محتويات
آداب الحوار في الإسلام: نحو حوار هادف وبناء
يُعدّ الحوار أحد ركائز التواصل الفعال في المجتمع الإسلامي، وله آدابٌ محددة تسعى لضمان تحقيق أهدافه من بناء جسور التواصل والتفاهم. هذه الآداب ليست مجرد قواعد شكلية بل هي مبادئ أخلاقية تُسهم في جعل الحوار وسيلة فعالة لبناء علاقات قوية وهادفة.
الالتزام بالكلام الطيب أثناء الحوار: لسانًا رقيقًا وقلبًا صافٍ
فمن أهم أسس الحوار في الإسلام هو الالتزام بالقول الحسن، والابتعاد عن القول القبيح. ففي القرآن الكريم نجد أمرًا واضحًا من الله تعالى: {وَجادِلهُم بِالَّتي هِيَأَحسَنُ}.[٢] يحثّنا هذا اللفظ على اختيار الكلمات الرقيقة الهادفة، واختيار النبرة المناسبة، فذلك يدلّ على لسان رقيق وقلب صافٍ.
تجنب أسلوب التحدي والتعسف في الحوار: كسب القلوب أولى من كسب المواقف
إنّ كسب القلوب هو الهدف الحقيقي من الحوار، فمن الممكن إقناع الطرف الآخر بالحجة والبرهان، لكنّ ذلك لا يعني بالضرورة كسب قلبه. أسلوب التحدي يُشكل عائقًا أمام التسليم، ويبعد الطرف الآخر عن القناعة الحقيقية. يجب على المسلم أن يسعى جاهدًا لكسب القلوب، فذلك خيرٌ له من استقطاب المزيد من الأعداء.
تحديد وقت محدد للحوار: احترام الوقت واحترام الطرف الآخر
من آداب الحوار احترام وقت الطرف الآخر، ومن الواجب ألا يستأثر المتحدث بالكلام لنفسه، أو يستطيل بالحديث دون مبرر. يوصي ابن عقيل -رحمه الله- في كتابه فن الجدل: “وليتناوبا الكلام مناوبة لا مناهبة، بحيث ينصت المعترض للمُستَدِلّ حتى يفرغ من تقريره للدليل، ثم المُستدِلُّ للمعترض حتى يُقرر اعتراضه، ولا يقطع أحد منها على الآخر كلامه وإن فهم مقصوده من بعضه”.[١]
إخلاص النية لله تعالى: هدف سامٍ وحوار بناء
من أهم أسرار نجاح الحوار هو إخلاص النية لله تعالى قبل الخوض فيه، فذلك يساعد على تحقيق أكبر فائدة من الحوار بموضوعية. الهدف من الحوار هو الوصول إلى الحقيقة وإيصالها بطريقة بناءة دون إهانة أو تحقير للطرف الآخر.
حسن الاستماع وأدب الإنصات: قلب مفتوح وعقل متفتح
إنّ حسن الاستماع للطرف الآخر من أهم آداب الحوار، فعلى المستمع أن يُظهر لباقةً في الإصغاء، وأن يتجنب قطع حديث المُحاور إلّا للضرورة. فمن الخطأ أن يركز المستمع فقط على التفكير في الردّ دون الانتباه لما يقوله الطرف الآخر. كما قال ابن المقفع -رحمه الله-: “تَعلَّمْ حُسن الاستماع كما تتعلم حسن الكلام؛ ومن حسن الاستماع: إمهال المتكلم حتى ينقضي حديثه، وقلة التلفت إلى الجواب، والإقبال بالوجه، والنظر إلى المتكلم، والوعي لما يقول”.[١]
التجرد في طلب الحق: البحث عن الحقيقة مهما كانت
يُعدّ اتباع الحقّ، والسعي للوصول إلى الصواب، والحرص على الاعتراف به والالتزام فيه من أهم قواعد الحوار. فذلك يُ導 الحوار إلى طريق مستقيم، بعيدًا عن هوى الجمهور أو الرغبات الشخصية. العاقل الصادق يبحث عن الحقّ، مهما كانت صورته، وينشد الصواب ويتجنب الخطأ.
الصبر والحلم: صفاتٌ تُزّين الحوار وتُحييه
يشمل الصبر على مواصلة الحوار، والصبر على سوء خلق المحاور إن كان سيء الخلق، والصبر عند استهزاء الخصم، والصبر على شهوة النفس في الانتصار على الخصم، والصبر على النفس وضبطها. تُعدّ هذه الصفات من أهمّ المقومات التي تُزّين الحوار وتُحييه، وتساعد على تجاوز الصعاب وتخطي العقبات.
أهمية الحوار في الإسلام: وسيلة لبناء مجتمع مترابط
أولي الإسلامُ الحوارَ أهميةً خاصةً، فهو أسلوب التواصل والتفاهم بين الناس، والطريقة الأُولى للتعارف والتآلف بينهم. يُعدّ الحوار أيضًا منهج الدعوة والإصلاح في المجتمع، وسبيل التربية والتعليم لنشأة الأجيال، ولخلق التقارب والالتقاء فيما بينهم. الهدف من الحوار هو بيان الحقّ دون حدوث خسائر أو إرسال الإهانات لأحد طرفي الحوار.
لضمان نجاح الحوار بين طرفيه، لا بدّ أن يتّسم مجلس الحوار بآداب وضوابط محددة، وأن يتصف المحاورون بصفات وأخلاق حميدة.
المراجع
- أبتثجحصالح بن عبدالله بن حميد،”أصول الحوار وآدابه في الإسلام”،صيد الفوائد، اطّلع عليه بتاريخ 28/1/2022. بتصرّف.
- سورة سورة يونس، آية:125
- أب”آداب الحوار “،طريق الإسلام، 1/1/2015، اطّلع عليه بتاريخ 28/1/2022. بتصرّف.
- محمود صالح (18/9/2013)،”أهمية الحوار”،الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 28/1/2022. بتصرّف.