رأي الشرع في أكل فرس البحر
الأصل في جميع الأشياء هو الإباحة ما لم يرد نص صريح بالتحريم. كما قال الله تعالى: (قُل تَعالَوا أَتلُ ما حَرَّمَ رَبُّكُم عَلَيكُم أَلّا تُشرِكوا بِهِ شَيئًا وَبِالوالِدَينِ إِحسانًا وَلا تَقتُلوا أَولادَكُم مِن إِملاقٍ نَحنُ نَرزُقُكُم وَإِيّاهُم وَلا تَقرَبُوا الفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنها وَما بَطَنَ وَلا تَقتُلُوا النَّفسَ الَّتي حَرَّمَ اللَّـهُ إِلّا بِالحَقِّ ذلِكُم وَصّاكُم بِهِ لَعَلَّكُم تَعقِلونَ).
وبالنظر إلى أن كل ما في البحر حلال أكله استناداً لقوله عز وجل: (أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَّكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ)، فإن تناول فرس البحر، المعروف أيضاً بفرس النهر البحري، يُعتبر جائزاً. ويؤكد هذا الحكم قول النبي صلى الله عليه وسلم: (هو الطهور ماؤه الحلُّ ميتته).
ما هو الحكم الشرعي في أكل لحوم الخيول؟
يرى غالبية العلماء والفقهاء أن أكل لحم الخيل جائز، مستندين إلى ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم: (نهى يوم خيبر عن أكل لحوم الحمر الأهلية ورخص في الخيل). ومع ذلك، كان للإمام أبي حنيفة وتلاميذه رأي مخالف، حيث ذهبوا إلى كراهة أكل لحوم الخيل.
استدل الحنفية بقوله تعالى: (والخَيْلَ والبِغَالَ والحَمِيرَ لِتَرْكبُوها وزِينَة)، مشيرين إلى أن الآية تدل على جواز اتخاذ الخيل للركوب والزينة فقط، دون الإشارة إلى جواز أكلها.
ماذا عن أكل القنفذ والسلحفاة والتمساح في الشريعة؟
يجوز أكل القنفذ، استناداً إلى القاعدة الفقهية التي تقول بأن الأصل في الأشياء الإباحة ما لم يرد نص بتحريمها. ويؤيد ذلك أيضاً قوله تعالى: (قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ).
فيما يتعلق بالسلحفاة، فقد نقل عن بعض العلماء جواز أكلها حتى لو لم يتم تذكيتها، وهذا أيضاً بناءً على عموم قوله تعالى: (أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ). وقوله صلى الله عليه وسلم عن ماء البحر وميتته: (هو الطهور ماؤه الحل ميتته). ومع ذلك، يرى بعض العلماء ضرورة ذبحها قبل أكلها، والأخذ بهذا الرأي هو الأحوط.
أما التمساح، فقد قيل بأنه يأخذ حكم صيد البحر عموماً، استناداً إلى العموم اللفظي في الآية والحديث. بينما يرى آخرون عدم جواز أكله لأنه يعتبر من ذوات الأنياب من السباع.
ما هو الحكم الشرعي للحيوانات التي تعيش في البر والماء؟
يجيز أغلب العلماء والفقهاء أكل الحيوانات البرمائية التي تعيش في البر والبحر، مع استثناء الضفدع بسبب النهي عن قتله. وقد استدلوا بحديث ضعيف روي عن سهل بن سعد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم: (نهى عن قتلِ الخمسةِ، عن النملةِ والنحلةِ والضفدعِ والصُّردِ والهدهدِ).
بالمقابل، يرى فريق آخر من العلماء عدم جواز أكل هذه الحيوانات، معتبرين أن هناك تعارضاً بين دليل جواز أكل صيد البحر ودليل منع تحريم ميتة البر، وبالتالي فإن الاحتياط يقتضي تغليب التحريم. والله أعلم.
المصادر
- سورة الأنعام، آية:151
- سورة المائدة، آية:96
- رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم:42، صحيح.
- ملتقى أهل الحديث،أرشيف ملتقى أهل الحديث، صفحة 456 16. بتصرّف.
- رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن جابر بن عبدالله، الصفحة أو الرقم:3982، صحيح.
- محمد صالح المنجد،كتاب موقع الإسلام سؤال وجواب، صفحة 8040. بتصرّف.
- سورة النحل، آية:8
- سورة الأنعام، آية:145
- مجموعة من المؤلفين،كتاب: فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، صفحة 1222-1566. بتصرّف.
- رواه البيهقي، في السنن الكبرى للبيهقي، عن سهل بن سعد، الصفحة أو الرقم:317، ضعيف.
- مجموعة من المؤلفين،كتاب فتاوى الشبكة الإسلامية، صفحة 913. بتصرّف.