مقتطفات من أقوال السلف حول شهادة الزور
تُعَدّ شهادة الزور من الكبائر، لما لها من آثار وخيمة على الأفراد والمجتمع، فقد حذر منها الإسلام تحذيراً شديداً. وقد نقل لنا التاريخ العديد من أقوال الصحابة والتابعين الذين أوضحوا خطورة هذا الذنب العظيم:
روى عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قوله: “تعدل شهادة الزور بالشرك، وقرأ (فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ)[٢]” . وهذا الكلام يدل على شدة تحريم شهادة الزور ومقارنتها بالشرك الأكبر.
وأيضاً، فسّر ابن عباس رضي الله عنهما قوله تعالى: (وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ)[٢] بأنه: “الافتراء على الله والتكذيب”. موضحاً أن الزور ليس مجرد كذب عادي بل يشمل الكذب على الله.
وقد روي عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن أنه ذكر لعمر بن الخطاب رضي الله عنه انتشار شهادة الزور في أرضهم، فأجاب عمر: “والله لا يُؤْسَرُ رجلٌ في الإسلام بغير عدول”. مبيناً أهمية العدل في الشهادة وعدم قبول الشهادات الزائفة.
كما أشار ابن جرير الطبري في تفسيره لقوله تعالى: (وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ)[٢] إلى أنّه يشمل الكذب والافتراء على الله كقولهم في الآلهة “(ما نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللَّهِ زُلْفى)”[٣]، وغيرها من الأقوال الكاذبة التي تُعتبر شركاً بالله.
وذكر ابن كثير رحمه الله أن قوله تعالى: (فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ)[٢] يُبين ربط الشرك بالله تعالى بقول الزور.
القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة ضد شهادة الزور
لم يقتصر تحريم شهادة الزور على أقوال السلف، بل حظيت بإنكار صريح في كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم.
آيات قرآنية تحرم شهادة الزور
وردت آيات قرآنية كثيرة تحذر من الكذب بشكل عام، ومنها ما يدل دلالة واضحة على تحريم شهادة الزور، مثل قوله تعالى: ﴿وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ﴾ [٢]، وقوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَاماً﴾ [٧]. فالأولى نهي صريح عن قول الزور، والثانية تُشير إلى من يتجنب الشهادة الزور ومجالس الباطل.
أحاديث نبوية تُحذر من شهادة الزور
وقد حذّر النبي صلى الله عليه وسلم من شهادة الزور تحذيراً بليغاً، فقد قال صلى الله عليه وسلم: (أَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِأَكْبَرِ الكَبَائِرِ؟ ثَلَاثًا، قالوا: بَلَى يا رَسُولَ اللَّهِ، قالَ: الإشْرَاكُ باللَّهِ، وَعُقُوقُ الوَالِدَيْنِ – وَجَلَسَ وَكانَ مُتَّكِئًا فَقالَ – أَلَا وَقَوْلُ الزُّورِ، قالَ: فَما زَالَ يُكَرِّرُهَا حتَّى قُلْنَا: لَيْتَهُ سَكَتَ)[٩]. وهذا الحديث يبين أن شهادة الزور من أكبر الكبائر.
وفي حديث آخر، سُئِلَ النبي صلى الله عليه وسلم عن الكبائر فقال: (الإشْرَاكُ باللَّهِ، وعُقُوقُ الوَالِدَيْنِ، وقَتْلُ النَّفْسِ، وشَهَادَةُ الزُّورِ)[١١]. وهذا يوضح مكانتها بين الكبائر.
كما حذر النبي صلى الله عليه وسلم من قول الزور بقوله: (مَن لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ والعَمَلَ به والجَهْلَ، فليسَ لِلَّهِ حاجَةٌ أنْ يَدَعَ طَعامَهُ وشَرابَهُ)[١٢]. وهذا يُبين خطورة الاستمرار في قول الزور وعدم التوبة منه.
بل ذُكر ظهور شهادة الزور كعلامة من علامات الساعة، بقوله صلى الله عليه وسلم: (إنَّ بين يدي الساعةِ شهادةَ الزورِ وكتمانَ شهادةِ الحقِّ)[١٣].
ما هي شهادة الزور؟
تُعرّف الشهادة لغوياً بأنها العلم بالشيء وبيانه، والحضور، واليمين، أما اصطلاحاً فهي إثبات الحق بإخبار صادق أمام القضاء. أما الزور فهو الميل عن الحق إلى الباطل، والعدول عنه. وبالتالي، فإن شهادة الزور هي الشهادة الكاذبة التي تُضيع حقاً في النفس أو المال، أو تُحلل حراماً أو تُحرم حلالاً.
حكم شهادة الزور في الإسلام
تُعَدّ شهادة الزور من كبائر الذنوب، فهي تجمع بين العديد من الكبائر الأخرى، منها الكذب والافتراء، والظلم، وأكل مال الحرام، وتحليل ما حرم الله أو تحريم ما أحلّه، وإقامة الشهادة لغير وجه الله تعالى. لذا، يجب الحذر الشديد منها والابتعاد عنها تماماً.
جدول المحتويات
الموضوع | الرابط |
---|---|
مقتطفات من أقوال السلف حول شهادة الزور | #السلف |
القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة ضد شهادة الزور | #القران_والسنة |
ما هي شهادة الزور؟ | #التعريف |
حكم شهادة الزور في الإسلام | #الحكم |