاج إلى إدارة منهجية تراعي تنظيم التطبيق وتكرار المحاولات.
- المراجعة:
تتطلب عملية آلية التعامل مع الصعاب خبرة وتعلماً وممارسة ودراية. وأهم ما يقوم به الفرد خلال تنفيذه لحل الصعوبة هو تدوين مراحلها وخطوات الحل ليقوم بمراجعة مستمرة وتقييم واضح لمسار كل خطوة وإجراء التعديلات اللازمة التي تتطلبها الظروف والمتغيرات حسب ما تظهره نتائج المراجعة. بما أن عملية آلية التعامل مع الصعاب مرحلة مستمرة، فإن استمرار المراجعة مطلب مهم لدراسة ظروف التنفيذ، وتغيير الخطوات والزيادة عليها، ومراقبة التطبيق والمحاولات، وتوفير تصور واضح ومستمر حول نتاجات الحل وقياس نجاحه.
سمات شخصية تعين على التعامل مع الصعاب
يمكن النظر إلى عملية آلية التعامل مع الصعاب باعتبارها مهارة مكتسبة يتقنها المتدربون بصورة مثلى كلما اكتسبوا خبرات وتجارب أكثر في هذا الجانب. ينبغي أن يتمتع الخبير في حل الصعاب ببعض الخصائص التي تمكنه من فهم تفاصيل الصعوبة وحلها بأسلوب إبداعي؛ كأن يكون ذا اتجاه إيجابي مثابر يؤمن بقدرته وشخصيته في مواجهة العقبات. كما ينبغي أن يكون حريصاً على فهم الحقائق بجميع معطياتها ومصادرها، وتغليب التأمل والتحليل والتجزئة على التخمين والتوقع غير المستند على معلومات منطقية.
المراجع
- “معنى مشكلة”، معجم المعاني.
- “المنهج العلمي لتشخيص وحل المشكلات الإدارية”، مركز اعداد القادة للقطاع الحكومي، تم الاطلاع عليه بتاريخ 25-11-2017. بتصرّف.
- محمود طافش، حل المشكلات أسلوب مميز لتعليم مهارات التفكير، عمان- الأردن: كادر، صفحة 1. بتصرّف.
- مركز الصحة النفسية عبر الثقافات (2005)، المرشد العملي- حل المشكلات ووضع الأهداف (الطبعة الأولى)، استراليا: مركز الصحة النفسية عبر الثقافات، صفحة 1-6. بتصرّف.
- موسى معوض (12-11-2013)، “مفهوم حل المشكلات”، شبكة الألوكة، تم الاطلاع عليه بتاريخ 23-11-2017. بتصرّف.