آثار الرسالة الإسلامية على الإنسانية

أثر تعاليم الإسلام في حياة البشر. فهم الغاية من الوجود. طريق الاستقامة والصلاح. تنظيم العلاقات بين الأفراد. نبذ التعصب. إشاعة الأمان والسلام في المجتمع.

أثر الإسلام على بني البشر

لقد جاء الإسلام ليلبي حاجة الفطرة البشرية إلى الاتصال بخالقها، وليزرع بذور الخير في أعماق النفس الإنسانية، فتنمو وتزدهر، مما يمنح النفس البشرية الراحة والسلام الداخلي، وهذا ما يجعل الإسلام حاجة أساسية لا غنى عنها.

قال تعالى: (فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّـهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّـهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ) [الروم: 30]. لقد جاء الإسلام ليصون الدين، سواءً بتأسيسه في النفوس أولاً، أو برعايته والعمل بما يعززه ويساهم في استمراريته.

إدراك الغاية من الحياة

لقد خلق الله سبحانه وتعالى الإنس والجن لغاية عظيمة، وهي عبادته، وجعل لكل منهما طريقة مختلفة في العبادة.

قال تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) [الذاريات: 56].

فعبادة البشر تتجلى في الاستخلاف في الأرض وعمارتها.

قال تعالى: (وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً) [البقرة: 30].

ويتحقق الاستخلاف من خلال الإنفاق في سبيل الله، مصداقاً لقوله تعالى: (وَأَنفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُم مُّسْتَخْلَفِينَ فِيهِ) [الحديد: 7]. فالملك لله، وقد وكّل عباده به ليكتمل مفهوم الاستخلاف الذي خلق الله الإنسان من أجله.

الاعتدال والإصلاح

أنقذ الله عباده من ظلمات الكفر والضلال، وهداهم إلى نور المعرفة والعلم، وأرسل الرسل لإرشادهم إلى خالقهم وحثهم على سلوك طريقه القويم، ونهيهم عن الوقوع في المعاصي.

قال تعالى: (اللَّـهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ) [البقرة: 257].

ليخلصهم بذلك من مصير النار.

تنظيم التعاملات الإنسانية

وضع الإسلام أسسًا للتعامل بين البشر في جميع جوانب حياتهم، بما يتماشى مع أحكامه، ولا يمكن اللجوء إلى القوانين الوضعية إلا في حال غياب نص شرعي، وبشرط أن تتوافق هذه القوانين مع أحكام الشريعة. وما وضعته الشريعة من قوانين يتميز بصلاحيته لكل زمان ومكان.

ينبغي أن يكون كل ما يفعله الإنسان في حياته اليومية، وفي جميع المجالات، مباحًا، وأن يسلك الطريق المباح لتحقيق ذلك، فيحرص على أن تكون الوسيلة والغاية مباحتين. وقد قالت عائشة رضي الله عنها: (مَن عَمِلَ عَمَلاً ليسَ عليه أمْرُنا فَهو رَدٌّ).

وروى أنس بن مالك رضي الله عنه فقال:(فمَن رَغِبَ عن سُنَّتي فليسَ مِنِّي).

تقوم جميع التعاملات على أساس التسامح، لتكون سببًا في التواد والتحابب بين أفراد المجتمع. فقد روى جابر بن عبد الله رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (رَحِمَ اللَّهُ رَجُلاً سَمْحاً إذا باعَ، وإذا اشْتَرَى، وإذا اقْتَضَى).

نبذ التمييز والتعصب

عزز الإسلام مفهوم الأمة الواحدة بين الناس، وقضى على التعصب القبلي البغيض.

قال تعالى: (إِنَّ هَـذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ) [الأنبياء: 92].

وغرس في النفوس أن الرابطة الإيمانية أقوى من رابطة الدم، وبدأ الإسلام بذلك، فوكّل حق الثأر للدولة، ورفع يد القبيلة عنه.

وجعل مهمة القبيلة في هذه الحالة هي تسليم القاتل لولي الأمر، الذي يتولى استيفاء الحق.

