مواقف الصحابة الكرام تجاه من أساء للصحابة
يُعدّ سبّ الصحابة الكرام من الأمور المُحرّمة شرعاً، فقد حثّ النبي صلى الله عليه وسلم على احترامهم وتوقيرهم، وذلك لما لهم من مكانة عظيمة في الإسلام وما بذلوه من جهود جبارة في نشر الدعوة الإسلامية. فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لَا تَسُبُّوا أَصْحَابِي، فَلَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ أَنْفَقَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا مَا بَلَغَ مُدَّ أَحَدِهِمْ وَلَا نَصِيفَهُ).[٢]
حكم سبّ الصحابة جميعاً أو فرداً منهم
اتفق جمهور العلماء على أن سبّ الصحابة، سواءً جماعة أو فرداً منهم، يُعدّ من الكبائر، بل ذهب بعضهم إلى أنّه كفر. وقد بيّن الإمام السبكي -رحمه الله- قوله: “فإن سب الجميع لا شك أنه كفر، وهكذا إذا سب واحداً من الصحابة حيث هو صحابي”.[٣]
آراء الصحابة في وجوب اجتناب سبّ الصحابة
تُظهر أقوال الصحابة رضوان الله عليهم حرصهم الشديد على حماية سيرة الصحابة من أي تشويه أو انتقاص. نذكر هنا بعض هذه الآراء:
- عن عائشة رضي الله عنها قالت: (أُمِرُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لأَصْحَابِ النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ فَسَبُّوهُمْ).[٤]
- قال عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: (لَا تَسُبُّوا أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ، فَلَمَقَامُ أَحَدِهِمْ سَاعَةً خَيْرٌ مِنْ عَمَلِ أَحَدِكُمْ عُمْرَهُ).[٥]
- قال ابن عمر رضي الله عنهما: (لَا تَسُبُّوا أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ، فَلَمَقَامُ أَحَدِهِمْ سَاعَةً خَيْرٌ مِنْ عِبَادَةِ أَحَدِكُمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً).[٦]
- قال ابن عباس رضي الله عنهما: (لَا تَسُبُّوا أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ، فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ أَمَرَ بِالِاسْتِغْفَارِ لَهُمْ، وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُمْ سَيُقْتَلُون).[٧]
هذه الأقوال تُبرز مدى عظم مكانة الصحابة عند الله ورسوله، ووجوب احترامهم وتقديرهم.
التوقير الواجب للصحابة الكرام
يُؤكد الشرع الحنيف على وجوب احترام الصحابة جميعاً، دون استثناء. فقد ورد عن السلف الصالح ما يدل على ذلك، فعلى المسلم أن يُقدّر مكانتهم ويثني عليهم. نورد بعض النصوص التي تُبرز ذلك:
- رواية عن أم عمر بنت حسان بن يزيد، تُبيّن حرص علي بن أبي طالب رضي الله عنه على تجنب الخلاف والفتنة بين المسلمين، وذلك من خلال نصيحته لهم بتجنب الكلام المُسيء في حق عثمان بن عفان رضي الله عنه.[٩،١٠]
- قصة سعيد بن زيد مع من أحب علياً ومن أبغض عثمان رضي الله عنهما، تُوضح أهمية التوسط والبعد عن الغلو في الحب والبغض.[١١]
- قول علي رضي الله عنه: (لَيُحِبُّنِي قَوْمٌ حَتَّى يَدْخُلُوا النَّارَ فِيَّ، وَلَيُبْغِضُنِي قَوْمٌ حَتَّى يَدْخُلُوا النَّارَ فِي بُغْضِي).[١٢]
- حديث علي رضي الله عنه يُشدّد على عدم التفضيل بين الصحابة.[١٣]
- حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه يحث على تجنب سبّ حواريي رسول الله صلى الله عليه وسلم.[١٤]
هذه الأقوال والروايات تُبرز ضرورة الالتزام بالوسطية والعدل في التعامل مع سيرة الصحابة الكرام، ووجوب تجنب أي تصرف يُسيء إليهم أو ينتقص من مكانتهم.
الخاتمة
إنّ احترام الصحابة وتقديرهم واجب على كل مسلم، فهم الذين حملوا راية الإسلام ونشروا تعاليمه، وبذلوا الغالي والنفيس في سبيل ذلك. يجب علينا أن نتعلم من سيرهم العطرة، ونتجنب كل ما من شأنه أن يُسيء إليهم أو يُقلل من مكانتهم العظيمة في قلوبنا وعقولنا.
المراجع
الكتاب | المؤلف | الصفحة | الرقم | الرواية |
---|---|---|---|---|
المنهاج في شعب الإيمان | الحليمي | 123، جزء 2 | ||
الصحيح | البخاري | 3673 | عن أبي سعيد الخدري | |
فتاوى السبكي | تقي الدين السبكي | 575، جزء 2 | ||
صحيح مسلم | مسلم | 3022 | عن عروة بن الزبير | |
فضائل الصحابة | أحمد بن حنبل | 15 | عن ابن عمر | |
فضائل الصحابة | أحمد بن حنبل | 20 | عن ابن عمر | |
فضائل الصحابة | أحمد بن حنبل | 18 | عن ابن عباس | |
مختصر منهاج السنة | ابن تيمية | 75 | ||
فضائل الصحابة | أحمد بن حنبل | 729 | عن يزيد أبو الغصن | |
فضائل الصحابة | أحمد بن حنبل | 963 | عن سعيد بن زيد | |
السنة | ابن أبي عاصم | 983 | عن علي بن أبي طالب | |
السنة | ابن أبي عاصم | 993 | عن علي بن أبي طالب | |
السنة | ابن أبي عاصم | 999 | عن أبي سعيد الخدري |
جدول المحتويات
مواقف الصحابة الكرام تجاه من أساء للصحابة |
حكم سبّ الصحابة جميعاً أو فرداً منهم |
آراء الصحابة في وجوب اجتناب سبّ الصحابة |
التوقير الواجب للصحابة الكرام |
الخاتمة |
المراجع |