آداب طالب العلم مع القرآن
يُعدّ قارئ القرآن الكريم محظوظاً، فله مكانة عظيمة عند الله -تعالى- في الدنيا والآخرة كما ورد في قوله -تعالى-:
إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّاً وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَّن تَبُورَ* لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُم مِّن فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ﴾،[١]
من واجب طالب العلم أن يتحلى بأخلاق وآداب القرآن الكريم، ومن أهمها ما يلي:
الإخلاص لله في تلاوة القرآن
يُحذّر النبي -صلى الله عليه وسلم- من النفاق في قراءة القرآن، ويؤكد أنّ هؤلاء أول من يُحاسب يوم القيامة. قال -صلى الله عليه وسلم-:
إنَّ أوَّلَ النَّاسِ يُقْضَى يَومَ القِيامةِ عليه رَجُلٌ تَعَلَّمَ العِلْمَ، وعَلَّمَهُ وقَرَأَ القُرْآنَ، فَأُتِيَ به فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَها، قالَ: فَما عَمِلْتَ فيها؟ قالَ: تَعَلَّمْتُ العِلْمَ، وعَلَّمْتُهُ وقَرَأْتُ فِيكَ القُرْآنَ، قالَ: كَذَبْتَ، ولَكِنَّكَ تَعَلَّمْتَ العِلْمَ لِيُقالَ: عالِمٌ، وقَرَأْتَ القُرْآنَ لِيُقالَ: هو قارِئٌ، فقَدْ قيلَ، ثُمَّ أُمِرَ به فَسُحِبَ علَى وجْهِهِ حتَّى أُلْقِيَ في النَّارِ).[٣]
أن يكون متقناً للتلاوة
يُوصي الله -تعالى- بتلاوة القرآن الكريم تلاوة متقنة، كما جاء في قوله -تعالى-:
﴿أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً﴾،[٤]
كما أكد النبي -صلى الله عليه وسلم- على أهمية ذلك فقال:
مَثَلُ الذي يَقْرَأُ القُرْآنَ وهو حافِظٌ له، مع السَّفَرَةِ الكِرامِ البَرَرَةِ، ومَثَلُ الذي يَقْرَأُ وهو يَتَعاهَدُهُ، وهو عليه شَدِيدٌ؛ فَلَهُ أجْرانِ).[٥]
أن يقرأ القرآن ويعمل به
لا يكفي قراءة القرآن وحفظه دون العمل بما فيه. فالرسول -صلى الله عليه وسلم- يقول:
من قرأ القُرآنَ وعَمِل بما فيه؛ أُلبِسَ والداه تاجًا يومَ القيامةِ ضَوءُه أحسَنُ من ضوءِ الشَّمسِ في بُيوتِ الدُّنيا، لو كانت فيكم فما ظنُّكم بالذي عَمِلَ بهذا).[٦]
أن يختم القرآن الكريم في سبعة أيام
يُستحبّ لطالب العلم أن يختم القرآن الكريم في سبعة أيام، ولا يزيد على ذلك إن أمكن. فقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم- لعبد الله بن عمر:
اقْرَإِ القُرْآنَ في شَهْرٍ قُلتُ: إنِّي أجِدُ قُوَّةً حتَّى قالَ: فاقْرَأْهُ في سَبْعٍ ولا تَزِدْ علَى ذلكَ).[٧]
تحسين الصوت وتزيينه
يُعدّ تحسين الصوت وتزيينه عند قراءة القرآن الكريم من السنن المستحبة. قال النبي -صلى الله عليه وسلم-:
ما أذِنَ اللَّهُ لِشيءٍ ما أذِنَ لِنَبِيٍّ حَسَنِ الصَّوْتِ يَتَغَنَّى بالقُرْآنِ يَجْهَرُ بهِ)،[٩]
وقال -صلى الله عليه وسلم- أيضًا:
زيِّنوا القُرْآنَ بأصواتِكُم).[١٠]
آداب أخرى لطالب العلم مع القرآن
إضافة إلى ما سبق، هناك بعض الآداب الأخرى التي يُنصح باتباعها عند قراءة القرآن:
- طهارة الجسد: بأن يكون على وضوء.
- طهارة المكان: مثل المسجد، واستعمال السواك.
- استقبال القبلة: في قراءته.
- البداية بالاستعاذة: لقوله -تعالى-: ﴿فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ﴾.[١١]
- قراءة القرآن في الليل: لقوله -صلى الله عليه وسلم-:(وإذا قامَ صاحِبُ القُرْآنِ فَقَرَأَهُ باللَّيْلِ، والنَّهارِ ذَكَرَهُ، وإذا لَمْ يَقُمْ به نَسِيَهُ).[١٣]
- الإنصات والاستماع لقراءة القرآن الكريم: لقولة الله -تعالى-: ﴿وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُواْ لَهُ وَأَنصِتُواْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾.[١٥]
- الالتزام بالقراءة المعروفة: وألا يخلط بين القراءات في الصلاة.
- التكبير عند ختم القرآن: بين السور القرآنية من بعد سورة الضحى إلى آخر القرآن الكريم، وهذه قراءة المكيين.[١٧]
هذه بعض آداب طالب العلم مع القرآن الكريم، التي يُنصح بالالتزام بها لضمان الاستفادة من كتاب الله -تعالى- وفهم معانيه على أكمل وجه.
المراجع:
- سورة فاطر ، آية:30-29
- أبتثالنووي،التبيان في آداب حملة القرآن، صفحة 72. بتصرّف.
- رواه مسلم ، في صحيح مسلم ، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:1905، صحيح.
- سورة المزمل ، آية:4
- رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة، الصفحة أو الرقم:4937، صحيح.
- رواه أبو داود ، في سنن أبي داود، عن سهل بن معاذ بن أنس، الصفحة أو الرقم:1453، سكت عنه وقد قال في رسالته لأهل مكة كل ما سكت عنه فهو صالح.
- رواه البخاري ، في صحيح البخاري ، عن عبد الله بن عمرو، الصفحة أو الرقم:5054، صحيح.
- محمد عقيلة،الزيادة والإحسان في علوم القرآن، صفحة 249. بتصرّف.
- رواه مسلم ، في صحيح مسلم ، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:792، صحيح.
- رواه الألباني ، في النسائي، عن البراء بن عازب، الصفحة أو الرقم:1014، صحيح.
- سورة النحل ، آية:98
- محمد بن إسحاق،فوائد ابن منده، صفحة 79. بتصرّف.
- رواه مسلم ، في صحيح مسلم، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم:789، صحيح.
- خالد الخراز،موسوعة الأخلاق، صفحة 186. بتصرّف.
- سورة الأعراف ، آية:204
- أحمد حطيبة،الجامع لأحكام الصيام وأعمال رمضان، صفحة 4. بتصرّف.
- عبد القادر محمد منصور،موسوعة علوم القرآن، صفحة 121. بتصرّف.