قال تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّـهِ أَتْقَاكُمْ) [الحجرات: 13].

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (والنَّاسُ بنو آدمَ، وخلقَ اللَّهُ آدمَ من الترابِ، قالَ اللَّهُ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ).

نشر الأمن والاستقرار

أولى الإسلام اهتمامًا بالغًا لحماية حق الحياة، وحق العمل والكسب المشروع لغير المسلمين في المجتمع. وكان التسامح هو الأساس الذي تقوم عليه العلاقة بين المسلمين وأهل الكتاب. وكفلت الدولة حق المعونة الاجتماعية للعاجزين والمرضى وغير القادرين على العمل.

وبذلك، ضمنت الدولة الإسلامية الأمن والأمان لغير المسلمين في الدولة الإسلامية على أنفسهم وأعراضهم وأموالهم، طالما التزموا بالعهد وأدوا الشروط التي وضعتها الدولة الإسلامية عليهم.

تحقيق الارتقاء الروحي والخلقي

حققت الشريعة الإسلامية الارتقاء بالروح والأخلاق لكل من ينتسب إليها، وذلك من خلال الحرص على تقوى الله ومحاسبة النفس.

قال الله تعالى: (وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّـهِ ثُمَّ تُوَفَّىٰ كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ) [البقرة: 281].

المراجع

  1. أبناقص ،مقاصد الشريعة الإسلامية، صفحة 7. بتصرّف.
  2. سورة الروم، آية:30
  3. سورة الذاريات، آية:56
  4. أبمحمد عبد الرحيم (2010)،وقفات مع قضايا معاصرة شبهات ردود(الطبعة 1)، الأردن :بداية للإنتاج الإعلامي، صفحة 31-32. بتصرّف.
  5. سورة البقرة، آية:30
  6. سورة الحديد، آية:7
  7. سورة البقرة، آية:257
  8. عبد العزيز بن باز (2002)،الدعوة إلى الله وأخلاق الدعاة(الطبعة 4)، الرياض:رئاسة إدارة البحوث العلمية والإفتاء، صفحة 41-42. بتصرّف.
  9. رواه مسلم ، في صحيح مسلم ، عن أنس بن مالك ، الصفحة أو الرقم:1401 ، صحيح .
  10. أبمحمد الجوابي (2000)،المجتمع والأسرة في الإسلام(الطبعة 2)، ارياض:دار عالم الكتب، صفحة 37-38. بتصرّف.
  11. رواه مسلم ، في صحيح مسلم ، عن عائشة أم المؤمنين ، الصفحة أو الرقم:1718، صحيح .
  12. رواه البخاري ، في صحيح البخاري ، عن جابر بن عبد الله ، الصفحة أو الرقم:2076 ، صحيح .
  13. محمد الجوابي (2000)،المجتمع والأسرة في الإسلام(الطبعة 3)، الرياض:دار عالم الكتب، صفحة 38. بتصرّف.
  14. سورة الأنبياء، آية:92
  15. رواه الألباني ، في صحيح الترمذي ، عن عبد الله بن عمر ، الصفحة أو الرقم:3270، صحيح .
  16. أبشوقي ضيف (1995)،تاريخ الأدب العربي(الطبعة 1)، مصر:دار المعارف، صفحة 19، جزء 2. بتصرّف.
  17. سورة الحجرات، آية:13
  18. عبد الله التركي ،الأمن في حياة الناس وأهميته في الإسلام، صفحة 78-79. بتصرّف.
  19. سورة البقرة، آية:281
  20. عبد الله جار الله (1418)،كمال الدين الإسلامي(الطبعة 1)، المملكة العربية السعودية :وزارة الشئون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، صفحة 46، جزء 2. بتصرّف.
Total
0
Shares
المقال السابق

تصنيع نترات البوتاسيوم في البيت – دليل مُفصل

المقال التالي

استعدادات الزفاف للعروس: دليل شامل

مقالات مشابهة