آتى أمر الله: تفسير الآية الكريمة ودلالاتها

تفسير الآية الكريمة

فهم آية “أتى أمر الله”

تُعدّ الآية الكريمة “أتى أمر الله فلا تستعجلوه” من سورة النحل من الآيات المهمة التي تُناقش مسائل أساسية في العقيدة الإسلامية. وتُلقي الضوء على حقيقة اقترب الساعة وأحداث يوم القيامة، كما تُشكل هذه الآية موضوعاً لعدة تفاسير مختلفة.

الآية الكريمة ونبذة عن معناها

تقول الآية الكريمة في سورة النحل:

(أَتى أَمرُ اللَّهِ فَلا تَستَعجِلوهُ سُبحانَهُ وَتَعالى عَمّا يُشرِكونَ)

وتشير هذه الآية إلى أنّ أمر الله قد حان، وهو أمر لا ينبغي لنا التسرع فيه.

اختلاف المفسرين حول دلالة “أتى أمر الله”

لقد اختلف المفسرون حول معنى “أتى أمر الله” في هذه الآية.

مفهوم الأمر بمعنى الفرائض والحدود:

بعض المفسرين يرى أنّ “أتى أمر الله” يشير إلى قدوم الفرائض والحدود الإلهية، ويرون أنّ الله تعالى قد شرع أحكامه وشرائعه. وهذا الرأي يعتمد على تفسير بعض العلماء، مثل الضحاك، الذي رأى أنّ المقصود هو “أتى أمر الله” أي فرائضه، وحدوده، فردّ عليه ابن جرير قائلاً: “لا نعلم أحداً استعجل بالفرائض وبالشرائع قبل وجودها، بخلاف العذاب، فإنّهم استعجلوه قبل كونه استبعاداً وتكذيباً”.[3]

مفهوم الأمر بمعنى اقتراب الساعة:

ويرى آخرون أنّ “أتى أمر الله” يدل على اقتراب الساعة وعذاب يوم القيامة. يُؤيد هذا الرأي استخدام الله تعالى لِـ “أتى” في صيغة الماضي، مما يُشير إلى أنّ الأمر قد حدث فعلاً.

يُمكن أن يكون ضمير الهاء في “فلا تستعجلوه” عائدًا على الله تعالى، أو على العذاب. وروي عن الضّحاك في تفسير الآية أنّه قال: “أتى أمر الله”؛ أي فرائضه، وحدوده، فردّ عليه ابن جرير قائلاً: “لا نعلم أحداً استعجل بالفرائض وبالشرائع قبل وجودها، بخلاف العذاب، فإنّهم استعجلوه قبل كونه استبعاداً وتكذيباً”. [3]

وتؤكد هذه الآية الكريمة أنّ الله تعالى هو صاحب الأمر، وأنّ عليه وحده حقّ اتخاذ القرار، وأنّ يوم القيامة سيأتي حتماً، ولا يمكن للإنسان تحدّي هذا المصير المقدر.

دليل على اقتراب الساعة

تُعدّ الآية الكريمة “أتى أمر الله” إشارة إلى أنّ الله تعالى يُخبر عباده باقتراب الساعة وقرب وقوعها. وتأكيد هذا المعنى يتضح من استخدام الله تعالى لِـ “أتى” في صيغة الماضي، مما يُشير إلى أنّ الأمر قد حدث فعلاً.

علامات الساعة الصغرى:

لقد ذكر الرسول صلى الله عليه وسلم بعض العلامات التي تدلّ على اقتراب الساعة وهي ما يُعرف بالعلامات الصغرى.

من أبرز هذه العلامات التي حدثت:

  • بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم، ووفاته، حيث إنّ أوّل علامات الساعة بعث النبي عليه السلام؛ لأنّه آخر الأنبياء والمرسلين، وليس بينه وبين الساعة نبيٌ آخر، حيث قال الرسول:(بُعثتُ أنا والساعةُ كهاتينِ قال وضمَّ السبابةَ والوسطى). [8]
  • فتح بيت المقدس، الذي تمّ في عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
  • طاعون عمواس، وقيل هو الموتان الذي أخبر عنه النبي صلّى الله عليه وسلّم في الحديث الشريف، وقد وقع هذا الطاعون في العام الثامن عشر للهجرة، ومات فيه خمسةً وعشرين ألفاً من المسلمين، منهم: أبو عبيدة، عامر بن الجراح رضي الله عنه.

أحداث الساعة الكبرى

تبدأ أحداث قيام الساعة بالنفخ في الصور، عندها يستيقظ أهل القبور، ويخرجون من قبورهم شعث الروؤس، غُبُر الأبدان؛ لأنّ الصيحة افزعتهم، وقرعت أسماعهم النفخة، كما قال الله تعالى:

(وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذَا هُم مِّنَ الْأَجْداثِ إِلَى رَبِّهِمْ يَنسِلُونَ)

ومن الجدير بالذكر أنّ الله تعالى أوكل مهمة النفخ في الصور إلى أحد الملائكة العِظام، وهو إسرافيل عليه السلام، فهو متهيئ للنفخ فيه منذ أن وكّله الله بهذا، وأمّا الصور فقد ورد في السنة النبوية أنّه عبارة عن آلةٍ على شكل قرنٍ يُنفخ فيها، فقد جاء أعرابي يسأل النبي -عليه السلام- عن الصور، فقال له:( قرنٌ يُنفَخُ فيهِ)، [10]

النفخة الأولى:

وعندما يأمر الله -تعالى- إسرافيل -عليه السلام- بالنفخة الاولى في الصور وهي نفخة الصعق، يموت كلّ من في السموات والارض إلّا ما شاء الله، مصداقاً لقول الله تعالى:

(وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَن شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنظُرُونَ)

النفخة الثانية:

وتأتي هذه الصحية والناس في غفلةٍ عنها، وانشغالٍ في الدنيا، حيث يكونون في أسواقهم، وطرقهم، ومجالسهم، حتى إنّ الثوب ليكون بين الرجلين يتساومان، فما يرسله أحدهما من يده حتى يُنفخ في الصور، ثمّ يأمر الله -تعالى- فيُنفخ في الصور النفخة الثانية، ليستيقظ الأموات، ويُبعثون من قبورهم، ثمّ يُحشرون إلى أرض المحشر، وأمّا بالنسبة للمدّة الزمنية بين النفختين فقد تكون أربعين يوماً، أو أربعين شهراً، أو أربعين سنةً، حيث قال أبو هريرة -رضي الله عنه- أنّه سمع رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- يقول:( بينَ النفخَتَينِ أربَعونَ)، [12]

ولكنّ أبا هريرة -رضي الله عنه- لم يحدّدها؛ لأنّ رسول الله ترك القول مطلق، ولم يحدّده بيومٍ، ولا شهرٍ، ولا سنةٍ. [13]

خاتمة

تُعدّ آية “أتى أمر الله” من الآيات المهمة التي تُلقي الضوء على حقيقة اقتراب الساعة وأحداث يوم القيامة. وتؤكد هذه الآية الكريمة أنّ الله تعالى هو صاحب الأمر، وأنّ عليه وحده حقّ اتخاذ القرار، وأنّ يوم القيامة سيأتي حتماً، ولا يمكن للإنسان تحدّي هذا المصير المقدر.

محتويات

المراجع

  1. سورة النحل، آية: 1.
  2. سورة الأنبياء، آية: 1.
  3. ابن كثير،تفسير القرآن العظيم، سورة النحل، الآية 1. بتصرّف.
  4. سورة هود، آية: 8.
  5. الطبري،جامع البيان في تفسير القرآن، سورة النحل الآية 1. بتصرّف.
  6. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عوف بن مالك الأشجعي، الصفحة أو الرقم: 3176، صحيح.
  7. “العلامات الصغرى التي وقعت”،www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 5-6-2018. بتصرّف.
  8. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 2951، صحيح.
  9. سورة يس، آية: 51.
  10. رواه الألباني، في صحيح الترمذي، عن عبد الله بن عمرو، الصفحة أو الرقم: 3244، صحيح.
  11. سورة الزمر، آية: 68.
  12. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 4814، صحيح.
  13. “أهوال يوم القيامة النفخ في الصور”،articles.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 5-6-2018. بتصرّف.
Total
0
Shares
المقال السابق

Our Mission: Empowering Knowledge Through Technology

المقال التالي

علامات الساعة: دلالاتها وأهميتها في حياة المسلم

مقالات مشابهة